المغرب والابتزاز الامريكي
بقلم لحسن بنمريت ـ روتردام هولندا/وجدة سيتي
من منا لا يتذكر القصيدة الشهيرة مديح الظل العالي للشاعر الكبير محمود درويش والذي يقول فيها ″ أمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا . نعسنا … ! نعم أمريكا دخلت العراق بحجج واهية وذرائع وهمية ، فقتلت أطفاله ونساءه وقضت على علمائه وزرعت فيه الفتن والنعرات والطائفية .العراق الذي كان يضاهي الدول المتقدمة في ميادين التعليم والمعرفة والرعاية الصحية افسدته أمريكا ورجعت أهله أذلة .
الى جانب هذا ، فبفضل الأموال الخليجية لسنين طويلة مقابل الحماية المؤقتة ، عاشت امريكا وانتعش اقتصادها ووفرت الحماية والمساندة المطلفة لاسرائبل ولم يجن العرب حينها الا السراب والوهم بل أكثر من هذا ، تم تصويرهم في المجتمعات الأمريكية كشعوب متخلفة لا تعرف سوى الجنس والرعي ،ولذا وجب استغلالها و تخويفها من بعضها البعض أحيانا ومن ايران أحيانا أخرى ، لابرام الصفقات ، وبيع الأسلحة واستنزاف خيراتها .ولقد سبق لوزير الخزانة الأمريكي وليم سايمون بأن صرح سنة 1974 بأن العرب يجلسون على النفط ولا يملكونه .أما بالنسبة لأم الدنيا فطوال السنين الماضية كانت امريكا لاتختار رؤساء للشعب المصري الشقيق ، بل كلاب حراسة لاسرائيل ، بحيث يكون كل رئيس قادم أشرس من الأول في قمع شعبه و تصفية معارضيه و سجن كل الشرفاء الذين يساندون اخوانهم الفلسطينيين ويدعون لتحريرالمسجد الأقصى .
أمريكا ليس لها صديق دائم اوعدو دائم كما هو حال السياسة في العالم . لكن المتفق عليه أن سياسة وفلسفة أمريكا قائمة على تمزيق الدول العربية والاسلامية . ومثال السودان واليمن والصومال وليبيا واضح للعيان سواء من خلال اللعب على ورقة الدين ،وزرع النعرات الطائفية أو استخدام اسلوب التخويف والترهيب.
أما فيما يخص العلاقة مع المغرب و خصوصا قضيتنا الوطنية ، فيبدو وبناء على ماقلناه سابقا ، فان أمريكا لاتريد حلا سلميا واضحا و تتهرب من تبني ومساندة مقترح الحكم الذاتي الذي جاء به المغرب رغم أنه أحسن حل يضمن حقوق الساكنة ويمنحها الحرية وفي نفس الوقت يكون سدا منيعا أمام كل أنواع التطرف والارهاب و بوابة للأمن والاستقرار يستفيد منه المغرب والجزائرعلى السواء .أمريكا تدرك أن المغرب في عهد الملك محمد السادس نصره الله ، خطى خطوات جبارة فى مجال التحديث والعصرنة والرقي والأمن والحريات والمساواة . لكن هل هذا مهم بالنسبة لامريكا ؟ بالتأكيد لا ، لآنها تعمل جاهدة على اطالة المشكل اوالحرب لبيع الأسلحة وعقد الصفقات . وجعل الدول العربية قاطبة تابعة لها وتحت رحمتها .المغرب وتحت قيادة الملك محمد السادس واع بكل هذه الأمور مجتمعة وأكبر دليل على ذلك هو الاصلاحات والمشاريع الكبرى التي يقوم بها. دون ان ننسى الخطاب التاريخي والواقعي الذي ادلى به جلالته في القمة الخليجية الأخيرة والذي تناول فيه الكثير من القضايا والتحاليل اضافة الى الجرأة الكبيرة والثقة بالنفس التي قل نظيرها في الآونة الأخيرة . كل هذا جعل أمريكا لا تنظر بعين الرضا للطريق التي يمشي ويسير فيه المغرب .
أمريكا خذلت دول الخليج بمناوراتها الأخيرة ، بعدما استعملتهم كبقرة حلوب لسنين طويلة ، حيث اصبحت بين عشية وضحاها تتهمهم بتبني ومساندة الارهاب بغرض الابتزاز. و كم تمنينا بالمناسبة أن تستيقظ هذه الدول الشقيقة من سباتها العميق ، وتخرج من عباءة أمريكا وتعول على نفسها وعلى اشقائها وتفتح حوارا مباشرا مع ايران مبنيا على الصراحة و عدم التدخل في شؤون الغيروتنفتح على دول اخرى عظمى كما يفعل المغرب الآن ، من اجل فرض نوع من التوازن . لاآن استقرارالدول الخليجية وازدهارها يعود لا محالة ، بالخير والنعمة على كل الدول العربية والاسلامية .أما بالنسبة للجزائر فحبذا لو فتحت ذراعيها للمغرب ودخلت معه في حوار بناء يخدم الشعبين ويقوي جبهتيهما. أما التعنت القائم من طرف الساسة الجزائريين وجنرالاتهم فسيكون كارثة ومصيبة على الشعب الجزائري بالدرجة الأولى امام اقتصاد منهار وسياسة اعتباطية وشعب فقير ونسبة عالية من الشباب دون عمل رغم مداخيل الغاز والبترول. سيعم الخيرعلينا جميعا لو تحلى الساسة الجزائريون بالواقعية وتاقلموا مع المتغيرات واستوعبوا التطورات السياسية الهائلة في العالم و تجردوا من الأفكار القديمة التي لم تعد حتى روسيا تؤمن بها . لأن ما نخشاه لاقدر الله ، هو ان تصبح الجزائر مثل سوريا أو ليبيا وهو ما لا نتمناه للشعب الجزائري الشقيق . هذا الشعب الذي يطمح ان تسير بلاده على الطريق التي تنهجه المملكة المغربية .
Aucun commentaire