كل الطرق تؤدي إلى منزلها البعيد . كان يتحاشى اللقاء بها حتى لا يزداد ألما . في هذا اليوم ، كان الجو كئيبا جدا والسماء حزينة تغشاها سحبا سوداء مع بعض القطرات المطرية التي سقطت على رأسه فبللته . توقف قليلا مسح الماء عن رأسه . مكبر الصوت ينادي ، احترموا المسافات ، ضعوا الكمامات ، الفيروس قاتل … يمر عبر الدروب والأزقة الملتوية حتى لا يصل إليهم خبره . كان يعلم أنه تحت المراقبة المستمرة . كل الأصابيع تشير إليه – ’’ ها هو – ها هو …’’ لقد مر من هنا . انه لا يحترم الحكم الصادر في حقه . انه يحتقرالمقرر القضائي . فكل نظرة إليها كانت تعتصرقلبه فيجف حلقه و يصاب بنوبات حزينة . يا ليتني لم أمر من هناك ، ولم أشاهد …
احتضنها من لا رحمة لهم ولا شفقة بحنان ورغم ذلك لا يرقى إلى حنانه كأب محروم من حرارة اللقاء ، كما حرموها من كلمة ’’ بابا ’’ التي قيلت له مرة واحدة في حياته قبل الاختطاف . مجبر على المرور في هذا اليوم التعيس . التفت يمينا وشمالا هل يراه من أحد ؟ ، ثم طوى الأرض طيا . إلتقى بها فجأة على الرصيف الآخر . لوح لها بيده المرتجفة ، تجاهلته … كررها ، فانصرفت مسرعة ولم تلتفت إليه . طرقت الباب بقوة إذانا بوجوده ، فتحوا لها الباب ودخلت مسرعة … ازداد ألما وحزنا وهو يراقبها من بعيد . صراخ وعويل بداخله ، كاد قلبه أن ينفجر من شدة ما شهدته عيناه ، وخاطب نفسه :لماذا …؟ لماذا …؟ وهل ليست من لحمي ودمي . وكأنها لا تحمل جيناتي ، أ ليست ابنتي …اليست فلذة كبدي ….اليست قرة عيري …لماذا هذا الظلم في حقي وفي حقها ؟ … صبره عقله ، وقال له : انصرف بهدوء إن بعد العسر يسرا . انصرف قبل أن تصل الأمور الى ما لا يحمد عقباه . صبر جميل والله المستعان . طأطأ رأسه المثقل بالهموم ، وأقسم على عدم العودة و المرور من باب منزلها …ومن دربها .
Loading...
Dans le même sujetفي نفس الموضوع
3 Comments
Good luck
11/05/2020 at 10:57
أقول السي عكاشة بأنه ليس الأول و ليس الأخير الذي وقع الانفصال بينه و بين الطرف الآخر و لم تستمر لديهما الحياة الزوجية ففي فرنسا مثلا زوجان من أصل ثلاث أزواج » يتطالقو » و كل واحد منهما يعيد بناء حياته الزوجية من جديد أو يبقى أعزب حر طليق يفعل بحياته ما يشاء و بما أن المرأة نقيض الرجل و الرجل نقيض المرأة فدوام الحال من المحال إلا أن الأطفال هم ضحايا الطلاق و لكن عندما يصبح العيش و الحياة بين زوجين مستحيلة تحت سقف واحد فلا بد من الانفصال كي تستمر الحياة بطريقة أخرى. و حظ سعيد و bon courage للسي عكاشة أبو حفصة.
- عكاشة أبو حفصة .
11/05/2020 at 21:06
GOOD LUCK
السلام عليكم ورمضانكم مبارك سعيد .
ممتنا لكم على هذا التعليق . على الأقل أخرجتم قصتي القصيرة من الصفرية . ’’ الطلاق ’’ رحمة منحه الله لعباده و الشائع أنه أبغض الحلال عند الله . وهذا ليس موضوع القصة القصيرة . كنت أتمنى منكم مناقشة بناء القصة ونقد موضوعها الذي يدور حول حرمان أب من معانقة فلذة كبده . لا أظن أن في فرنسا حسب الإحصاء الرسمي الذي قدمتم في تعليقكم أن الأم الحاضنة تمنع الأب من معانقة فلذة كبده . الأحداث في القصص الأدبية تتشابه وكما جاء في العنوان : مشهد من الحياة القاسية في زمن كورونا . أعود لأشكركم على ما خطه قلمكم . وأتمنى أن لا تبخلوا علينا في المرة القادمة .
– عكاشة أبو حفصة .
متفاعل مع النص .
12/05/2020 at 12:55
جميلة جدا هذه القصة القصيرة ، رغم الحزن الذي ترسمه ملامحها . لقد استطاع الكاتب مشكورا أن ينقل لنا معانات البطل في قلب حزين ’’ بمنعه بالاتصال بابنته ’’ وكيف استطاع أن يلف الدروب و الأزقة محاولا عدم اللقاء بابنته رغم حالة الطوارئ الذي فرضتها جائحة كورنا وهي حالة معاشة بيننا الآن وكأنها كتبت اللحظة . لأن أي لقاء أومشاهد كما جاء على لسانه يسبب له المزيد من الحزن . ومع ذلك شهدها في الطرف الآخر من الرصيف . صور لنا المشهد وكأننا نراه بأم أعيننا لوح لابنته بيده المرتجفة – صورة حزينة – لم ترد عليه ، بل فرت منه مسرعة الى باب المنزل وهذا مشهد ثاني لحالة طرق الباب بقوة من طرف ’’ المحضونة ’’ بعد ذلك صور لنا مشهد المعانات بداخله كأنها ليست ابنته من صلبه – أعتقد أنه كان يقصد قرة عيني في السطر 32 – …. وختم قصته بعدم العودة ثانية – لاحظتم معي حجم المعانات -. مشهد رهيب جدا لما يعانيه المحروم من صلة الرحم . اتمنى له كامل التوفيق في الكتابة القصصية وربما القادم افضل .
Commenter l'article
SHARE
مشهد من الحياة القاسية في زمن كورونا / قصة قصيرة .
3 Comments
أقول السي عكاشة بأنه ليس الأول و ليس الأخير الذي وقع الانفصال بينه و بين الطرف الآخر و لم تستمر لديهما الحياة الزوجية ففي فرنسا مثلا زوجان من أصل ثلاث أزواج » يتطالقو » و كل واحد منهما يعيد بناء حياته الزوجية من جديد أو يبقى أعزب حر طليق يفعل بحياته ما يشاء و بما أن المرأة نقيض الرجل و الرجل نقيض المرأة فدوام الحال من المحال إلا أن الأطفال هم ضحايا الطلاق و لكن عندما يصبح العيش و الحياة بين زوجين مستحيلة تحت سقف واحد فلا بد من الانفصال كي تستمر الحياة بطريقة أخرى. و حظ سعيد و bon courage للسي عكاشة أبو حفصة.
GOOD LUCK
السلام عليكم ورمضانكم مبارك سعيد .
ممتنا لكم على هذا التعليق . على الأقل أخرجتم قصتي القصيرة من الصفرية . ’’ الطلاق ’’ رحمة منحه الله لعباده و الشائع أنه أبغض الحلال عند الله . وهذا ليس موضوع القصة القصيرة .
كنت أتمنى منكم مناقشة بناء القصة ونقد موضوعها الذي يدور حول حرمان أب من معانقة فلذة كبده . لا أظن أن في فرنسا حسب الإحصاء الرسمي الذي قدمتم في تعليقكم أن الأم الحاضنة تمنع الأب من معانقة فلذة كبده . الأحداث في القصص الأدبية تتشابه وكما جاء في العنوان : مشهد من الحياة القاسية في زمن كورونا .
أعود لأشكركم على ما خطه قلمكم . وأتمنى أن لا تبخلوا علينا في المرة القادمة .
– عكاشة أبو حفصة .
جميلة جدا هذه القصة القصيرة ، رغم الحزن الذي ترسمه ملامحها . لقد استطاع الكاتب مشكورا أن ينقل لنا معانات البطل في قلب حزين ’’ بمنعه بالاتصال بابنته ’’ وكيف استطاع أن يلف الدروب و الأزقة محاولا عدم اللقاء بابنته رغم حالة الطوارئ الذي فرضتها جائحة كورنا وهي حالة معاشة بيننا الآن وكأنها كتبت اللحظة . لأن أي لقاء أومشاهد كما جاء على لسانه يسبب له المزيد من الحزن . ومع ذلك شهدها في الطرف الآخر من الرصيف . صور لنا المشهد وكأننا نراه بأم أعيننا لوح لابنته بيده المرتجفة – صورة حزينة – لم ترد عليه ، بل فرت منه مسرعة الى باب المنزل وهذا مشهد ثاني لحالة طرق الباب بقوة من طرف ’’ المحضونة ’’ بعد ذلك صور لنا مشهد المعانات بداخله كأنها ليست ابنته من صلبه – أعتقد أنه كان يقصد قرة عيني في السطر 32 – …. وختم قصته بعدم العودة ثانية – لاحظتم معي حجم المعانات -. مشهد رهيب جدا لما يعانيه المحروم من صلة الرحم .
اتمنى له كامل التوفيق في الكتابة القصصية وربما القادم افضل .