Home»Islam»إلى الكاتب نور الدين بوصباع : ما هذا التحامل على علماء الإسلام ؟

إلى الكاتب نور الدين بوصباع : ما هذا التحامل على علماء الإسلام ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
في الحقيقة قرأت مقالك وترددت في أن أعقب عليه ، لأنني لم أرى فيه أي جديد لا من جهة المعالجة ولا من جهة التحليل ، فقط بسطٌ لأفكار معظمها قديم لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تدفع أمتنا المتخلفة إلى الأمام ، ولا تنير لها طريقا ، بل هي أفكار وآراء في مجملها تحامل على الإسلام وعلى علماء الإسلام .
ولكن كما أباحت لك الحرية أن تكتب وتتهم وتشمر عن سواعد التغليط والتلفيق فكذلك أباحت لي الحرية أن أعقب عليك وربما أريك مكامن التغليط والتلفيق في مقالك ، إن سمحت أنت بقبول ذلك ، فما كتاباتنا وتعاليقنا سواء أنتم أو نحن ، إلا تنوير للرأي العام ووضعه في الصورة بأبسط تعبير ، بعيدا عن لغة السب والشتم والاتهام .

هناك العديد من النقاط في مقالك تناولتها بنوع من البرغماتية الفانية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على غياب فهم واضح للمسألة المراد معالجتها ، وإنما هي فقط أفكار كانت تأكل قلب صاحبها من الداخل فأراد أن يتخلص منها بالكتابة على صفحات النت كي يستريح من حريقها المهول في ذلك ، وكان الأولى له أن يطفئ لهيبها المشتعل بماء العلم المنطقي الرصين والدراسة المتفانية والتخطيط الممنهج وبعض من العمل الجماعي ، هذه الأمور التي يثبتها للغرب ولا يعمل بها هو بنفسه، حين ذاك فقط تظهر الصورة ويكتمل الفهم ونبتعد عن هذه اللغة الخبيثة التعبير العفنة المعنى ، نريد من كتابنا أن ينصحوا علماؤنا بلغة جمالية سليمة المعنى تأخذ بيد المخطئ إلى عين الصواب دون أن يحس فيها بشيء من الاحتقار أو الاتهام ، ولكن أبت دلال إلا أن تعيش وسط عفنها. أو كما يقول المثل .
أول النقط التي لم افهمها وتمنيت من الكاتب أن يبسطها أكثر : وهي مقارنة علماء العلوم التجريبية الأوروبيين بعلماء الشريعة المسلمين ، فلم أجد واصلا بينهما يمكن أن يتخذ كمقارنة . أنا معك في قضية واحدة فقط في مقالك هذا ، وهي أن علمائنا رضوا بالعلم الشرعي الذي حصلوه وجلسوا في مكاتبهم دون حراك ، وهذا أمر لابد من أن نذكره لهم ، ولكن بشيء من الاحترام والتقدير لهم ، إذا كان علماء الغرب أفنوا زهرة شبابهم في مختبرات البحث العلمي يكدون باجتهاد ويتفانون بإخلاص من أجل خدمة أمتهم لا من أجل خدمة البشرية كما يقول الكاتب ، فإن علماءنا أفنوا أعمارهم وليس فقط زهرة شبابهم في الترحال من اجل حفظ كتاب الله وإتقانه وحفظ السنة وعلومها ، في وقت لم يعد يستطيع أمثال كاتب المقال أن يحفظوا سورة واحدة من كتاب ربهم .

