اليوم العالمي للشيخوخة .هل فرق بين هنا وهناك؟
كل فاتح من أكتوبر و من كل سنة يحتفل العالم المتحضر، ومجتمع القانون و الحريات وحقوق الإنسان بكل أصنافه المتنوعة: المعوق و الضرير و الطفل والمراهق و المرأة و المسن والمريض… ومعطوبي وأسرى الحرب و المهاجر…بدون نسيان أي صنف من الأصناف.
وهي التفاتة من المجتمعات الراقية لإنسانها و ناسها في كل الأعمار المختلفة من الطفولة والشيخوخة و الهرم(أرذل العمر) إلى الوداع الأخير.والتفاتة من هذه المجتمعات إلى الإنسان (الرجل و المرأة)…
أما المجتمعات التي لا تزال في مرحلة حضارية متدنية و متأخرة بل متخلفة فلا زال الإنسان فيها كيفما كان نوعه طفلا أو مراهقا أو شيخا أو عاجزا أو متخلى عنه…يعيش كالحيوان الأليف أو المدجن، بلا عنوان وبلا اهتمام و بلا رعاية من أي وجه كانت.بل إن بعضهم لا يحمل حتى البطاقة الوطنية وخاصة من المرضى عقليا ، ومن المعوقين حركيا إعاقة عامة.
الشيخوخة حسب المعطيات النفسية هي مرحلة من مراحل العمر التي يمر بها الإنسان إن كتب له طول العمر، وتعدى فيها 65 سنة و لها خصائصها الفكرية و الانفعالية و الجسمية .أما الهرم أو أرذل العمر، فلا يقاس بعدد السنين التي يمر بها الإنسان، بل يقاس بالعجز بعد مرحلة الشيخوخة ، و يكون العجز جزئيا أو كليا(أي هل يقدر على الاعتماد على نفسه في أموره الأساسية،أم يعتمد الاعتماد الكلي على الآخرين في تدبير شؤونه البيولوجية خاصة).
فإذا كانت الدول الراقية التي تهتم بإنسانها كيفما كان نوعه وجنسه و إعاقته، و في أي مرحلة من مراحل العمر، قد جعلت من يهتم بهؤلاء، موظفون يتقاضون راتبا من الدولة و المجتمع، ومن أبجديات المعاملة لهؤلاء العجزة أن يكونوا على اطلاع بعلم النفس في تعاملهم مع هذا النوع من المرضى ، وأن يكونوا إنسانيين معهم،عطوفين عليهم،راحمين لهم ، مستمعين لشكواهم وكلامهم و حكاياتهم، حريصين على التنزه بهم خارج أسرتهم،وحريصين على تنظيفهم و إعطائهم الأدوية في أوقاتها المحددة… ليقينهم أن المعاملة الحسنة و الإنسانية تعتبر نصف العلاج، وتنمية للروح المعنوية للمريض ..وغير ذلك من المهمات الإنسانية التي يشهد بها المواطنون المغاربة القاطنون بالخارج و الذين كان لهم الحظ في النزول في مستشفياتهم، و يلاحظون الفرق الشاسع – بل لا وجه للمقارنة- بين تعامل الممرضين و الممرضات و كثير من الأطباء و الطبيبات مع نزلاء المستشفيات العمومية ومع الفقراء و الفئات المتوسطة هناك في ديار الغربة ويقارنون نفس التعامل هنا من أبناء وطننا مع أبناء وطننا . بل إن هذا الأمر من التعامل الرديء ، له وجود مع الأسف في كثير من المستشفيات الخاصة من الدرجة الثانية…
لهذا نقول أن الاحتفال باليوم العالمي للشيخوخة هو نفسه الاحتفال باليوم العالمي للمرأة و اليوم العالمي للمدرس و اليوم العالمي للمعوق….و اليوم العالمي للشجرة والهواء و الطبيعة ..إنها مجرد أيام تمر كسائر الأيام العادية ليس فيها نكهة الاحتفال بالأيام العالمية كما يحتفل بها الآخرون المتحضرون فعلا …مع تغير بسيط عندما يعلن عنها في وسائل الإعلام الوطنية فقط. و لمن يتابع الأخبار. أما الآخرون فلا ينتبهون إلى هذه الأيام و لا يعيرونها اهتماما، ليقينهم أنها لا تساوي شيئا لهم ، ولا أهمية لها…مادامت الشيخوخة عندنا،هي تحضير الشخص للموت وللحياة الأخرى.بل في بعض الأحيان يسعى البعض إلى استعجال موته قبل الموعد الإلهي و قبل ساعة الرحيل الأبدي…إنها المأساة أن يصل المرء إلى مرحلة الشيخوخة وخاصة بعجز جزئي أو عجز كلي ،ولا يجد المؤسسات الاجتماعية التي تعامله كبشر إنسان و ليس كبشر من فصيلة حيوان..فأسرته إن وجدت هي من تتحمل وحدها كل مصاريف وأعباء الاعتناء و الاهتمام و العناية به، بصبر في انتظار الفرج. أما إن لم يجد الشيخ العاجز من يهتم به فانه يموت موتة الكلاب الضالة…و سيكون حيوانا من فصيلة البشر و ليس إنسانا …
1 Comment
شكرا على نشر الموضوع في هاته اللحظة بالذات التي ينشغل الناس المرشحون بالمناصب و الامتيازت فقط ناسين ان هناك من المواطنين من يموتون في صمت بعيدين عن الاضواء ،ومؤسساتنا الصحية تعطي مواعيد الفحص قد تصل الى السنتين؟ وشكرا على اختيار الصورة المعبرة لشيوخ معتمدين على العصي وهم ينتظرون و بملابس بسيطة جدا ، ينتظرون شيئا ما و ينصتون الى همومهم الداخلية.شكرا السيد قدوري هكذا تمارس الصحافة بالكلمة و الصورة وعلى القارئ ان يهتم بالاثنين معا