Home»Islam»الإنسان بين العلمانية والربانية

الإنسان بين العلمانية والربانية

1
Shares
PinterestGoogle+

الإنسان بين العلمانية والربانية

بقلم: عبدالمجيد بنمسعود
إن من يرصد حركية المجتمع المعاصر، يخرج باقتناع جازم بأن هذه الحركية تجري عبر صراع محتدم بين النزعة الإيمانية التي ترجع كل شيء إلى الله عز وجل وتربط مصير الإنسان بمشيئته تعالى، وبين النزعة العلمانية اللادينية التي تنظر إلى الكون على أنه قائم وحده في استقلال عن أية قوة تدبره وتهيمن عليه، وإلى الإنسان على أنه سيد نفسه وسيد هذا الكون يمسك بمقاليده ويتحكم في سننه. ويخرج الراصد لهذه الحركة أيضا بأن النزعة العلمانية اللادينية تبذل جهودا مستميتة تزج فيها بكل مكتسبات العلم والتقنية من أجل تجفيف منابع التدين من تراث الإنسانية الحافل، وسلخ الإنسان من فطرته تماما، فيتبدل الإنسان غير الإنسان وتتعرى الحياة من رداء الشريعة الربانية فتصبح قاعا صفصفا وأرضا يبابا، بعد أن يفصم الإنسان كل العرى التي تربطه بخالق الكون وواهب الحياة.
الذي يتابع الجهود المذكورة وما رصد لها من إمكانات ضخمة ومؤسسات هائلة لا تفتر عن التخطيط، ومؤتمرات حاشدة تسعى إلى اكتساء طابع الإجماع الذي لا يخرج عنه أحد، يعلم علم اليقين حقيقة ما تنشده النزعة العلمانية اللادينية من غلبة وظهور في نهاية المطاف. وإن الناظر بنفاذ بصيرة إلى وجهة المجتمع الإنساني في العصر الراهن، يدرك أن النزعة الدينية تملك طاقات حافلة وإمكانات غنية بحكم استنادها إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها. غير أن قدرا غير يسير من تلك الطاقات لا يزال مقبورا تحت ركام التأثيرات الناجمة عن مسلسل العلمنة الرهيب وهو بحاجة إلى جلائه وتحريره وبعثه من تحت الأنقاض.

وكنموذج مما يدخل في مسلسل العلمنة ومدخلاته الفتاكة، طريقة تعامل الثقافة الإعلامية مع مجموعة من الظواهر البيئية والإيكولوجية و »الطبيعية » من قبيل الزلازل والجفاف والخرق الذي يتعرض له الغلاف الجوي ( طبقة الأوزون).الخ.
إن هذه الظواهر، على كونها تشكل تحديا ربانيا كفيلا بخلخلة موازين النزعة العلمانية، وبهز كيان الإنسان وإعادته إلى رشده ليعرف حجمه الحقيقي ويصطلح مع خالقه ورازقه، نجد أن الخطاب الثقافي والإعلامي السائد لا يزال يصر على التعامل العلماني الجامد مع الظواهر المذكورة وغيرها، والمتمثل في الوقوف عند أسبابها القريبة وعدم اختراقها للوصول إلى فتح مغاليق الظواهر والأسباب المودعة فيها، وكأن هذا الكون يسير بدون قوة تدبره وترعاه، ولو أن الخطاب الإعلامي تجاوز هذه النظرة السطحية الفجة ونظر إلى الظواهر المذكورة على أنها نذر إلهية وعقوبات ربانية على ما اقترفت هذه البشرية التائهة من جرائم في حق نفسها، لكان ذلك عاملا إيجابيا في إرجاعها إلى الله عز وجل. ولكن البشرية لا تزال شاردة عن هذه الحقيقة، بفعل سلطان الشهوات من جهة، وسلطان أجهزة التضليل من جهة ثانية، ولكن الذي لا ريب فيه أنها ستلامسها في يوم من الأيام، عندما تصل إلى نهاية الطريق المسدود، فستعلم أن الذي يدبر هذا الكون هو قاهر العباد الذي لا ملجأ منه إلا إليه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *