Home»Islam»مع العام الهجري الجديد

مع العام الهجري الجديد

0
Shares
PinterestGoogle+

ها هو شهر محرم قد أطل علينا هلاله، فاللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى. وبهذا تكون الأمة الاسلامية قد ودعت عاما هجريا واستقبلت عاما هجريا آخر. ويسمى هذا العام العام الهجري نسبة الى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة وهو الحدث العظيم الذي ارتضاه الصحابة بداية لتاريخ الإسلام في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه،لأن الهجرة كانت مصدر خير وبركة على الإسلام والمسلمين، إذ بها قامت دولة الإسلام وقوي المسلمون بعد ضعف، وكثرواْ بعد قلة،واعتزواْْبعد ذلة .
ولقد ارتأيت أن أقف بمناسبة هذا العام الهجري الجديد مع بعض ما يرمز إليه هذا الحدث من الدلالات والدروس ، التي تحتاجها الأمة الإسلامية اليوم، رجاء أن تكون مساهمة متواضعة في تخطي عقبات الوهن التي تتخبط فيها أمتنا  .
وألخص حديثي في ثلاثة محاور، وهي كالآتي:
أولا: الاعتبار بمرور العام
ينبغي للإنسان المسلم أن يعلم بأنه يودع في هذا العام جزءا من عمره، لأن الإنسان كما قال الحسن البصري رحمه الله مخاطبا ابن آدم:  يابن آدم إنما أنت مجموعة من الأيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك .
وكل ما يمضي من الوقت يقربك إلى أجلك وقبرك بسرعة فائقة ، لذلك أكد علماؤنا أن من خصائص الوقت سرعة انقضائه.
ومرور العام يذكر الناسي وينبه الغافل، بأن  صفحات عمره ستطوى في يوم من الأيام، كما طويت صفحات هذا العام حتى لا يستبعد آخرته من حساب تفكيره ،كما يفعل كثير من الناس ممن استعبدتهم هذه الدنيا وشهواتها  .
ثانيا: محاسبة النفس
لا شك وأن الاعتبار بمرور العام بصدق وإخلاص يؤدي بالإنسان إلى محاسبة نفسه على عمله، فإن كان خيرا حمد الله تعالى ، وإن كان شرا تاب إلى ربه واستدرك بقية أيامه، ووعي مقولة ميمون بن مهران رحمه الله :  » لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات » ، يعني أن التائب يمحو بالتوبة ما سلف من السيئات ، والعامل يجتهد في علو الدرجات، ومن عداهما فهو خاسر .
ويقول الله تعالى في الأمر بمحاسبة النفس: » يا أيها الذين آمنواْ اتقواْ الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد  » (الحشر: 18) ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : « حاسبواْ أنفسكم قبل أن تحاسبواْ وزنواْ أعمالكم قبل أن توزن عليكم واسألوا أنفسكم قبل أن يصير السؤال إلى غيركم  »  .
لذا كان لزاما على كل مسلم أن يكون محاسبا لنفسه في كل وقت وحين ، فإن فرط في هذه المحاسبة خلال العام، فلا ينبغي أن يفرط فيها على رأس العام .
فيا من ضيعتم الصلوات ، واتبعتم الشهوات ، وأغضبتم رب الأرض والسماوات، حاسبواْ أنفسكم قبل أن تحاسبواْ ، ويا من فرطتم في أرض فلسطين أرض الأقصى حاسبواْ أنفسكم واعلمواْ أنكم ستحاسبون عما قدمتم لدحر العدو الصهيوني وحماية إخوانكم، و يا من يقولون لا بديل لحل قضية فلسطين غير المفاوضات و التنازلات إرجعوا إلى رشدكم .

ثالثا: التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم
ينبغي لكل مسلم أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الهجرة في أمرين مهمين وهما :
 التخطيط والأمل.
فمن حيث التخطيط ، بايع الرسول الأوس والخزرج بيعتي العقبة وعاهدهم على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وهيأ صلى الله عليه وسلم الرفيق والرواحل والدليل والغار، ومن  يأتي له بالطعام والأخبار، ومن ينام مكانه إذا خرج من البيت، وغيرها من الأعمال التي كانت ترتب بعد تفكير عميق وتخطيط دقيق .
فمتى يتأسى المسلمون برسول الله صلى الله عليه وسلم فيرتبواْ أعمالهم ويخططواْ لها كما خطط صلى الله عليه وسلم ، ونحن نعلم أن الأمة بحاجة إلى هذا التخطيط المحكم في زماننا هذا أكثر من أي وقت مضى.
وما اغتصب الصهاينة أرض المقدسات والنبوات، أرض الإسراء والمعراج، إلا بالتخطيط ، في حين يتخبط المسلمون خبط عشواء .
 ومن حيث الأمل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خارج تارك أرضه لم يغب عنه الأمل لحظة أنه منصور، وأن أمته ستفتح ممالك كسرى وقيصر.
وقد حقق الله له ما وعده ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم  لسراقة بن مالك : كيف بك يا سراقة إذا ألبسك الله سواري كسرى ؟ قال كسرى بن هرمز؟ قال نعم كسرى . وقد تحقق ذلك لما فتح المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلاد فارس وجاءته الغنائم فنادى في الناس أين سراقة بن مالك ؟ فقال: أنايا أمير المؤمنين ، فقال: أتذكر يوم قال لك النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ؟ فقال: نعم أذكره ولا أنساه ،فقال: تعال ألبسك سواري كسرى، فألبسه سواري كسرى وقال : الحمد لله الذي أذل بالكفر كسرى بن هرمز وأعز بالإسلام سراقة بن مالك، أعربيا .
ولو أن المسلمين يستفيدون من سيرة نبيهم لما حادوا عن هذا التخطيط في كل أمر يقدمون عليه .
و تجدر الإشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه و سلم فعل في هذا التخطيط ما يستطيع و ترك ما لا يستطيع لله تعالى حتى يكمله , و هذا ما ينبغي للمسلمين أن يتمسكوا به إذا أرادوا سلوك طريق النصر و العزة .
وليعلم المسلمون أنهم منصورون متى أخذوا بأسباب النصر و ذلك ما يقضيه الأمل الذي كان عند المصطفى صلى الله عليه و ســلم في هذه الهجرة .
فما أحوج هذه الأمة أفرادا وجماعات إلى أن يقفواْ هذه الوقفات مع كل عام هجري جديد، خاصة وأنها بحاجة إلى تلك الدروس والعبر كلها لأن الأعداء و الأدعياء تكالبواْ عليها من كل ناحية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Amasen
    20/12/2010 at 19:08

    جميل أن نرى مثل هذه المنشورات التي قد تحقق صلة بين الماضي و الحاضي بين الزمن الجميل زمن الدين و التقوى وزمننا هذا

    نتقدم لكم بفائق الشكر و الإمتنا على غيرتكم الشديدة على أبناء بلدكم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *