Home»National»المقاربة التشاركية وآفاق النهوض بالتنمية‎

المقاربة التشاركية وآفاق النهوض بالتنمية‎

7
Shares
PinterestGoogle+

فراجي بوشنايف
تفيد المقاربة التشاركية وضع مجموعة من الوسائل والمبادئ رهن إشارة مجموعة بشرية ما لتتخذ قرارا ما، أو تحلل وضعية معينة ليتمكن كل واحد من التعبير عن رأيه، وينخرط في النقاش، لتصبح النتيجة أو القرارات المتخذة صورة فعلية لما أنتجته المجموعة.
وبذلك قد أصبحت المقاربة التشاركية إحدى أهم ركائز العمل الفعال في إعداد وتنفيذ وتقييم برامج عمل الجماعات الترابية، لضمان مشاركة المجتمع المدني بكل مكوناته في تدبير الشأن المحلي. إن هذه لفرصة أراد من خلالها المشرع المغربي إشراك الجميع في كل مراحل المشاريع التنموية قصد المساهمة الفعلية في إعداد البرامج التنموية وفقا لحاجيات الساكنة على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، الرياضي، الثقافي وغيره من المستويات الأخرى.
وفي هذا الإطار، فإن الجمعيات، باعتبارها  اتفاقا لتحقيق تعاون مستمر بين مجموعة بشرية من خلال استخدام معلوماتهم أو نشاطهم من أجل تحقيق النفع العام أو لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم، قد أ صبحت أحد الأركان المحورية ضمن جهود حركة المجتمع المدني المكون أيضا من المنظمات والمؤسسات غير الربحية وغير الحكومية، وأضحت  قوة اقتراحية فعالة و منظمة، تساهم من جهة، في تفعيل التنمية الشاملة و المستدامة، ومن جهة أخرى، في العمل على تحقيق التنمية البشرية.
تعززت الأهمية المتزايدة للجمعيات بفعل عوامل موضوعية مكنتها من تبوىء مكانة متميزة في التنمية المحلية و الوطنية و في صنع السياسات و القرارات العمومية. إن هذا التطور الواضح على مستوى النسيج الجمعوي، عموما، فرض الانتقال من الديمقراطية التمثيلية إلى الديمقراطية التشاركية. فما المراد بالديمقراطية التشاركية؟ وأية مكانة أنيطت بالجمعيات فيها؟ و ما مضمونها و حدود فاعليتها؟ وإلى أي حد ستمكن الديمقراطية التشاركية الفاعلين الجمعويين من لعب الأدوار الناجعة والفعالة في التنمية المحلية و في وضع و صياغة القرارات المحلية و الوطنية؟.
تُعرَف الديمقراطية التشاركية بأنها شكل من أشكال التدبير المشترك للشأن العام المحلي، عن طريق تقوية مشاركة  السكان في اتخاذ القرار السياسي. لهذه الغاية، تتم دعوة الأفراد للقيام باستشارات كبرى تهم مشاريع محلية عن طريق اتخاذ قرارات عمومية تعنيهم بشكل مباشر، و ذلك بإشراكهم في اتخاذ هذه القرارات مع التحمل الجماعي الكامل والمشترك للمسؤوليات المترتبة عنها.
تهدف الديمقراطية التشاركية إلى دَمقرطة الديمقراطية التمثيلية، وتعزيز دور المواطن الذي يجب أن يمتد ليشمل حقه في الإخبار و الاستشارة، و في تتبع و تقييم البرامج التنموية، وبذلك، يكون زمن الديمقراطية التمثيلية المنحصر أساسا في التخلي عن الساكنة بمجرد انتهاء الاستحقاقات الانتخابية قد ولى، وحل محله طابع الديمقراطية التشاركية.
وبالنظر إلى ما تقدم، فإن دستور 2011  قد أولى بالغ الأهمية للمقاربة التشاركية والبعد الالتقائي في إعداد وتدبير المشاريع، ووضع على عاتق مجالس الجماعات الترابية أمانة إرساء الآليات التشاركية للحوار والتشاور وتيسير مساهمة المواطنين والمواطنات والمجتمع المدني في إعداد البرامج التنموية وتتبعها.
ومن هنا، تتضح بجلاء، الدعوة الملكية إلى اعتماد  وسائل تسيير جديدة،  تفيد في رفع  تحديات العولمة والتنافسية الإقليمية والدولية، وتقوم على المقاربة التعاقدية والتشاركية على المستوى الوطني، الجهوي والمحلي، وبذلك تضمن انخراط مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية، ومشاركة المواطنين في مختلف البرامج المحلية.
وعلى إثر ذلك، جاءت  القوانين التنظيمية للجماعات الترابية تحت أرقام: 14-111 و14-112 و 14-113 تهم على التوالي الجهات والعمالات والأقاليم ثم الجماعات، بعدة مقتضيات جديدة في شأن التدبير الاداري والمالي لهذه الوحدات الترابية. وتحدد البرامج التنموية لمدة ست سنوات لتحقيق تنمية مستدامة وفقا لمنهج تشاركي  بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة على أساس أن تتماشى البرامج التنموية المعتمدة مع التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، دون إغفال إدماج البعد البيئي والتغيرات المناخية وتدبير المخاطر في جميع البرامج التنموية والمشاريع السوسيو اقتصادية للجماعات الترابية، كما نص عليه إعلان الرباط لرؤساء ورئيسات الجماعات الترابية بالمغرب حول مكافحة آثار التغيرات المناخية  في أفق احتضان المغرب بمراكش قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 22) ، هذا ويمكن تحيين البرامج التنموية، عند الاقتضاء، ابتداء من  السنة الثالثة من دخولها حيز التنفيذ.
