كما كان متوقعا، صادقت الغرفة الأولى (مجلس الشيوخ الهولندي) يوم 16 فبراير على مقترح الحكومة لإلغاء اتفاقية الضمان الإجتماعي التي كانت تخول للأطفال و الأرامل القاطنين بالمغرب منذ سنة 1972 التوصل بمعاشاتهم هناك. وقد سبق للبرلمان الهولندي أن صادق بدوره يوم 19 يناير المنصرم  على إلغاء الإتفاقية الثنائية مع المغرب، ليصبح هذا القرار قانونيا و نهائيا.

فحسب تصاريح المسؤولين الهولنديين، فإن من الدوافع الأساسية التي دفعت الحكومة الهولندية إلى اتخاذ هذا القرار الجائر في حق الجالية المغربية، هو  تهرب الحكومة المغربية من التوقيع على التعديل الذي كانا الطرفان توصلا إليه في شهر سيبتمبر من السنة الماضية، بسبب عدم استجابة الحكومة الهولندية لطلب المغرب بإضافة الأقاليم الصحراوية إلى مضمون الإتفاقية. و يظهر من تصاريح بعض المسؤولين المغاربة أن اقحام موضوع الصحراء في اتفاقية الضمان الإجتماعي لم يكن بدافع الدفاع عن حق بعض المواطنين الذين يقطنون في المناطق الصحراوية حتى يتوصلوا بمعاشاتهم هناك و عددهم لا يتجاوز أربعة، بقدر ما هو خيار سياسي أرادوا من خلاله ابتزاز الحكومة الهولندية. فعندما يقولون بأن موضوع الصحراء هو خط أحمر، فإننا لا يمكن لنا إلا أن نستنتج شيئا واحدا وهو التهرب إلى الأمام و عدم أخذ التهديدات الهولندية بمحمل الجد. لأن تلويح الحكومة الهولندية بورقة إلغاء الإتفاقية الثنائية ليس جديدا، إنما سبقت في سنة 2014 أن هددت بالجوء إلى هذا القرار إذا لم بتحرك المغرب في اتجاه تعديل الإتفاقية. و بهذا التصرف، تكون الحكومة المغربية قد منحت لليمين الهولندي فرصة ثمينة للتخلص من الإتفاقية.

الغريب في الأمر، هو أننا لم نسمع إلى حد الساعة عن أي رد رسمي من المسؤولين المغاربة على قرار الإلغاء. فهل هذا الصمت الغير مبرر ينم عن وجود غباء سياسي لديهم، أم هو تعبير عن نقص في الجرأة السياسية و عدم قدرتهم على مصارحة الجالية المغربية عن فشلهم  في المفاوضات مع هولندا؟. و مهما كان الحال، فإنهم مهما حاولوا، سوف لن يقنعوا الجالية المغربية من أن الدفاع عن قضية الصحراء تقتضي التضحية بمصالحهم و إهدار حقوقهم. فهل سيقومون بتعويض الضحايا عن الخسائر المادية التي يمكن أن تنجم عن قرار الغاء الإتفاقية؟.

إن تنسيقية مناهضة تخفيض التعويضات و احترام الإتفاقيات الثنائية و الدولية، تندد بشدة بقرار الحكومة الهولندية بإلغاء اتفاقية الضمان الإجتماعي و ما قد ينجم عن ذلك من تداعيات خطيرة على معاشات الأطفال و الأرامل و المتقاعدين، كما نندد أيضا بالسلوك اللامسؤول للمسؤولين المغاربة و تلاعبهم بمصالح الجالية المغربية. إن تنسيقية مناهضة تخفيض التعويضات ستلجأ إلى اتخاذ كل الخطوات النضالية و القانونية للوقوف إلى جانب الجالية المغربية و دعمها في هذه المحنة التي تمر منها و حماية حقوقها و مصالحها الحيوية