ليتنا يا معلم البشرية تعلمنا منك الدروس و العبر.
من شأن المعلم أن يعلم الناس ما يعلمه.فقد قال إخوان الصفا وهي جماعة من الأصدقاء كان من بين انشغالاتهم البحث و الدراسة في العلوم التي كانت سائدة في عصرهم. ومما قالوه في موضوع التعليم هو انتقال العلم من أذهان العلماء إلى أذهان المتعلمين.المتعلمون قبل انتقال أو نقل العلم لهم يكونون في حالة جهل بالأمور. فالعلم هو محتوى التعلم الذي يتم نقله بالشرح و التوضيح و الأمثلة و القرائن و البراهين و الحجج و سائر الأدوات و الوسائط و الوسائل التي تستعمل في التبليغ، من أجل أن تكون الرسالة واضحة و يسهل استيعابها و تمثلها.
و لا شك أن المعلم الأول لفئة المسلمين هو خاتم الأنبياء و الرسل و المرسلين سيدنا محمد عليه أزكى السلام.
و من المعلم الأول للمسلمين الذين خصهم المولى عز وجل و شرفهم بالرسالة الأخيرة، أستورد مثالين(درسين إن صح التعبير) ، أعرضهما على القارئ المتفحص ليأخذ منهما العبر و الدروس، و ربما قد يقيم و يقارن وضعنا الأخلاقي و الشخصي بما كان يسلكه معلمنا الأول مع الأعداء قبل الأصدقاء…
أ)الدرس الأول: موقف المربي الأول من سلوك غريب قام به أعرابي داخل المسجد:
كان النبي أشرف الخلق يرفض أن يقبل أحد يده وهو الرسول بقدره و مكانته،و الذي اصطفاه الله عز وجل عن سائر الناس. و كان يرى ذلك من سلوك ملوك الأعاجم، وكان بقول لمن يريد أن يقبل يد النبي » إن الله سبحانه و تعالى بعثني لا متكبرا و لا متجبرا بل بعتني بالحق بشيرا لا و نذيرا » .
1)موقف النبي من مسلم (أعرابي) يجادل في مغفرة الله:
قال أعرابي للنبي الكريم ،عندما سمع أن الله يحاسب العبد على القليل و الكثير…قال الأعرابي:وعزته وحلاله إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته،و إن حاسبني على معصيتي حاسبته على مغفرته،و إن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه. فبكى النبي حتى ابتلت لحيته فهبط جبريل و قال : يا محمد السلام يقرئك السلام ،ويقول لك:قلل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم، وقل لأخيك الأعرابي لا يحاسبنا و لا نحاسبه فانه رفيقك في الجنة
2)موقف النبي الكريم من مسلم(أعرابي) أساء التصرف في المسجد:
« أن رجلا أعرابيا دخل المسجد فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس، فقال النبي صلى الله عليه و سلم(لا تزرموه) و قال (إنما بعثتم ميسرين و لم تبعثوا معسرين) فلما فرغ الأعرابي من بوله، آمر النبي عليه السلام أن يصب على بوله سجل من ماء ».
ب)الدرس الثاني:
1)موقف النبي الكريم من جار سوء من أهل الكتاب:
« كان الرسول يجاور يهوديا أمعن في إيذائه.كان يأخذ الشوك و القاذورات ليلا (خوفا من المسلمين إن رأوه يفعل ذلك)،و يرمي بها عند بيت النبي.و لما يستيقظ الرسول الكريم يجد هذه القاذورات ،وكان يضحك. وكان يعرف أن الفاعل هو جاره اليهودي،ثم يزيح القاذورات عن منزله.فمرض اليهودي من الحمى التي ألزمته الفراش.و إذا به يسمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم ن يضرب الباب يستأذن الدخول. فأذن له جاره اليهودي ، تمنى له الشفاء.
سال اليهودي الرسول صلى الله عليه و سلم: ما أدراك يا محمد أني مريض؟
ضحك الرسول عليه السلام: عادتك التي تقطعت.
فبكى اليهودي بكاء حارا من طيب أخلاق الرسول الكريم فدخل الإسلام »
2)موقف الرسول من أهل بيته،ومن ابنته فاطمة الزهراء:
يروي الترمذي عن عائشة أم المؤمنين أن فاطمة (بنت الرسول عليه الصلاة و السلام) « إذا دخلت على أبيها قام إليها فاخذ بيدها فقبلها و أجلسها في مجلسه،و كان إذا دخل عليها قامت أليه فأخذت بيده فقبلته و أجلسته في مجلسها «
قال صلى الله عليه و سلم (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا) رواه الترمذي.
في الأخير نطرح فكرة للنقاش: أليس من الأفيد و الأنفع في دروس التربية الإسلامية التي تقدم للتلاميذ في المستويات المختلفة، أن يتعرفوا عن قرب عن نبيهم و أخلاقه و معاملاته: أن تكون معاملات النبي عليه السلام في حياته مع أصحابه و أعدائه و نساء المسلمين وغير المسلمات من أهل الكتاب و المشركات، و الأسرى، و الحيوان و النبات و الماء…الخ من الأشياء المهمة التي لها غاية أخلاقية إصلاحية؟
Aucun commentaire