عدالة الفايسبوك وجور ابن كيران!
والحكومة تسير بخطى مضطربة نحو نهايتها، مازال رئيسها ابن كيران يرسف في أغلال الأمانة العامة لحزبه، دون القدرة على الارتقاء إلى مستوى منصبه، حيث ما انفك مشدودا إلى موقع المعارضة، أكثر منه في تدبير الشأن العام للبلاد. ففي لقاء نظمته الجامعة الدولية بالرباط يوم: 22 أبريل 2016، لم يدع الفرصة تمر دون مهاجمة خصومه السياسيين، والإقرار بأن الفايسبوك أصبح يشكل تيارا سياسيا جديدا دون إيديولوجية واضحة، تساهم « معاركه » في تعديل الكفة لصالح الأشياء النبيلة، وإنصاف المظلومين… فأين عدالة حكومته؟
فخلال مداخلته، أوضح صعوبة العمل السياسي بالنسبة للناس « المعقولين »، واعتبر خصومه التقليديين مجرد مخلوقات، بعث بها الله لممارسة الكذب وإشاعة العنف في بعض الأحيان، بينما تقتضي السياسة الاتصاف بالنبل والأخلاق، كما كانت متوفرة في زعماء ومؤسسي الأحزاب السياسية، من طينة علي يعتة وعلال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد، الذين كانوا ينتجون الأفكار والتصورات. والغريب، أنه لم يذكر من السياسيين غير الأموات، وكأنه المتبقي الوحيد من الأحياء، الذي يتمتع بالشيم الرفيعة والفكر النير، والحال أنه مجرد ظاهرة صوتية تزعج ولا تنتج، أدت إلى تدني مستوى الخطاب السياسي، من حيث استغلال الدين واستعمال العنف اللفظي…
والفايسبوك من بين أهم الوسائل الحديثة، في التعبير عن آمال وآلام المواطنين، والكشف عن مختلف مظاهر الفساد والاضطهاد، بعد أن اتسعت الهوة بين المسؤولين وعموم الشعب، وانعدمت جسور التواصل. ويرى المهتمون بالمشهد الإعلامي، أن الشبكات الاجتماعية استطاعت فرض ذاتها كسلطة خامسة، وساهمت في إشعال ثورات سياسية ببعض الأقطار العربية: تونس، مصر… وصار لها نفوذ قوي في صناعة الرأي العام وتوجيهه، وتهديد مكانة الصحافة الورقية التي ظلت تشغلها في الضمير الإنساني طيلة قرون. وبفضلها طفت على السطح أحداث عدة ببلادنا، منها: قضية البيدوفيل الإسباني دانيال كالفان، تأثيث مكتب وزير الطاقة عبد القادر عمارة بغرفة نوم كلفته « 300 » مليون سنتم، فوز ابن القيادي محمد يتيم ب »500″ دولار في البوكر، « العشق الممنوع » بين الوزيرين المقالين حبيب الشوباني وسمية بنخلدون، من نفس الحزب الإسلامي الحاكم…
ملايين الصفحات أحدثت لفضح الظواهر السلبية في المجتمع: رشوة، شطط في استعمال السلطة… واهتمت أخرى بمتابعة وسائل الإعلام ودعم المبادرات الإنسانية، أو بمساندة أو معارضة أحزاب سياسية وأمنائها، أو بفسح المجال أمام دعاة التغيير والإصلاح… فالفايسبوك عامة، أحد أكبر منابر التواصل الحر.
فطالما نالت قرارات وزلات ابن كيران نفسه، حظها الوافر من التعاليق والانتقادات في الفايسبوك، ولعله أدرك منذ توليه المسؤولية رفقة « أبناء عشيرته » من الوزراء، أهمية مواقع التواصل الاجتماعي بالشبكة العنكبوتية، مما جعلهم يبادرون إلى إطلاق صفحات خاصة بهم، دفاعا عن « أفكار » حزبهم وتلميع صورهم، تجييش وتهييج « الكتائب الإلكترونية » في مهاجمة الخصوم ومن يخالفهم الرأي، مادامت الجريدتان الناطقتان باسم الحزب « التجديد » و »أخبار الثوم »، عاجزتين عن تحقيق المرامي .
بالله عليكم، كيف له ادعاء « المعقول » في ممارسة العمل السياسي، وهو يدلي في ذات اللقاء دون استحياء، بأن العاملين بالتعليم يتقاضون شهريا ما بين 10 و12 ألف درهم، بعد قضائهم عشر سنوات فقط من الخدمة؟ وهل هذا يعني أنه قام بترقيتهم جميعا إلى السلم 11 وخارجه « بلا ما يكون فراسهم »، بينما أن هناك من أمضوا أكثر من ثلاثين سنة في التنقل بين السلالم ولم يتجاوزوا سقف ستة آلاف درهم، وأن أزيد من عشرين ألف مازالوا قابعين في الزنزانة « 9 »، لا تتعدى أجرتهم خمسة آلاف درهم؟
فعن أي « معقول » يتحدث ؟ ومن يمارس الكذب على من، وهو الذي باع الوهم للناخبين، أنكر حقائق عدة كمطبعته ومنحة نجله، وأبان عن انتهازية صارخة؟ ثم هل له من تفسير لمغالطات قياديين من حزبه الإسلامي، فهذا ادريس الأزمي الوزير المكلف بالميزانية، صرح أمام ملايين المشاهدين داخل الوطن وخارجه، في برنامج تلفزيوني مباشر: « قضايا وآراء »، ليلة الثلاثاء 5 أبريل 2016 بالقناة الأولى، عن حل نهائي لأزمة أساتذة الغد التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي أزيد من ستة شهور، دون مراعاة مشاعر المواطنين وخاصة أسر المعنيين، علما أن التوافق بين الحكومة والتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، لم يتم إلا بوساطة ممثلي ست نقابات تعليمية والمبادرة المدنية، يوم الأربعاء 13 أبريل 2016. وهذه بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة، تنكر وجود الفقر المدقع ببلادنا، وبيننا من مازالوا يسكتون جوعهم بما تجود به صناديق القمامة. وأخيرا وليس آخرا، مواجهة محمد الصديقي عمدة مدينة الرباط، تهمة تبذير المال العام، في ما اشتهر بقضية ادعائه « العجز الصحي » عن العمل مع شركة « ريضال »، للاستفادة من تعويضات مالية مهمة وغير مشروعة؟!
فلا نعتقد أن عدالة الفايسبوك وحدها كافية لإنصاف المظلومين، وكفيلة بالتصدي لجور ابن كيران، الذي أجهضت سياسة حكومته اللاشعبية الآمال، من خلال إلغاء صندوق المقاصة وتحرير أسعار المحروقات، الزيادات المتتالية في الأسعار والضرائب، التراجع عن المكتسبات الاجتماعية، عدم الوفاء بمحاربة الريع والفساد، مصادرة الحريات وقمع الاحتجاجات السلمية، الاقتطاع من أجور المضربين، تقليص فرص الشغل، السعي نحو ضرب الوظيفة العمومية ومجانية التعليم والعلاج، إصلاح التقاعد على حساب الموظفين… مما يستلزمنا المشاركة الإيجابية الكثيفة في تشريعيات السابع أكتوبر 2016، للتخلص من العبء الجاثم على صدورنا والكاتم لأنفاسنا، وإلا فلننتظر مزيدا من الظلم والشؤم…
اسماعيل الحلوتي
Aucun commentaire