ماذا كان يصير عليه موقف الجزائر لو تبنى المغاربة إحدى الحركات الانفصالية في الجزائر، وما أكثرها، و أمدوهم بالمال و السلاح و الدعم السياسي و اللوجيستي ؟
تحت عنوان » كيد الأشقاء » نشرت صحيفة » الأحرار » لسان حال عصابة عبد العزيز بالخادم، مقالا عجيبا و غريبا، تتهم فيه المغاربة بالكيد للجزائر عبر اتهامها بمساندة نظام ألقذافي و تجنيد المرتزقة لصالحه، و تنعت السياسة المغربية بالازدواجية.
تقول الصحيفة في مجمل الاتهام : « الأمر هنا لا يتعلق بحملة إعلامية لتشويه صورة الجزائر، بل هو سعي جاد لعزلها وتأليب القوى الكبرى عليها، وهذا موقف لا يمكن أن يصدر عن بلد شقيق، وللرباط سوابق في هذا المجال، فقد سعت الدوائر الرسمية المغربية إلى التشكيك في طبيعة البرنامج النووي الجزائري، ولا بأس هنا من التذكير بما جاء في وثيقة نشرها ويكيليكس مؤرخة في 21 نوفمبر 2006 وتلخص ما دار بين الأمين العام لوزارة الخارجية المغربية عمر هلال والسفير الأمريكي لدى الرباط، حيث يقول المسؤول المغربي « إن امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون كارثة على المنطقة وعلى المغرب خاصة، لأن ذلك سيؤدي إلى سباق تسلح في المنطقة، وسيؤدي إلى تسريع تنفيذ البرنامج النووي العسكري الجزائري، رغم أنه يعتبر برنامجا في بداياته » ويواصل: « إذا نجح الإيرانيون في امتلاك القنبلة النووية خلال عشر سنوات فإن دولا عربية ستتبعهم، وسيفعل الجزائريون ذلك أيضا ».
و تضيف الصحيفة أيضا : « من المؤكد أن الذي يريد أن يقنع الأمريكيين بسعي الجزائر إلى امتلاك السلاح النووي لا يتوقع أن تقف واشنطن مكتوفة الأيدي بل يريد لها أن تحاصرنا، وأن تدمر بنيتنا التحتية، وأن تعيدنا عقودا إلى الوراء، ولما لا، إذا كان ممكنا، أن تعلن الحرب علينا، والتحريض على الحرب هو فعل عدائي يرقى إلى إعلان الحرب، ولا يمكن أن يصدر مثل هذا الفعل عن شقيق أو حتى عن صديق، بل إنه يكشف لنا أمرا خطيرا وهو أن الرباط، لو استطاعت، لأعلنت الحرب علينا كما فعلت ذات مرة عندما توهمت أنها تستطيع.
الشعب المغربي شعب شقيق، هذا ليس شعارا سياسيا فارغا، وحكومة المملكة يفترض فيها أن تمثل الشعب الشقيق وتتصرف كحكومة شقيقة، لكن الشواهد تتراكم لتؤكد لنا أن علاقتنا بها كعلاقة يوسف بإخوته، إنها تكيد لنا كيدا. »
لو عرضنا هذا المقال على سكان كوكب آخر غير كوكبنا، لأستطاع النظام عندنا في الجزائر تسجيل بعض الأهداف على مرمى غريمه في المملكة المغربية، لأنه حينها سيعلم سكان الكوكب غير كوكبنا أن النظام الرزين و المتزن، وصاحب المشاعر الأخوية السامية في الجزائر، كان دوما ضحية النظام العسكري الانقلابي، المتهور في المملكة المغربية.
الحقيقة أننا في كوكب الأرض، و الكل يعلم ، حكومات و شعوبا و كيانات، ومن ضمنها نحن الجزائريون، أن النظام الجزائري، مند النظام البومدييني البائد، لغاية النظام البوتفليقي المحتضر، قد ضيع أموال الجزائر في سبيل الكيد للمغاربة، و ذلك من خلال الدعم القوي و المتواصل لحركة البوليساريو الانفصالية، مع ما يعنيه ذلك الدعم من شراء للضمائر، و تضليل للمجتمع الدولي: لو صرف ربع ذلك الجهد و المال على القضية الفلسطينية ، لكانت قد تحررت.
غريب أمر الحركى ، حين يطلعون علينا، عبر منابرهم المتهاوية، بمثل هذه الطرائف الجحاوية، في أبهى الصور التي تجسدها المقولة الشعبية، المتداولة بين الشعبين المغربي و الجزائري، و التي تقول: » ضربني فبكى، وسبقني فاشتكى ».
ماذا كان يصير عليه موقف الجزائر لو تبنى المغاربة إحدى الحركات الانفصالية في الجزائر، وما أكثرها، و أمدوهم بالمال و السلاح و الدعم السياسي و اللوجيستي ؟ أوليس مثل هذا التصرف تدخلا سافرا في شؤون الغير ، وإعلانا للحرب ضدهم ؟
ماذا كان يصير عليه موقف الجزائر لو قام المغاربة بإخراج مسرحية داخل التراب الجزائري ، مثل مسرحية انتفاضة العيون الفاشلة التي أخرجها النظام الجزائري ؟ أوليس مثل هذا العمل الإرهابي إعلانا للحرب ضد المغاربة شعبا و نظاما؟
ماذا كان يصير عليه موقف الجزائر لو أن الجزائر هي التي كانت معنية بدعوة الإنضمام للمجلس الخليجي، فتحرك إثرها النظام المغربي، كما فعل النظام عندنا، مذعورا و ساعيا لتقويض الدعوة ، معتبرا إياها مؤامرة ضد الجزائر ؟
و رغم ذلك يلوم النظام عندنا غريمه في المملكة المغربية، بتهمة تحريض القوى العظمى ضد الجزائر، مستندا في ذلك على حوار دار بين مسئول مغربي و آخر أمريكي حول السلاح النووي الإيراني، واحتمال انتشاره في المنطقة المغاربية.
إن تركيز النظام رسميا إتهامه للوبي المغربي في الولايات المتحدة بالتحريض ضد الجزائر فيما يخص الإتهام الموجه إليها من أكثر من جهة، حول تورطها في الوقوف إلى جانب نظام القذافي، و امداده بالسلاح و المرتزقة، يستشف منه أمرين يشكلان خطرا كبيرا، ليس على الجزائر و لكن على نظامها.
فمن جهة ، يعتبر تورط العسكر الجزائري في تجنيد مرتزقة من البوليساريو لتقتيل الشعب الليبي، ضربة كبرى و قاضية للقضية التي جعل النظام الجزائري منها قضيته الإستراتيجية الأولى.كما أن افتقاد شريك هام في الكيد للمغاربة، في حجم العقيد القذافي، و الموقف السلبي للثوار الليبيين منه بسبب ذلك الدعم المشين، يشكل خطرا كبيرا على الإستمرار في الوجود للنظام الحركي الفاسد.
و من جهة أخرى ، فإن الطلب المباشر و الرسمي للولايات المتحدة من النظام الجزائري بالإمتناع عن الإستمرار في دعم نظام القذافي ، يجعل منه محل شبهة قد يكون ثمنها غاليا، خاصة و أن خطاب أوباما جاء صريحا فيما يخص دعم القوى الكبرى للربيع العربي. هذا الخطر الذي يستشعره النظام، لابد أن يجد له من شماعة يعلق عليه خيبته، وليس هناك أحسن من الشماعة المغربية. فالمغاربة هم العدو الإفتراضي الأكثر شراسة على الجزائر، و الذي حرص النظام على تثبيته في عقولنا بمناسبة أم غير مناسبة.
إن الخطاب السياسي لطاقم النظام الجزائري، في الآونة الأخيرة، فيما يخص موضوع العلاقة الجزائرية المغربية، يتسم بالتخبط و انعدام الرؤية و التناقض في التصريحات، كما يتضح ذلك من خلال ما ينشر في المنابر التابعة للنظام.
فهل يا ترى هو انهيار لسياسة النفاق الممارسة في علاقتنا مع جيراننا المغاربة ؟ أم هو سقوط في شباك نصبناها لغيرنا فما نال بؤسها غيرنا ؟
1 Comment
إن الدعاية المفبركة التي تروج لها حكومة العسكر بالجزائر كون المغرب يتهمها بمساندة القذافي بتجييش مرتزقةالبوليزاريو لإجهاض الثورة الليبيةلا تعدو مناورةإعلاميةوسياسيةتتغيىمنها ما يلي:أولا:حجب الحقيقة عن الشعب الجزائري الذي أصبح يشمئز لهدرالمال العام في مساعدة تنظيمات وأنظمة لاشرعية ،في وقت ما أحوج الشعب الجزائري الى هذه الأموال ثانيا:إيهام الشعب الليبي بان الجزائر على موقف الحيادمتناسية ان الثوار الليبيين هم من أعلنوا وجود بصمات النظام الجزائري ضمن المتزقة الذين جلبوا الى ليبيا. ثالثا:تخوف النظام الحاكم بالجزائر من الملاحقة الدولية بعد أن هدد الناتو الأطراف الممولة للقذافي بالمعاقبة ..إن الدعاية المضللةالتي استندإليها عسكر الجزائر لم تعد تنطلي علي احد فجعل المغرب الفزاعة التي يعلق عليهافضائحه أصبحت معروفة لدى العام والخاص…