جرائم الغرب المسيحي ضد الإنسانية
أحمد الجبلي
لعل من نافذة القول، أن نقول: إن الذين أطلقوا اسم « الدولة الإسلامية » على تنظيم إرهابي كداعش إنما أرادوا أن يستحمروا الذين لا يعرفون الإسلام فيظنونه دين عنف وقتل وذبح وإحراق.
وأما الذين يعرفونه حق المعرفة فبسرعة البرق سيتخذون موقفا صارما من كل من قتل الأبرياء وقطع الرؤوس ومثل بالجثث أو قام بإحراقها.
إننا لا ننكر أن الذين اختاروا لتنظيم إرهابي كداعش اسم « الدولة الإسلامية » إنما أرادوا استكمال المخطط بكل تفاصيله، وهذا المخطط لا يتضمن فقط تجهيز مختبرات هوليودية محترفة، وشبكة عنكبوتية خارقة، حيث حتى التسمية اختاروها بدقة متناهية، لأن كل سلوك سيمارس في الواقع سيؤسس لصورة ذهنية تربك فهم العالم للإسلام، وستجد تناغما مع تصور الحاقدين والمتآمرين من أبناء جلدتنا.
فوجود ملايين المؤامرات التي حيكت ضد الإسلام تبتغي تشويهه، منذ العصر النبوي إلى اليوم، تدل دلالة قاطعة على أنه دين الحق والسلم والحرية والتسامح.
لأن دينا همجيا متعطشا للدماء، يهلك الحرث والنسل، ويذبح الأبرياء من الوريد إلى الوريد، ويحرق الناس في محرقات جماعية، ويقطع الرؤوس ويعلقها ترهيبا في قمم الأبواب الأثرية. لهو دين لا يحتاج من أحد أن يتآمر عليه، لأن أفعاله تدل عليه، وشهرته كسفاح تسبق اسمه، وكلما ذكر إلا وذكرت معه أنهار الدماء التي يسفكها وأطنان الأشلاء التي يمزقها.
فلا أحد يتآمر على الشيوعية اللينينية الستالينية لأن ما قامت به الشيوعية وبالخصوص منها « لانومينكلاتورا » أي الطبقة الحاكمة سنة 1917 من مجازر بشرية شكلت أنهارا من الدماء، معلوم لدى القاصي والداني. وبالتالي فأمرها محسوم ومتجاوز، ولا يحتاج إلى مؤامرة.
وما قامت به المسيحية في استراليا وقتلها لأكثر من عشرين مليون استرالي أشهر من نار على علم.
وأما الرجل الأبيض الأمريكي فقد بنى حضارته على أشلاء ودماء وإبادة الهنود الحمر، وراح يتفنن بأفلامه في تصوير الهنود على أساس أنهم همج رعاع وقطاع طرق، كمحاولة لدفن الجريمة البشعة التي تعد أبشع جرائم التاريخ، راح ضحيتها أزيد من 112 مليون إنسان ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب تم القضاء عليهم بأفظع عمليات الإبادة في تاريخ البشرية خلال 150 عاما من الزمان، حتى تناقص عددهم في حدود ربع المليون حسب إحصاء سنة 1990. إن جرائم الغرب المسيحي منذ الحروب الصليبية إلى اليوم لا تحتاج لأحد ليحبك المؤامرات من أجل تشويهه لأن جرائمه لا يمكن إخفاؤها ولازال أبناؤه أنفسهم يخرجون علينا، من حين لحين، في الصحف والإذاعات بالتصريحات وتأليف الكتب يشهدون على حضارتهم بأنها حضارة قائمة على مص الدماء وقتل الأبرياء وتأليف مسرحيات ذريعة للسطو على الخيرات وآبار النفط وسبائك الذهب، كذريعة أسلحة الدمار الشامل السخيفة التي راح ضحيتها حسب ما صرح به الجنرال الأمريكي تومي فرانكس 30000 ألفا من المقاتلين العراقيين وأزيد من 9000 قتيلا مدنيا، وإذا كانت هذه الأرقام هي فقط ما تم التصريح به فمعنى هذا أن ما خفي أعظم. ولا نحتاج إلى التذكير بالقنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا في هيروشيما ونجازاكي ولا القنبلة النووية التي جربتها فرنسا في صحراء الجزائر والتي لا تزال آثارها السلبية لحد الآن. ولا أسلحتها الكيماوية التي قتلت المغاربة في الريف، ولا نحتاج للتذكير بما فعل هذا الغرب الهمجي في أفغانستان والبوسنة والهرسك وما فعله ويفعله في فلسطين وفي غزة تحديدا وما يفعله بمسلمي بورما حيث يحرق المسلمون أحياء وتجمع أجسادهم المفحمة أكواما من أجل التقاط الصور والذكريات، ولا تجد لها استنكارا ولا ذكرا في منظمات حقوق الإنسان والحيوان الغربية.
