توجيهات إلى الآباء في كيفية تربية الأبناء -1-
أحمد الجبلي
لا تنفك التربية تخرج عن أحد معنيين، فهي إنا تربية إيجابية أو تربية سلبية. فما معنى التربية الإيجابية التي نعنيها فنتبناها؟ وما هي التربية التي تتعارض معها تعارضا بينا فنجتنبها؟ إننا، كآباء ومربين، ليس لنا اختيار إلا أن نكون أحد النوعين. وأي نوع إلا وتترتب عنه عملية برمجة لسلوكات وأخلاق وتصرفات أبنائنا. أي إما نكون آباء إيجابيين فحتما سنصنع أبناء إيجابيين. وإما أن نكون آباء سلبيين فنصنع أبناء سلبيين. فلا مناص من أن أي أب إلا ويريد أن يكون أبا إيجابيا لا أبا سلبيا. فما هي السبل إذن التي على الأب أن يتبعها ليكون مربيا إيجابيا؟
بداية، لابد أن نعي أن أبناءنا هم فعلا أغلى ما نملك في هذا الوجود. ولذا زين الله بهم حياتنا الدنيا (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وجعلهم ذخرا لنا يوم القيامة إذ يعتبرون من الصفحات الثلاث التي تظل مفتوحة في وجه تدفق الحسنات إلى يوم القيامة « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث… » ومن هذه الثلاث ولد صالح يدعو له.
يقول ستيفن كوفي في كتابه الرائع العادات السبع للأسر الأكثر أهمية: » اجعل أبناءك أعظم مشروع في حياتك، ولا تدع أي شيء يحول دونك ودون تحقيق هذا المشروع » أي إننا شركاء في هذا مع جميع الديانات والملل والنحل الأخرى، فكل واحد من بني البشر إلا ويعمل جادا من أجل أن يكون أبناؤه بالشكل اللائق الذي يجعلهم ناجحين متفوقين إيجابيين وعلى تربية وأخلاق تفيدهم وتفيد مجتمعهم.
إن من أهم ما يجعلنا كآباء مربين إيجابيين أن نعمل على إرسال الرسائل الإيجابية ونتجنب الرسائل السلبية. ونعني بالرسائل الإيجابية كل فعل أو قول يركز فقط على السلوكات الإيجابية التي تصدر عن الطفل، كالمدح والإطراء والشكر والوصف جميع الأوصاف التي تجعله يقتنع أنه فعلا ذكي وقوي أو قادر أو مجد ومجتهد، أو جميل الخلقة وسريع الفهم وذو أخلاق رائعة ومدهشة، وحتى في حالة صدور سلوك سلبي ومشين منه على الآباء أن ينتقدوا السلوك ولا ينتقدوا الذات، كأن يقولوا له: أنت أذكى من أن تقع في هذا، فهنا وصفوا الذات بأنها ذكية ولكنهم قبحوا السلوك لأنه من غير اللائق بطفل ذكي أن يصدر عنه سلوك مشين. أو أن يقال له: هذا السلوك لا يصدر عن طفل رائع وفطن ومتخلق مثلك. إذ الحفاظ على أن يكون الطفل مقدرا لذاته لهو صمام الأمان الذي يجعل منه شخصية قوية تثق في قدراتها ومهاراتها وتبني نمطها في التفكير والسلوك دون إمعية أو تقليد.
1 Comment
نعم استاذي احمد ، التربية إما أن تكون ايجابية أو سلبية ، وبطبيعة الحال نحن من سيجني ثمارها في الدنيا والأخرة . وكما كان قال المرحوم » عبد الله المكانة في حلقته » – غرس لحلو تاكل لحلو أغرس الحار تاكل ما حر منو – . وأنا أتصفح هذه التوجيهات المعاشة المقدمة من طرفكم تبادرت الى ذهني تلك الصورة المقززة والتي أكره رؤيتها في الحياة وهي أن يرسل الأب ابنه أو ابنته لشراء السجائر بالتقسيط من عند بائع السجائر في رأس الدرب . تخيلوا معي رغم أن القانون الوضعي يمنع بيع السجائر للأطفال إلا أن الأب المدمن على التدخين هو من يرسل ابنه أو ابنته لشراء السجائر وبالتقسيط … هنا تتجلى التربية السلبية التي سيكون لها وقع على الأطفال . أما ظاهرة تدخين الأطفال والارتماء في أحضان الشيشة المستوردة من » مصر » والتي ألفنا رؤيتها على الشاشة . أصبحت موجودة وخصصت لها مقاهي ، وهناك من يستعملها داخل المنزل وأمام أعين الأطفال . كيف لا يكون هذا الطفل مدخنا ؟؟؟ ، والأب هوالذي يأمره بالذهاب لشرائها وفي بعض الأحيان ليلا .
التربية الإيجابية أصبحت قليلة إلا من رحم ربي ، أمام تعدد الفضائيات والتقدم التكنولوجي للهواتف الذكية وانخفاض أسعارها وانفتاح الأطفال على العالم عبر النت الذي حول العالم الى قرية صغيرة نطل عليه من نوافذ متعددة ، سلبية كانت أو ايجابية .
فاللهم اصلح أبنائنا وفلدات أكبادنا ولا يفوتني أن أشير دائما الى أطفال ما بعد الطلاق وخاصة في شق التربية الإيجابية السليمة واشراك الأب في التربية وعدم منعه من صلة الرحم مع أطفاله وتحميله جزء من المسؤولية وارغامه على تتبع مسارهم في التربية والتعليم حتى لا يكونوا علة على المجتمع .
أقف هنا والسلام عليكم .
– عكاشة أبو حفصة .