من خلال قراءة القانون  التنظيمي رقم 14-113 يتضح للمهتم بالشأن المحلي أنه تم إلغاء “المخطط الجماعي للتنمية” وتعويضه بـ “برنامج عمل الجماعة” كوثيقة مرجعية للمشاريع التنموية والأنشطة ذات الأولوية الخاصة بالجماعة. ونص أيضا ذات القانون التنظيمي على ضرورة إعداد هذا البرنامج خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجالس وفقا لمنهج تشاركي مع الساكنة والمجتمع المدني وبتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة،  وتماشيا أيضا مع  توجهات برنامج التنمية الجهوية.
وتطبيقا لأحكام المادة 83 من القانون التنظيمي رقم 14-111 ، تحدد المادة  الثالثة من المرسوم رقم 297-16-2 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية ما يلي:
–    تحديد برنامج التنمية الجهوية للأولويات التنموية بالجهة؛
–    مواكبة برنامج التنمية الجهوية  للتوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة والعمل على بلورتها على المستوى الجهوي. مع إدماج التوجهات الواردة  في التصميم الجهوي لإعداد التراب عند وجوده؛
–    اعتماد البعد البيئي لتحقيق التنمية المستدامة؛
–    الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المادية المتوفرة للجهة أو التي يمكن لها تعبئتها. وكذا الالتزامات المتفق في شأنها بين الجهة والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالجهة.
وتطبيقا أيضا لأحكام المادة 80 من القانون التنظيمي رقم 14-112، تحدد المادة  الثالثة من المرسوم رقم 300-16-2 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج تنمية العمالة أو الإقليم الإجراءات التالية:
–    تحديد برنامج التنمية للأولويات التنموية للعمالة أو الإقليم؛
–    مواكبة برنامج تنمية العمالة أو الإقليم  لسياسات وإستراتيجيات الدولة فيما يخص توفير التجهيزات والخدمات الأساسية  والتنموية الاجتماعية في الوسط القروي ومحاربة الإقصاء والهشاشة في مختلف القطاعات الاجتماعية؛
–    السعي إلى تحقيق الانسجام والالتقائية مع توجهات برنامج التنمية الجهوية عند وجوده؛
–    اعتماد البعد البيئي لتحقيق التنمية المستدامة؛
–    الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المادية المتوفرة للعمالة أو الإقليم أو التي يمكن لها تعبئتها. وكذا الالتزامات المتفق في شأنها بين العمالة أو الإقليم والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالعمالة أو الإقليم.
وتطبيقا كذلك لأحكام المادة 78 من القانون التنظيمي رقم 14-113، تحدد المادة  الثالثة من المرسوم رقم 301-06-2 المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة الإجراءات المسطرية التالية:
–    تحديد برنامج عمل الجماعة للأولويات التنموية بالجماعة؛
–    السعي إلى تحقيق الانسجام والانتقائية مع توجهات برنامج التنمية الجهوية وبرنامج تنمية العمالة أو الإقليم عند وجودها؛
–    اعتماد البعد البيئي لتحقيق التنمية المستدامة؛
–    الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المادية المتوفرة للجماعة أو التي يمكن تعبئتها. وكذا الالتزامات المتفق في شأنها بين الجماعة والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالجماعة.
و في الختام، وبعد الاطلاع على القوانين والمراسيم ذات الصلة بالتنمية الترابية، تتضح أهمية البرامج التنموية على مستوى الجماعات الترابية من جهات وعمالات وأقاليم وجماعات،  في النهوض بالشأن المحلي على مختلف الأصعدة التنموية، في إطار استراتيجية الدولة لمواجهة تحديات العولمة والتنافسية الإقليمية والدولية اعتمادا  على المقاربة التعاقدية والتشاركية على المستوى الوطني، الجهوي والمحلي بانخراط مختلف الفعاليات السياسية والاقتصادية ومشاركة المواطنين في مختلف البرامج التنموية.
يتضح مما تقدم، أن كلا من برنامج التنمية الجهوية، وبرنامج تنمية العمالة أو اقليم أو برنامج عمل الجماعة، تعتبر هذه البرامج عبارة عن وثيقة مرجعية بالنسبة للمشاريع التنموية و الأنشطة المزمع إنجازها انطلاقا من مركز الجهة ووصولا إلى أطرافها تبعا لإستراتيجية محكمة مؤسسة على ديمقراطية تشاركية يتحمل فيه الجميع مسؤولياتهم.
وبالنظر إلى الإمكانيات و الطاقات الهائلة التي تزخر بها جهة الشرق، و نضج المجتمع المدني المحلي وتعاظم دوره في تفعيل ومشاركة الساكنة في تدبير الشأن المحلي، فإن الجماعات الترابية المعنية بالبرامج التنموية، على مستوى الجهة، تتوق إلى مشاركة واسعة لكل فعاليات المجتمع المدني المحلي و المصالح الإدارية من أجل إعداد برنامج عمل يستجيب لتطلعات الساكنة  ويتضمن مشاريع قابلة للتحقيق، مبنية على تشخيص علمي للمجال و التراب و تدبير أفضل للموارد المادية و البشرية، بالاعتماد على المقاربة التشاركية، ووفق التوجهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الداعية إلى تثبيت ديمقراطية القرب و الترسيخ العملي للحكامة المحلية الجيدة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *