Home»Islam»وباء التغريب وضرورة التطهير

وباء التغريب وضرورة التطهير

0
Shares
PinterestGoogle+

وباء التغريب وضرورة التطهير

إن الذي يقوم برصد حركة التغريب داخل الكيان الإسلامي، بعين فاحصة ونظرة ثاقبة، وبتتبع تجلياتها على عقليات الأفراد وأنماط سلوكهم وتصرفاتهم، ينتهي لا محالة إلى الحقائق التالية:

أولا: إن مسلسل التغريب قد آتى أكله الرهيب وسط فئات واسعة وعريضة داخل ربوع العالم الإسلامي، على اختلاف مواقعها الفكرية والاجتماعية ومستوياتها التعليمية، فلا فرق بين المستويات العليا والمستويات الدنيا إلا من حيث درجة الوعي بآثار ذلك المسلسل، وامتصاص قوالبه النظرية ومقولاته الفكرية.

ثانيا: إن مفعول التغريب المدمر قد ارتفعت وتائره وتفاقمت انعكاساته على الأفراد والمجتمع بشكل مطرد، في موازاة مع تطوير أساليب الكيد والاحتيال على الجماهير المسلمة لاستلابها وسلخها عن هويتها وجوهرها الحضاري الأصيل.

ثالثا: إن الحرب التغريبية الكاسحة تتخذ أشكالا عنيفة في العمق وإن كانت تبدو للنظر السطحي أنها تتم بأشكال سليمة ناعمة، فهي تروم القيام بعملية غسيل لمخ الإنسان المسلم، وقلب لبنيانه الفكري، عبر آلات مدروسة ومعقدة، وذلك بقصد إتلاف المفاهيم الأصيلة في وعيه الباطن وزحزحة الثوابت الراسخة في كيانه النفسي، فيلقى في روعه أن الدين لا يعدو أن يكون طقوسا تعبدية تنحصر في علاقة الإنسان بربه في مفهومها الضيق، وأن ما دون ذلك ميدان مستباح للإنسان، يجوس خلاله بخيله ورجله، وأن مفهوم العرض والشرف ليس إلا إفرازا من إفرازات العصور الغابرة الموسومة بالتخلف والانحطاط، ينبغي تجاوزه باسم العصرنة والانفتاح والتحرر من العقد. وأن « حقوق الإنسان » مقولة سحرية خليق أن تتبخر تحت مفعولها وسلطانها كل العوائق، وتتكسر على صخرتها كل القيود، فإنسان العصر هو إنسان التفتح الذي يزيح من طريقه كل ما يحول بينه وبين الانطلاق في مسارب اللذة واغتنام ألوان المتاع، إذ الحياة فرصة لا تتكرر فينبغي أن تعاش وتستهلك إلى أقصى الحدود.

رابعا: إن ما لحق الشخصية المسلمة من مسخ وتشويه مرجعه إلى تلويث المناخ الثقافي العام عبر قنواته المتعددة ومظاهره المتنوعة، أكثر من كونه راجعا إلى الصياغة المذهبية أو التشكيل النظري للأفراد، بدليل أن وباء التغريب لا ينحصر في الفئات المثقفة، وإنما يجثم بكلكله على صدور الجماهير العريضة التي تسبح في سديم الأمية الكالح.

خلاصة: وبناء على ما سبق فإن التصدي لإعادة البناء الحضاري المنشود، لا مناص من أن يمر عبر إعادة تشكيل العقل المسلم المصاب بلوثة التغريب وإعادته إلى حالة السواء. وهذه لن تتأتى إلا من خلال تطهير المناخ الثقافي وإعادة هيكلته، وإخضاع المجتمع لخطة علاجية منهجية طويلة الأمد، تقوم على عمليتين متوازيتين، تتمثل أولاهما في تخلية الكيان مما امتصه من جراثيم الداء وعناصر الفساد، وتتجسد الثانية في تحليته وسقيه بالشراب السائغ الذي يحمل الشفاء والذي تمثله ثقافة الإسلام.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. استاذ
    11/04/2009 at 22:42

    ان التغريب بمعناه الحقيقي يتمثل في شحن عقول المسلمين بنماذج و معايير قيمية و اخلاقية ما فوق تاريخية.تجعلهم في حالة تنافي مع منطق الحضارة المعاصرة و في وضع المنفعل لا الفاعل.ثم ان مفاهيم حقوق الانسان و الديمقراطية …ليست منتجات غربية خالصة بل هي قيم ساهمت في بلورتها الحضارات المتعاقبة عبر التاريخ ومن ضمنها الحضارة العربية الاسلامية. ومن جهة اخرى فان الغرب ليس كلية منسجمة بل هو اوساط و دوائر من حيث المواقف و الالتزامات فجورج كلاوي ليس هو طوني بلير وتشومسكي ليس هو بوش . وادا ما كانت هناك دائرة في الغرب تدوس على حقوق الانسان او تكيل بمكيالين في التعامل مع القضايا الدولية فان هكذا تعاطي لا يبرر التنصل من منظومة قيم حقوق الانسان و غيرها من القيم النبيلة والمشتركة بين بني البشر.ان مشكلة المسلمين ليست في علاقتهم مع دينهم او ماضيهم وانما في عجزهم على و لوج الحضارة المعاصرة من موقع الفاعل و المشارك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *