Home»Islam»بين منهج التيه وضرورة الرجوع إلى الله

بين منهج التيه وضرورة الرجوع إلى الله

0
Shares
PinterestGoogle+

بين منهج التيه وضرورة الرجوع إلى الله

عبدالمجيد بنمسعود

ما أحوج أمة الإسلام إلى الاتساق مع ذاتها وتجنيب نفسها ويلات التجربة والخطأ وهي في غنى عنها، وليس لذلك إلا طريق واحد ومنهج واحد إنه طريق الإسلام ومنهجه.
إن مما يميز طبيعة الدين الإسلامي أنه يمد الإنسان بمنهج واضح للحياة، غاية ما يكون الوضوح، دقيقا غاية ما تكون الدقة….والإسلام بذلك، يضمن لكل سائر على منهجه فردا كان أو جماعة أو دولة، بخطى ثابتة مع استيفاء الشروط واحترام القواعد والأصول، يضمن له تحقيق المقاصد وبلوغ المرامي والغايات.
ومن بدائه الأمور، في ضوء الحقيقة السالفة، أن عزوف المسلمين عن هذا المنهج والركون إلى النظم الأرضية المصممة بوحي من الأهواء والمصالح الظرفية، تكون نتيجته الحتمية هي السقوط في قرار سحيق من الهزائم المنكرة والخسائر المردية.
وإن أكبر خسارة يكتوى المسلمون الناكصون عن دينهم بنارها، هي انسلاخ آماد متطاولة من أعمارهم، كأفراد وكأمة، في تلافيف لعبة مقيتة، هي لعبة المحاولة والخطأ، المنبعثة من نية وسبق إصرار، والحال أنها كانت في حل منها، لكونها تمتلك المنهج الذي يعفيها من المزالق والعثرات، ويجنبها الدخول في المتاهات المفتوحة على المخاطر المحدقة والمفاجآت المفزعة. وغير خاف أنه لا سبيل إلى إغفال هامش الخطأ الذي يواكب حركة الاجتهاد المسترشدة بمنهج الإسلام بقواعده الصارمة وثوابته المحكمة، فذلك هامش تحفه البركة ويتبعه الأجر. أما الخطأ الذي يدور في الفراغ، فمحفوف بالأكدار والصدمات.

إن العاقل لتلفه الدهشة وتحيط به الحيرة إزاء هذه الظاهرة الفريدة من نوعها، وهي ظاهرة نفسية في غاية التعقيد. إنها عقدة الانفلات من مقتضيات الأوامر التشريعية ومقتضيات السنن الكونية.
إن عوامل شتى تكمن وراء هذه الظاهرة، منها ما هو نفسي ومنها ما هو ثقافي ومنها ما هو تربوي، الخ…

–أما العامل النفسي فيمكن في أن النفوس التي تنفر من المنهج السوي وتزور عن الصراط المستقيم، تفعل ذلك تحت طائلة ضغوط دوافع مرضية ترتدي برقعا زائفا للشرعية والمصداقية، تحمل شعارات براقة من قبيل حرية الإبداع ومتعة التجريب، والتحرر من النمطية ورتابة التقليد! والحقيقة أن هذه اللافتات، بما تحمله من سحر وتزخر به من فتنة، لا تعدو أن تكون غطاء ماكرا لثعبان هصور اسمه الفوضى، يؤدي إطلاق العنان له وتركه على سجيته إلى شقاء الإنسان وخراب الديار.

–أما العامل الثقافي فيجد جذوره في انعدام الحصانة لدى الناكصين عن المنهج القيم، ضد الجراثيم السابحة في الغلاف الجوي الثقافي.

–أما العامل التربوي فيجد تجلياته في مرحلة الحضانة أو مرحلة التشكيل الأساسي التي يشكو فيها أشخاص هذه الظاهرة من فراغ قاتل فيما يتعلق بترسيخ المفاهيم الفطرية العليا التي تحكم صلة الإنسان بربه، وبالكون الذي يكتنفه، على أساس معطيات الواقع الحي في تفاعلاته الإيجابية.

–إن الظاهرة الغريبة المذكورة أعلاه تنطق بتجلياتها الصارخة عبر صراعات الواقع المحتدمة، وأشكال العراك التي يخوضها الإنسان المسلم بوعي شقي، وبرصيد هجين ومزيف، من المفاهيم والرؤى، كما تخوضها الجماعة المسلمة على حد سواء، مدججة بحصاد باهت هزيل من التجارب الفجة والنماذج المعلبة…فلقد نقلت أغلب المجتمعات الإسلامية إلى حظيرتها مختلف المذاهب الهدامة والتجارب المرة، مأخوذة ببريقها الكاذب وبرقها الخلب، فلم تجن إلا الخراب والبوار…

ولا تزال هذه المجتمعات منغمسة حتى الأذقان في اجترار وتكرار نفس المشاهد المأساوية التي مرت بمجتمعات الغرب أو الشرق وكأننا بها مصابة بعقدة تعذيب الذات. أما في عالم السياسة والعلاقات الدولية وتدبير أمر الحرب والسلم، فإن المثال الصارخ الذي يعطي الدليل القاطع على الظاهرة المذكورة هو مثال علاقة العرب والمسلمين مع اليهود. فلقد أكرم الله عز وجل هؤلاء المسلمين بمعرفة دقيقة لنفسية اليهود وصفاتهم التي تلازمهم وتلاحقهم في كل وقت وحين، وحذرهم من السقوط في أحابيل مكرهم، وقدم لهم النموذج المشرق في التعامل معهم من خلال سيرة الرسول ولكنهم أعرضوا عن ذلك النبراس وأغمضوا أعينهم عن تلك الحقائق، فكان ما كان من ارتكاسهم وسقوطهم في أحابيل اليهود، وتحولهم إلى جسم هزيل وكيان ذليل وأعين زائغة تنشد السراب وتطلب المستحيل.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. mohammed elkaddouri
    20/03/2009 at 11:14

    اشكرك جزيل الشكر

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *