الانشقاقـات النقابيـة والو لاءات السياسيـة تفسـد عيـد العمـال
الانشقاقـات النقابيـة والو لاءات السياسيـة تفسـد عيـد العمـال
بمناسبة الأول من شهر ماي ،اعتادت الطبقة العاملة أن تخرج للتظاهر والاحتفال في شوارع كل بلدان العالم ، وحتى تلك التي تنعم فيها الطبقة العاملة بكل المكتسبات والحقوق والكرامة ، تخرج جميعها ، وفاءً واعترافاً و تخليداً لنضالات الذين سقطوا في الثورات العمالية ، و دفاعاً عن الحقوق المهضومة ، والحريّات المنتهكة للعاملين ،كما أنها مناسبة للشعوب لمشاركة العمال في احتفالهم بهذا اليوم، اعترافا لهم بالشكر والامتنان على ما بذلوه ويبذلونه من تضحيات صادقة، لتنمية وازدهار عموم المجتمع بكل شرائحه وأطيافه والذي يعود بالنفع والفائدة على البلاد.
إلا أن غالبية طبقتنا العمالية المغربية، لم تخرج كغيرها من عمال غالبية بلدان العالم المتحضرة والمتخلفة وتلك التي هي في طريقها للنمو ، لنفس المناسبة ، بسبب القرار المتخذ من طرف اغلب المركزيات النقابية، و القاضي بعدم الاحتفال بعيد العمال في فاتح ماي 2015 ، والذي يعتبر قرارا استثنائيا بكل المقاييس ، حيث أن السبب الظاهر وراء هذا القرار هو وصول الحوار الاجتماعي مع الحكومة إلى الباب المسدود و التعنت في مواقفها اتجاه الطبقة الشغيلة ، غير أن باطن هذا القرار يكمن في ضعف هذه النقابات، ووجود انشقاقات داخلية، والخوف من انكشاف ذلك في حالة الخروج والاحتفال بفاتح ماي ، خصوصا في ظل غياب عناصر الديمقراطية الداخلية ، ومنطق الشفافية لدى البعض من هذه المركزيات، إلى جانب البعد السياسي و الإيديولوجي الحاضر دائما في العمل النقابي، و الذي يعتبر سببا رئيسيا في ضعف الحركة النقابية بالمغرب، وعنصرا من عناصر غياب الثقة لدى فئات واسعة من المأجورين.
وضع مقلق لمن ساير العمل النقابي ورافقه في صيرورته وأيام عزه، مفزع لمن يؤمن بقدرة العمل النقابي على تحقيق المكاسب و الكرامة للشغيلة.
إذا كنا نومن بتصحيح المسار، فان النقابات ملزمة اليوم بالقطع مع هذه السلوكيات، فالعمل النقابي تهاوى كثيرا، ومطالب الطبقة العاملة تراكمت، والمشاكل تفاقمت، والعامل أصبح يتمتع بوعي علينا احترامه، لم يعد يتقبل الكولسة ولا كائنات تدافع عن مصالحها الضيقة،ولا متاهات سياسية، فهو متعطش إلى العدالة الاجتماعية و المزيد من الحرية و الديمقراطية، لتحسين أوضاعه المادية والمعنوية.
فنحن في حاجة إلى نقابات، ينبغي أن تبقى وفية لفلسفتها و مبادئها الأساسية خصوصا في الدفاع عن الطبقات الكادحة و المستضعفين وصغار المأجورين ، وضرورة العمل على تغليب منطق العقل و الحكمة في التعاطي مع ملفاتهم و مطالبهم المشروعة، بهدف تحقيق الحد الأدنى من كرامتهم و استقرارهم النفسي و المادي و الاجتماعي، و الحصول على السلم الاجتماعي، و التركيز على تحقيق العدالة في منظومة الأجور و معالجة الاختلالات ، والفوارق الكبيرة التي تعتريها ، ومحاربة اقتصاد الريع و الامتيازات واعتماد الشفافية و الديمقراطية الداخلية ، حيث تعتبر هذه المبادئ و الأهداف هي الرصيد الحقيقي لكل نقابة، وسر وجودها و قوتها في الساحة بل و استمرارها.
Aucun commentaire