إنها فرنسا الشموع والورود والدموع
ضرب الإرهاب العاصمة باريس الفرنسية (عاصمة الجن و الملائكة بالنسبة للطلبة العرب الذين تابعوا دراساتهم الأدبية مثل طه حسين و توفيق الحكيم في بداية القرن العشرين، و عاصمة الأنوار بالنسبة للجيل الجديد من العرب أيضا و عاصمة الأخوة و المساواة والحرية و عاصمة الثورة على الاستبداد لجيل السياسيين الباحثين عن هواء نظيف يفوح منه شيء من الديمقراطية و حقوق الإنسان و المواطن).
ضرب الإرهاب العاصمة باريس أرض الرياضيات الديكارتية و الوجودية في المسرح و الأدب. و قتل من قتل من الجنسيات المختلفة بما فيها المغاربة المقيمون هناك للعمل أو الدراسة.و بكى الفرنسيون أمواتهم ،و في المكان الذي قتلوا فيه أتوا بالشموع و الورود و كذلك الدموع.و أقسمت الحكومة الفرنسية أنها ستنتقم من الفاعلين المنفذين و المخططين.و كان الفاعلون من أصل مغربي و كذلك من خطط.و دخل المغاربة هناك قفص الاتهام و زيدت جرعات العنصرية بكميات لا محدودة في دم الفرنسيين و المتعصبين منهم. تجرع المغاربة هناك كؤوسا من السم و العلقم بسبب طيش مغاربة آخرين كرهوا أن يعيشوا و ماتوا و أماتوا ابرياء. و الأحياء من المغاربة حوكموا كأنهم هم المسؤولون عن مآسي المواطنين الفرنسيين. و بدا لنا كمواطنين كم يغيب العقل و المنطق لدى هؤلاء الذين يفتخرون بالكوجيطو الديكارتي و العقلانية الرياضية و بلاد الهندسة التحليلية،و الفلسفة الوجودية و العقلانية حتى في العواطف و العلاقات الإنسانية، و بلاد فيكتور هيجو و غيره من الكتاب و الأدباء الرومانسيين و الواقعيين و الإنسانيين.
وكان القوم عندنا يظنون أن كل الفرنسيين لهم سعة النظر و الأفق الواسع و التفكير االعميق.ولكن خاب الظن عندما جعلوا الساكنة المغربية هناك في قفص الاتهام و النظرة الدونية والعنصرية و الاتهامات الرخيصة للأبرياء،و كتبت اللافتات العنصرية على الجدران بالرحيل للعرب كافة(كل عربي مسلم هو إرهابي في نظرهم).
المغاربة هنا بأرض الوطن، باتوا الليلة أمام القنصليات و السفارة الفرنسية مقلدين الفرنسيين في أفعالهم فأشعلوا الشموع و ألقوا بالورود و أسالوا الدموع من العيون المتعبة الحزينة،لأجل فرنسا و من أجلها فقط،تضامنا ليس مع بني جلدتهم الذين ماتوا أبرياء بل من أجل الفرنسيين .و شاركوهم في الحزن و الكلام و كل شيء.و كل العالم الغربي والعربي تضامن مع فرنسا.
و استيقظت الأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية تنادي بالقصاص من المغتربين العرب و المغاربة على الخصوص و المطالبة بترحيلهم و رحيلهم. رغم أن الفاعل تربى و ترعرع في الديار الغربية (فرنسا و بلجيكا) و لا يعرف من العربية إلا كلمة الله اكبر فهو فرنسي في لغته و تفكيره و لباسه و أكله و مغربي بأصوله و باسمه العربي،أما باقي الصفات فهي فرنسية100 %.
رغم أن الوطن العربي يخضع يوميا للعمليات الإرهابية و القتل و التدمير و إزهاق الأرواح البريئة بالمئات بالحرق الخنق والغرق و الرصاص و كل ألوان الموت الرهيبة ،في سوريا و لبنان و اليمن و مصر و ليبيا و تونس و الجزائر، وحتى المغرب كان سينال حصته لولا يقظة رجال المخابرات التي تفكك بين الحين و الآخر شبكات إرهابية كانت تخطط للقيام بأفعال القتل و التدمير. و لكن الدول الغربية و حكوماتها لا تحرك ساكنا و لا تبدي مساندة للشعوب العربية أو الإفريقية التي دمرها الإرهاب و خرب أوطانها و مجتمعها حتى أن أي مسلم يشك في نوايا هؤلاء الإرهابيين: هل ينفذون مخططات صهيونية أمريكية؟.
كل ما تفعله بعض الدول الغربية إصدار بيان إدانة باهتة خالية من قوة الاستنكار و التنديد بالفاعل عندما لا يتعلق الأمر بها بل بالآخرين.
فعلا إن العالم الغربي يكيل بمكيالين مكيال عندما يكون القاتل الإرهابي من العرب و الضحايا منهم، فينعت الدين الإسلامي المسؤول عن صنع الإرهاب و الإرهابيين،و مكيال آخر مخالف عندما يكون القاتل الإرهابي منهم و يكون الضحايا من العرب،يفسر ذلك أنه مرض نفسي و محدود لا غير،و ليس عملا إرهابيا عنصريا.
العمل الإرهابي من قتل و تدمير و حرب على الأرزاق و زرع للخوف و الرهاب في نفوس الناس الأبرياء الذين من حقهم أن يعيشوا أحرارا مطمئنين في أوطانهم، هو عمل مستنكر من البشر عامة ومن جميع الجنسيات ومن جميع الأديان السماوية و الوضعية.فليس لأي كان و من كان أن له كامل الحق في التصرف في وضع حد لحياة الآخرين كيفما كان الاختلاف بينهم.فليس الدين السماوي من يدعو إلى تصفية الأبرياء،و بيع الآخرين من النساء في سوق النخاسة في القرن21 ،أو الاعتداء على أملاك الآخرين و أعراضهم من النساء و البنات و اعتبارها من غنائم الحرب و تطبيق مبدأ (ما ملكت أيمانكم)، وإجبار الناس على الاختيار بين الإسلام و بين الجزية و بين الرحيل أو القتل؟
أخيرا نتساءل ألا يجب على الفقهاء المسلمين و مفكريهم و دارسيهم أن يقرؤوا و يبحثوا في تراثهم الديني من أجل تنظيفه من آراء (قراء و فقهاء و علماء الموالين للسلاطين أو من المعارضين لهم) و الذين صاغوا أنواعا و مذاهب مختلفة و متضاربة و متناقضة من الإسلام،رغم أن الأصل و المنبع واحد؟؟؟؟.
Aucun commentaire