إن جرائم الغرب الصليبي، الذي كان ولا يزال من وراء أي تشويه لطهارة الإسلام، لن يتوقف عن مؤامراته ومخططاته لضربنا وتمزيق صفنا وتلطيخ سمعة ديننا ونبينا، وليس آخرها جرأة شارلي إبدو من خلال إعادتها لنشر الصور المسيئة للحبيب صلى الله عليه وسلم ولا صناعته لأبشع جماعة إرهابية وهي
داعش في بلاد الشام والعراق، هذا العراق الذي دكت أمريكا حضارته وشنقت رئيسه، وقتلت بدم بارد أبناءه، واستولت على خيراته وكنوزه، وأحرقت جميع الوزارات إلا وزارة البترول. هذا العراق المنكوب المستعمر عندما دخله بوش اللعين قال على الملأ « لقد دخلت العراق باسم الرب » فكلمة باسم الرب لها أكثر من دلالة، أهمها أن في الاعتقاد المسيحي، المجرم مهما أجرم فبمجرد أن يقف أمام القس في الكنيسة ويعترف بجرائمه ستغفر كل خطاياه، والرئيس الأمريكي بوش لن يحتاج إلى جلسة الاعتراف هذه، لأنه في جهاد مقدس، وسيثاب عليه لأنه دخل العراق باسم يسوع المسيح.
ويبدو أن الهجمات الشرسة التي يمارسها الغرب الصليبي من أجل تشويه الإسلام، يبدو جليا أنها فقط من أجل ستر عورته، وتسترا على جرائمه وإخفاء لفضائحه، ليس إلا.
وبما أن هذا الغرب المتوحش لا يخفي أنه متدين، وأنه يدعو إلى تسامح الأديان لدغدغة المشاعر، واستغفال الحمقى من المسلمين، وكيف نصدق دعوته للحوار ودعوته للتسامح، وهو يوميا يتهم الإسلام بأنه انتشر بحد السيف، وأنه دين إرهاب وتطرف وإكراه،
فلنر إذن كم ذكر السيف في القرآن الكريم ولا شك أن قيمة السيف في القرآن ستكون كبيرة بما أنه الآلة التي لعبت دورا في قطع الرؤوس ونشر الإسلام بحده، ولكن الخيبة ستطال كل من ينتظر رقما معينا، لأن السيف لا ذكر له في القرآن الكريم ولا وجود له على الإطلاق، فكيف يعقل أن دينا انتشر بآلة أساسية ومهمة كل هذه الأهمية ولم تذكر في كتابه. ولكن لابد أن نتساءل عن السيف كم ذكر من مرة في الكتاب المقدس الذي هو كتاب المسيحية المتوحشة والتي تنفق الملايير كي تدعو العالم إليه من خلال عمليات التنصير الواسعة، إن السيف في الكتاب المقدس قد ذكر أكثر من 1200 مرة بأشكال مختلفة من العنف كسفك الدماء وقطع الرؤوس وحرق الأطفال والنساء والشيوخ، وشق البطون، ولنعطي أمثلة على ذلك:
إنجيل متى الإصحاح 34 الآية 10: ( لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما بل سيفا)
إنجيل لوقا، الإصحاح 27، الآية 19: ( أما أعدائي أولائك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي)
حزقيال: الإصحاح 7 الآية 9 (وقال لهم نجسوا البيت واملئوا الدور قتلى، اخرجوا، فخرجوا وقتلوا في المدينة)
صاموئيل: الإصحاح 3 الآية 15: ( فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة ، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا)
حزقيال: الإصحاح 6 الآية 9: ( الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا إنسانا عليه السمة، فابتدئوا بالرجال الشيوخ الذين أمام البيت)
وفي الإصحاح 10 الآية 31: ( وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار)
يشوع: الإصحاح 21 الآية: ( وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف)
أشعياء: الإصحاح 16 الآية 13: ( وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساءهم)
يشوع: الإصحاح 31 الآية 13: (تجازي السامرة لأنها قد تمردت على إلاهها، بالسيف يسقطون، تحطم أطفالهم والحوامل تشق)
هذه مجرد أمثلة على الأوامر الوحشية للكتاب المقدس والتي لا ترحم أحدا حتى الأطفال والنساء والشيوخ والبغال والحمير والغنم والبقر، وقد نجحت الكنيسة إعلاميا في إخفاء هذه الجرائم وهذه النصوص الشيطانية الإرهابية وادعت أنها دين المحبة والسلم.
وتجرأت على الادعاء بأن الإسلام دين إرهاب وقتل وانتشر بالسيف كما قال فضيلة البابا.
وربما من خلال هذه النصوص وغيرها كثير، نعلم سبب كل الجرائم التي ذكرت آنفا، ونعلم مغزى أن يقول بوش بأنه دخل العراق باسم الرب، أي رب بوش الذي يأمر بالقتل والحرق وشق بطون الحوامل.
فهل يوجد في الإسلام مثل هذا، فهل يأمر الإسلام بقتل الأطفال والشيوخ والنساء؟ وهل يقتل الإسلام الأسرى؟ ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقف القوي الذي باستطاعته أن يفعل في أعدائه ما يشاء، ولكنه قال لهم: » اذهبوا فأنتم الطلقاء » وقال: » لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله » وقال: (رب اغفر لقومي فإن قومي لا يعلمون) ألم يجعل الإسلام إحياء النفس يعادل إحياء البشرية كلها؟ ألم يقل عليه الصلاة والسلام: » من عادى ذميا كنت خصيمه يوم القيامة »؟
والذمي هو النصراني أو اليهودي الذي يعيش في كنف الإسلام. فاحترامه جزء من عقيدتنا نؤجر عليه، وأي اعتداء عليه أو سوء معاملته تعتبر من أخطر الذنوب والمعاصي لكونها تتسبب في خصومة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا يوم القيامة.
Aucun commentaire