سبحانك ما اعظم شأنك
بقلم أنس رضوان
سبحان من تجلل بالعزة و الجبروت، سبحان من تعظم بالملك والملكوت، سبحان من أنار لنا سبل السلوك للحي الذي لا يموت،سبحانه جل من كريم يبسط يد الزمن ليتوب التائبون و يعدل الجائرون و يصر المستكبرون، فلا هم لمرور الدهر يعتبرون، ولا هم لروح التوبة ذائقون.سبحان من خلقنا من تراب وجعلنا له راجعون، في سفر آخره أننا لله منقلبون. ولله عائدون فبأي حال تلقى رب العزة في يوم نحن له مجموعون انسنا وجننا أولنا والآخرون ،بعد سفر أدعوكم لاسترجاعه علا نكون ممن يفقهون، بدأ الأمر بنطفة من ماء قيمته تهون فإذا بالنطفة علقة وبالعلقة مضغة لتتوالى المراحل ليحين وقت الخروج لعالم الكل لقدومك منتظرون، خرجت بعون من الله لعالم أنت فيه باك والناس حولك يضحكون لتسمع في أذنك صوتا لأناس يؤذنون، لا حول لك ولا قوة، جسدك هش لاصوت لك إلا بكاء نداءا لأم حنون، فتلبي الأم النداء بحليب بارد في الصيف ودافئ في الشتاء نعمة أخرى أفلا تتفكرون، ومرت الأيام ومعها السنون إلى أن صرت شابا فرجلا إلى أن أصبحت كهلا فهم اليوم صلاة دون أذان عليك يصلون. بين أذان وصلاة حياتكم يا من تغفلون، غسلوك كفنوك وعلى الأكتاف حملوك وإلى ما خلقك الله منه يرجعوك.
هنا ينتهي سفرنا كما ترون، لكن منهم بربهم يتعلقون، يقولون من هنا فل يبدأ البادئون، وللرفيق في السفر هم باحثون لأنهم للحضرة الربانية يطمحون. يقول الله العظيم في قرآنه الكريم : » وَ إِنَّا إلَى رَبِنَا لمنْقَلِبُونْ » و عند تلاوتنا للآية الكريمة » نستحضر حقيقة السير إليه تعالى، سلوكا إلى الله، وصولا إليه، الغاية هو، المطلب هو، المرتجى هو، القبلة هو، و المعين هو، سبحانه و تعالى ،فإذا ليس في الحقيقة إلا هو،ليس بيننا و بينه في عليائه و جلاله، من مسافة تقطع إلا دوام الحضور معه، و إزاحة حاجب النفس من الوصول إليه، المسار الدنيا و المنتهى الآخرة، المبتدأ الفناء و الخبر البقاء، فاستغل الفناء لأعلى مقام في البقاء ، فيلزمك لهذا السفر مركوب يمتطى و طريق تسلك، و غاية ترتجى فإذا المنتهى لقاء الله،أرأيتم كم هي قصيرة هذه المسافة، كم هي معدودة ألفاظ الآيات التي صورتها، و كم هي غارة هذه الدنيا التي تعد بزينتها فإذا هي تدفع بطالبها إلى موقف الذل و الندامة في الأخرى، و كم هي كبيرة حسرة السائر فيها الحابس أمله عليها العابد نهمه خلفها، إذا انتهى إلى الله الجليل على غرة، بينما رجاؤه لذة تنال، بينما العاصي طائش و الصحفية قاحلة جذبة و الشهود خصوم عدول » يَا حَسْرَة عَلَى العِبَادِ ». يا حسرة على من باع أخراه بدنياه واتبع هواه فكانت النتيجة أن رماه في النار هواه، ويا فرحة لمن باع دنياه ليشتري أخراه في سوق الصدق بعملة الذكر المستوردة من ظلال صحبة أهل الله.
Aucun commentaire