لا لتصويت من جنس »زوجتك نفسي »
رمضان مصباح الإدريسي
خفيفتان على اللسان:
اشتغلت « زوجتك نفسي هذه »،منذ البداية،كقنبلة نائمة ،في جيب الدولة المدنية المغربية ؛مُعدة،بكل الخبث والدهاء المعروفين للحركات الباطنية،لتفكيك ترسانتها القانونية الوضعية؛وتوهين أركانها وأعمدتها ،تدريجيا، حتى تصير عِهْنا تذروه الرياح.
« زوجتك نفسي » كلمتان خفيفتان على اللسان ،ثقيلتان في الميزان السياسي الاسلاموي؛لأنهما تَحُلان،اخوانيا، معضلة الجنس –وهي من قبيل « الطانغرام الصيني » – التي أناخت الدولة المدنية ،المُستنبتة استنباتا ،في البيئة الإسلامية التي يحكمها،باستبداد، الشرط المحسوب على الدين ،ويرهن حاضرها ومستقبلها ،كما رهن ماضيها.
انقلب الفكر السلفي السني على الحرية الجنسية ؛كما تفهمها ،تُشرْعِنها، وتؤطرها النصوص و المتون القرآنية ،الحديثية والفقهية ،ليقود الدولة المدنية ،صوب مأزق الحرام ،ومعضلات تمريره ضمن قوانين المنع المدنية.
هي بهذا وغيره من المفارقات العجيبة، دولة مدنية ضمن أمة إسلامية ضاغطة و ضاربة بألف قرن؛أمة ظلت تتوهم نفسها خلافة تَجُبُّ ما عداها ،إلى أن ظهر « الخليفة » الجَبَّابُ فعلا. أليس هذا من قبيل السرج، تُسرج به البقرة،بدل الحصان؟
وحينما طاب المقام لنصوص المنع ،ضمن مَرَجِ بحرين بشريين يبغيان؛من ذكور وإناث؛ليس بينهما من تآمر بيولوجي ،سوى على غزو الضفاف السفلى ؛اجتهد الجمعان ،المنتصبان للنزال، في تسلق الحواجز المُسننة ؛لاحتلال الأزقة الخلفية للقانون؛حتى يذوب كلاهما في الآخر . وليتحرر كلاهما في الآخر ،على حد عبارة نزار قباني.
بعد هذا فليذهب نقاش الإجهاض،والولد للفراش،والعفة والبغاء إلى الجحيم ؛لأن ما جُعل دافقا فهو دافق ،اليوم وغدا وبعد غد.
هكذا تكون الواقعية البيولوجية قد هزمت دولة مدنية ؛ليس لها من هذه الصفة غير ما تحابي به الفكر السلفي الاخواني الذي ينوخ بكلكله ؛منذ قرون ؛معتبرا كل بدعة ضلالة؛إلا بدعه هو، ومغرباته ،حين لا يَرِفُّ له جَفن ،وهو يُعطل نصوصا شرعية، يراها تفكك سلطته،وتمكن عامة الناس من رقبته وحنجرته ،التي لا يرى آذانا للصلاة إلا بهما.
من كل الأنكحة التي أقرها وشرعها الإسلام لم ير أنجع للاشتغال السياسوي ،وليس الأسري،إلا نكاح « زوجتك نفسي »؛يحصد به حشودا انتخابية ،شبابية، لا قبل لكل الأحزاب المدنية بها.
ومن كل نداءات المواطنين ؛وقد نهدت للفساد الإداري ،والمالي،وغلاء الأسعار ؛لم يقر غير نداء المنكر الذي أريد له ألا يشتغل إلا أخلاقيا.
حينما طاب المقام ل اللاءات ،وشاخت الممنوعات ،واهتزت وربت ؛لتجد الدولة المدنية نفسها ،متخلفة عن اللحاق بمحيطها الدولي الحداثي الديمقراطي ؛لأنها مكبلة بالشريعة السياسية الجديدة ،وخاضعة لسيوف عامتها ؛رفع الفكر السلفي ،على سيوفه، فتوى « زوجتك نفسي »,وشطرها الثاني: ألا « هِيتَ لكِ » فقد رضيت بك حليلة.
هكذا أشرع الفكر السلفي الاخواني لشبابه ،بالخصوص ،بابا تذبذبت الدولة المدنية إزاءها ؛فلا هي فتحتها بالقانون الوضعي ؛ولا هي أغلقتها بالحرام الشرعي. أغلب الشباب اليوم على « شريعة » زوجتك نفسي؛أما الدولة المدنية فماضية في توثيق زيجات عرفية تتناسل ،في الأرياف ومنافي الأحجار،تناسل الضرورة ،الذي لا تعرف الدولة كيف تشرع له ؛ما دامت عاجزة عن البث في اكراهاته الاقتصادية.
وتتضخم الحشود المكبرة لهذه الشريعة السياسية، التي أصبحت تحتل مساحات ضمن خريطة الدولة ؛وصولا إلى حكومتها ،و مرورا بأسواقها وشوارعها ؛حيث يقف الشِّدادُ الغِلاظُ ،المتخمون بالزيجات الاخوانية الميسَّرة،يتربصون بمقاسات التنورات ،ونتوءات الجسد الأنثوي ؛عساهم يضبطون الدولة المدنية في حالة تلبس بخطيئة » أبحتُ لك زِينتي »؛رغم كونها على وزن زوجتك نفسي.
أما أن تكون الحكومة – أو بعضها- متلبسة بتعطيل الدستور؛ورفع اليد عن لصوص المال العام ؛والإهمال الكبير لورش المواطنة ،في الداخل كما في الخارج،حتى غدت شأنا ملكيا فقط، نتذكره في عيد العرش؛فهذا أعز ما يطلب في قتال الفكر السلفي الاخواني المغربي للدولة المدنية ،ومطاعنتة للفكر العلماني المندس ،ضمن نتوءاتها المغرية ،وما تعرى من لحمها ،مما لم تدركه تنوراتها .
شريعة سياسية اخوانية على منهاج « طُز في مصر » التي نطق بها أحد قادة الإخوان ،إذ استتب لهم ملك مصر،أو شُبه لهم.كلمة نابية في حق الوطن والمواطنة؛ لم تخجل حتى من الأهرام ؛وهي تتوهم نفسها نهجا لخلافة إسلامية ،بُعثت في أرض الكنانة ؛تحقيقا لحلم الملك فاروق والسيد قطب معا ؛على ما بينهما من فوارق.
زوجتك صوتي:
هنا مربط الفرس ،وجُماع الكلام؛حيث يتم القفز على كل الشرط الديمقراطي ،لتكون السلطة دولة بين فرقاء متساويين سياسيا؛وحيث يداس المبدأ الدستوري : »ربط المسؤولية بالمحاسبة » ؛لتصيح الحشود ،الراكبة دوما قطارات لا تسير إلا القهقرى :لقد زوجتك صوتي.ثمنا –أو صداقا- لسياسة زوجتك نفسي ،التي وظفت لترفع دولة وتطيح بأخرى.
زَوَّجْتُكَهُ وأنا لا يهمني أن أعرف ماذا أنجزت للوطن ؛ما دمت أومن بالأمة بديلا. افعل بهذا الوطن ،وعلمانييه ، ما تشاء ؛فقد خالف دربه دربي ،وانقضى ما كان منا ..
الدستور،وما الدستور؟ مضيعة للمداد والورق ،وعبث علماني في عربات خلفية لقطار غربي ،فائق السرعة صوب عين حَمِئة ،لتُغرق فيها العولمة شمس الأديان.
وما الفساد غير الفساد بالأصغرين،القلب واللسان ؛حينما يعملان كالسنان في جسم الخلافة المستعادة ؛أو حواشيها التي لا تنتظر سوى الضربة القاضية ،تجندل الدولة المدنية الكافرة؟
وما فَضُل عن هذا الفساد عفا الله عنه،ماضيا وحاضرا ومستقبلا ؛مادام لا يصيب غير الوطن البدعة ،والخرائط الحرام.
جغرافية الحلال والحرام لا يسكنها سياسيون ، ومسؤولون رسميون يضبطهم الدستور والقوانين ،وتحاسبهم الدولة؛بل عفاريت وشياطين لا تأسرهم سوى الرقية الشرعية .
وما الثقافة ،وما الصحافة اللادينية غير ملاذات لبهلوانات أدركها صباح الخلافة ،وفاتتها القافلة ؛ولم تعد تسمع غير حُداء العيس ،متجهة صوب « أول الأمر » الذي لا يصلح أمرنا إلا به؛وكأن كل تناسلنا وتكاثرنا لا يعني فكرنا في شيء ؛وإنما ضفافنا الجنوبية فقط ؛كالبهائم.
كم تصيبني باليأس ثقافة زوجتك صوتي ؛التي ألمسها في الكثير من التعليقات ،وأتتبعها في الكثير من الكتابات والنقاشات.
كل أمنيتي ، ونحن على أبواب الانتخابات ألا نحولها إلى انتحابات ؛تطل علينا فيها رؤوس العفاريت والشياطين
ونزوج أصواتنا لمن يُمتعون أنفسهم – ضدا على الدولة المدنية- بتراخي الحساب إلى يوم القيامة.أي لاحساب على الفشل السياسي التدبيري – هنا والآن-وعلى العفو على ناهبي المال العام ،إلا بعد ملايير السنين .الى أن تُكَوَّرَ الشمسُ ،وتستهلك كل ما زودها الله به من « هيليوم ».
إذا كان المواطن،في أحواله الشخصية، حرا في تزويج نفسه بمن يرضاه،وفق أي شرع يراه ؛فهو مقيد، في أحواله العامة، بشرط المواطنة الحق؛وهو يزوج صوته.
المواطنة التي أصبح من مشمولاتها اليوم ، ونحن نرى كل الدمار الديني المحيط بنا، الدين الوطني الذي ،بقدرما يحتكم إلى النصوص الشرعية الاجتهادية ،التي بنت حضارة ؛يحتكم الى شروط خريطة تقع على مرمى حجر من العقلانية ،الحداثة ,والديمقراطية.
إذا كان الحساب سيؤجل ملايير السنين الضوئية ،ليتم في عالم غُيب عنا ؛فعفا الله عما سلف ،كما علمنا رئيس حكومتنا في مغرب الدنيا ..
http://sidizekri.blogvie.com
Aucun commentaire