ما موقع هيئة التفتيش في الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات التابعة لها؟
ما موقع هيئة التفتيش في الهيكلة الجديدة للأكاديميات والمديريات التابعة لها؟[1]
الناظر في الهيكلة المستحدثة للأكاديميات الجديدة للتربية والتكوين ومديرياتها الإقليمية وفق الجهوية المتقدمة وضمن روح الحكامة التي يدعو إليها دستور2011، وضمن فكر دولة المؤسسات، يعترضه السؤال الاستفهامي عنوانه. فتشتق منه جملة أسئلة منها:
ـ جهاز التفتيش؛ مفكر فيه أم مغيب عن ذاكرة الوزارة؟
ـ جهاز التفتيش؛ أهو بنية من بنيات المنظومة التربوية والتكوينية أم لا؟
ـ جهاز التفتيش؛ أيتمتع بكينونة جلية ومحددة أم هو مادة هلامية تتسع أن تكون في جميع بنيات الهيكلة الجديدة خاصة بنيات المديريات الإقليمية؟
ـ جهاز التفتيش؛ جهاز معترف به أم هو فائض عن الحاجة كما يصفه بعض قاصري النظر؟
ـ ما مدى تفعيل الوزارة للمفتشية العامة بشقيها فيما يخص القيام بمهامها؛ خاصة منها: ( القيام باختصاص الجوانب التربوية للمصالح المتدخلة في المجال التربوي التابعة للوزارة أو الخاضعة لوصايتها وخاصة المصالح التربوية ومصالح الخريطة المدرسية و التوجيه و المكتبات المدرسية و اقتراح التدابير لتحسين فعاليتها » و » اقتراح جميع التدابير القمينة بضمان جودة العملية التربوية ) و ( تحليل وإبداء الرأي حول القضايا ذات الطابع التنظيمي المتعلقة بسياسة الوزارة في المجالين الإداري والمالي وفي مجال تدبير الموارد البشرية ) إبداء للرأي من أجل تحسين جودة الهيكلة الجديدة، ومدى انعكاس اختلالاتها القانونية على تدبيرها وناتجه؟ أم هي المفتشية العامة بشقيها موضوعة خارج ممارسة مهامها؟
ـ في ظل الهيكلة الجديدة ما موقع جهاز التفتيش في بنيات المديريات الإقليمية؟ بمعنى؛ ما المصلحة التي ينتمي إليها جهاز التفتيش؟ خاصة أن هناك مصلحتين تتقاسمه نظريا حسب مضامين مفاهيم التسمية وتبقيه في المنطقة الرمادية، مما يتوجب تدقق الوزارة موقعه بنص قانوني دون ترك التدقيق للجهوي كما جاء في قرارات السيد الوزير المتعلقة بالأكاديميات الجديدة، وعلى سبيل المثال المادة 23 من الباب الخامس موضوع مقتضيات عامة من قرار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رقم 16ـ 03 بتاريخ 08 فبراير 2016 بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم مصالح الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس ـ مكناس ومصالحها الإقليمية القائلة: ( يمكن تدقيق الاختصاصات والتنظيم الداخلي لكل بنية إدارية محدثة على مستوى الأكاديميات والمديريات الإقليمية التابعة لها بموجب مقرر لمدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية ). وهذا الاقتضاء سيفرز على المستوى الوطني تفاوت في الاجتهاد وتعدد وجهات النظر فضلا عن اختلاف دلالات المفاهيم. ولن ندخل هنا فيما يسمى اللامركزية واللاتركيز التي قد يجد فيها البعض تفسيرا لتنوع الأطروحات والاقتراحات. فالتدقيق المركزي يضمن وحدة البنية على المستوى الوطني وتوحيد العمل والأداء، ويسمح بتحديد الاختصاصات وفق منطوق البنية ومضمونها ومهامها.
فالمنطقة الرمادية التي يقع حاليا فيها جهاز التفتيش تتجاذبها » مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه » و » مصلحة الشؤون التربوية » على الأقل. وأما إذا ذهبنا خلافا لوحدة إطار جهاز التفتيش، فستتقاسمه عدة مصالح. وهو ما سينعكس على أداء الجهاز، ويربك وحدته التي تتجلى حاليا على مستوى التنظيم في تنسيق التفتيش المركزي والجهوي والإقليمي. كما سيطرح إشكالات الاختصاصات في الملفات. وسأفترض وضعية إشكالية للمثال فقط دون الحصر. فلو فرضنا أن » مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه » تبنت التدابير ذات الأولوية وهي المكلفة بالتأطير فيها دون » مصلحة الشؤون التربوية « . وجهاز التفتيش تابعا لـهذه الأخيرة. فهو في هذه الحالة ليس من اختصاصه التأطير إلا بموجب نص قانوني صريح أو تكليف بمهمة. ومن دونهما؛ فهو يقع خأرج الاختصاص! لذا يجب أن يموقع التفتيش في الهيكلة الجديدة بدقة وبصريح العبارة القانونية. فخارج اختصاصاته وفق القانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لا يمكن ممارسة المهام إلا بتكليف بمهمة حتى لا يواجه بعدم الاختصاص.
ـ ما موقع تنظيم التفتيش وفق الوثيقة الإطار والمذكرات الخاصة بأجرأتها من هذه الهيكلة؟
ـ ما موقع جهاز التفتيش من المفتشية العامة بشقيها إداريا؟
ـ ألا يستحق هذا الجهاز الذي يتمتع في بعض الأنظمة العالمية بمكانة متقدمة لدوره المهم والخطير أن يتموقع بنيويا داخل المنظومة التربوية والتكوينية، ويحدد موقع يضمن له الاستقلالية الوظيفية؟
ـ ألا يمكن أن نمتاح هيكلة لجهاز التفتيش بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني من الوزارات المغربية الأخرى في إطار المنهج المقارن؟
هذا السؤال الجوهري، ما كنت لأثيره لولا الاجتهادات المتعددة التي لا تتبنى منطقا، ولا منهجا علميا، ولا مبادئ، ولا أسس، ولا منطلقات، ولا … ولا. وإنما تتبنى القرب من مصدر القرار، والوشوشة من خارج منطق التنسيق والتشارك والتخطيط والضبط … فضلا عن مرطبات ومقبلات الوشوشة، التي تلبس معلومة عن متخذ القرار أو تسطحها …
وعلى العموم؛ هذا سؤال جوهري للتداول في الفكر التربوي ومقاربته من ساسة الوزارة لأنه يتغيى تحصيل جودة الهيكلة والأداء وموقعة جهاز التفتيش في المنظومة التربوية والتكوينية المغربية. فهو جهاز حاضر مغيب. ما يجعله موضوعا للتداول بمناهج علمية وموضوعية تمنحه الموقع والدور الذي يتساوق مع وظائفه المتعددة والمتنوعة التي تعيها المنظومات التربوية المتقدمة. فالتمني على الوزارة من منطلق الحكامة ومستلزماتها إعادة النظر في بعض أطروحاتها التنظيرية والتدبيرية. والله من وراء القصد.
عبد العزيز قريش
تربوي
[1] نشر في جريدة العلم ليوم 4 ماي 2016 عدد 23516 ص.:7
Aucun commentaire