البولونيوم , اكتشف من طرف بيير و ماري كوري سنة 1898 في اطار ابحاثهما في المواد المشعة .

فالبلونيوم عنصر كيميائي له نشاط  فلزي اشعاعي نادر , وهو مادة سامة يؤدي ابتلاع او استنشاق جرعة ضئيلة جدا منه الى الوفاة لأنه لا وجود لأي علاج لهذا التسمم .

التقرير الاخير لقناة الجزيرة الذي استغرقت فترة انجازه حوالي تسعة اشهر كشف من خلال التحليلات  التي انجزها مختبر سويسري مختص  على عينة من الاغراض الشخصية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بان هذه الاخيرة تحتوي على اثار مادة البولونيوم 210 التي يرجح استعمالها كسم عجل بوفاة عرفات بتاريخ 11/11/2006 بفرنسا التي نقل اليها في اكتوبر من نفس السنة في حالة صحية متدهورة , وقد احاطت السرية بالتحاليل التي انجزها الفريق الطبي انذاك لأسباب سياسية ومصالح مشتركة .

ورغم تردد الشائعات بشان تسميم محتمل للمعني بالأمر, فان الجميع اثر الصمت حتى عائلته الصغيرة وعلى رأسها حرمه السيدة سهى عرفات وبعض المقربين منه وكذلك رفاقه في النضال بمنظمة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية.

وسار الجميع في موكب جنائزي مهيب ,ليوارى الزعيم وقائد الثورة الفلسطينية الثرى برام الله , بدون ان يعرف القاتل .

وبعد مرور قرابة 8 سنوات تعود الوفاة المشبوهة للرئيس عرفات لتطفو على السطح من خلال الجزيرة وقناة الميادين التي بثت شريطا يتضمن تصريحا لأحد الجواسيس يدعي فيه بأنه ساهم في تسميم عرفات بدس السم في طعامه بتواطؤ مع جهات صهيونية, ورغم ان مثل هاته التصريحات تحتاج الى ادلة  إلا ان ذلك لا ينفي نظرية المؤامرة التي كان ضحيتها الرئيس عرفات رحمه الله .

السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو لماذا انتظار هذه المدة الطويلة للكشف عن هذه المعطيات التي  تهدف الى خلط الاوراق ؟, وهل يخدم التوقيت الحالي  اجندة سياسية معينة ؟ , الاجابة على هذه التساؤلات يحتاج الى دراسة متأنية لكافة الجوانب المحيطة بهذه القضية ,ومعرفة من كانت له المصلحة في تغييب عرفات في تلك الفترة , ولماذا المشاركة في مؤامرة الصمت ؟

 اليوم يطالب البعض بمن فيهم ارملة عرفات اخراج رفات الزعيم الهالك لإجراء تحاليل الحمض النووي  عليها للتأكد من التسميم بواسطة مادة البولونيوم رغم ان بعض النظريات العلمية تؤكد على ان اثر هذه المادة لا يعمر طويلا مما يجعل هذه العملية غير ذات جدوى .

وتبقى الحالة المعروفة للتسميم بواسطة هذه المادة هي حالة المعارض الروسي  » الكسندر ليتفينينكو  » سنة 2006 بلندن والذي توفي رغم المجهودات الكبرى للفريق الطبي الانجليزي الذي حاول انقاذ حياته .

ويشير الخبراء الى ان  انتاج مادة البولونيوم يحتاج الى وسائل تقنية هائلة لا تتأتى إلا لمنظمة مختصة تتوفر على مفاعل نووي , و عرف الروس وإسرائيل بحيازة قصب السبق في هذا الميدان .

وبذلك تكون ماري كوري الحاصلة على جائزة نوبل في الكيمياء  والفيزياء والمكتشفة لمادة الراديوم و البولونيوم  سنة 1898 قد ساهمت بعلمها في الكشف عن المادة السامة التي  كانت سببا في وفاة القائد ابوعمار شهيدا  في سبيل حرية وكرامة ارض فلسطين كما كانت امنيته  دائما فرحمة الله عليه .