التواصل السياسي بين  »الكلبية »وأخلاق المروءة

بقلم : ذ. عبد الفتاح عزاوي

         يرتكز التواصل السياسي السليم على أسلوب تواصلي سلس ،موزون ، يأخذ بعين الاعتبار سياق التلفظ ويهدف إلى شد انتباه المتلقي وإقنــاعه . إلا أن المتتبع للشأن السياسي المغربي يلاحظ بوضوح حجم البؤس التواصلي المنبعث من أفواه أشباه مسؤولينا السياسيين، الذين أضحوا يقترفون الفظاعات خلال خرجاتهم الرسمية أو غير الرسمية . فكيف يمكن أن تلين الأنفس وتنشرح لمن شبه شعبا بالقطيع ، وكيف يمكن لها أن تأتلف وتستأنس خطاب من جعل قبة البرلمان فضاء للتلاسن البذيء ؟

       لقد أظهرأغلب وزراء الحكومة الحالية، جهلهم بأبجديات التواصل السياسي الرصين ، وتـلـون خطابهم السياسي ما بين الأمس واليوم .فعوض انتهاجهم لأسلوب تواصلي راقي يليق ويحترم ذكاء أكثر من 33 مليون مغربية ومغربي ،فقد أضحوا لايتلفظون إلا بالكلمات الجارحة والمستفزة التي تستقبحها الأنفس وتستهجنها . فرئيس الحكومة مثلا، أصبح ممثلا  بارعا في فن الكوميديا لدى العامة ، نظرا لتعويمه وضبابيته التي تحيل على التخبط و »الهرطقة  » والانفعالية في أغلب الأحيان .أما خرجات وزير التشغيل الأخيرة ،الذي قال في اخر حوار إذاعي أجري معه  أنه كان يرعى الأغنام في صغره ومايزال يمارس هذه المهنة في الشعب المغربي ،فقد خلفت جدلا واسعا في صفوف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين شككوا في المعايير التي اعتمد عليها رئيس الحكومة لاختيار عدد كبير من وزرائه .

      بلغة السياسة ،يمكن القول أن مضامين الخطاب التواصلي تعكس العلاقة الجدلية بين الأخلاق والسياسة ،فالخيط الفاصل بينهما جد باهت ،لكنه يخترق التناقضات كلها ويدفعنا إلى التمييز بين التواصل السياسي  الذي ينهل من ثقافة الأخلاق الكلبية و التواصل السياسي المبني على أخلاق المروءة . فالكثير من  »الكلبيين  » يتصورون ويعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم من النوع الثاني ،وما هم كذلك ،لأنهم غيروا مواقفهم  ومبادئهم كما تغير الأفعى جلدها ، ولم تعد لديهم  شرعية ولاقواعد ولاضوابط أخلاقية  . فكيف نلوم من ابتعد عن السياسة من عموم المواطنين بسبب تكالب هذه الكائنات السياسية على العمل السياسي  وتحويله إلى مسرح كبيريتخذ من الديمقراطية  ديكورا وفرجة ليس إلا ؟

fattahazz@yahoo.fr