نعم نحن ننكر على علمائنا اقتصارهم على نوع واحد من العلم في حين كان علماؤنا قديما علماء طب وفلك وفيزياء مع علمهم الشرعي ، فلو كانوا أثناء ترحالهم يطلبون شيئا من ذلك لكان أمرا محمودا. لكن هذا أمر لا يضر لأننا في زمن الاختصاص وكل كفيل بعلمه الذي اختص به ، نعم لعلمائنا الحق في أن ينكروا على أمثال نصر حامد أبو زيد لأنه ترك علمه وذهب إلى علمهم ، فلم يحترم التخصص فكان لزاما أن يبينوا له خطأه فليس كل من هب ودب يأتي ليعلمنا كيف نقرأ كتاب ربنا وهو أصلا لا يعرف كم من سورة في القرآن ، أو ربما يكون المصحف أمامه في الطاولة بمقربة من السجائر أو المشروبات.. فانا وإن لم أكن عالم دين لن اقبل من أبو زيد أن يقول لي « هناك آيات في القرآن غير ديمقراطية » أو يقول لي « إن الله أخطأ حينما أعطى للمرأة نصف حظ الرجل من الإرث » فهذا ليس تنويرا في الفكر وإنما هو اعتداء على كتابي الذي يمثل عقيدتي وديني ولابد أن أدافع عنه عن طريق البيان الذي كفلته لي الحرية الفكرية كما كفلته لهم . أم أنهم حينما يتهمون كتاب ربنا وديننا يسمون « مفكرين متنورين » وحينما ندافع عن كتاب ربنا نسمى « متخلفيين ».
ثم كان الأولى بهذه المقارنة أن تحصل بين علماء الدين الغربيين مع علماء العلم التجريبي أم علينا أن نذكرك أن علماء الدين الأوروبيين قد منعوا على إخوانهم من العلماء العلميين إجراء العديد من العمليات والتجارب الطبية كان آخرها منع الاستنساخ ، أم أنك لم تقرأ مجلة « دولة الفاتيكان » التي يعنونونها بـ »هذا دربي » منعوا فيها العديد من التجارب والعمليات الطبية باسم الدين المسيحي ، فأين مقالك منهم وهم العلماء الكسالى بحق رجال الإكليروس الذين يقبعون في كنائسهم وصوامعهم ينتهكون أعراض النساء اللاتي لم يجدن أمثالكم للدفاع عنهن من الانتهاك والاغتصاب والاستغلال .

إن دور علمائنا كبير وخطير جدا ، فهم يحفظون للأمة وجدها ، إذا غابوا وذهبوا اتخذ الناس رؤوسا مثلك فضلوا وأضلوا ، إنهم يحفظون القيم التي رغم تطور الغرب لم يعرف لها سبيلا ، وإن استطعت فعش في أمريكا شهرا واحد فقط وتعال لتخبرنا بتجربتك ، إن أمة الغرب أمة علم بدون قيم بدون أخلاق بدون مبادئ ، تجارب فقط تؤدى من أجل أن تعطى لأصحاب الأموال عندهم ، كل يعرف أن العلماء الأوروبيين وصلوا إلى علاج سرطان المعدة ، فأين هو المواطن الأوروبي من هذا العلاج ؟ لم يجده ولن يجده ، لأن هذا العلاج لم يصنع له وإنما صنع لغيره ، أم أنك صدقت أن « حقنة الأنفلونزا » كانت تفرق بحق على المواطنين الاوروبين في المطارات والمستشفيات ، ولا تقل لي أنك لم تقرأ كتاب « من أنا ؟ » للكاتب البريطاني « بلوريك إينان » الذي كشف فيه عن وجه أوروبا الحقيقي وهو وجه المال ، فإن لم تكن قرأت فلا باس أرسل لك بنسخة .
علماؤنا إن تدخلوا تدخلوا بعلمهم ليحفظوا للطب روحه ، ليحفظوا له قيمه ومبادئه ليذكروه بأن له مهمة أسمى وهي علاج الناس ، وليس الاغتناء بأمراض الناس وآلامهم. علماؤنا يا سيد بوصباع لا يسارعون على تبني كل الاختراعات ويملئون الدنيا زعيقا بأن ما تم اختراعه وما تكبده العلماء الكفرة – كما يقول بوصباع – مسطور في الكتاب المبين ، وإنما علماؤنا يسارعون ليقولوا لعلمائنا ودكاترتنا لو كنتم تبحثون كما يبحثون لوصلتم إلى ما وصلوا إليه قبل أن يصلوا إليه.
أخيرا كان الأولى بهذا المقال أن يراد به دكاترتنا وعلماؤنا التجريبيون الأشباح أسماؤهم في المكاتب وأجسادهم في الشواطئ ، لا يعرفون معنى البحث وإنما معنى الارتزاق والاغتناء عن طريق آلام الناس ومعاناتهم .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *