الشعب السوري ضحية الصراع الطائفي في منطقة الشرق الأوسط
إن المذابح التي يتعرض لها الشعب السوري الذي خرج على غرار باقي الشعوب العربية في حراك يطالب بالحريات العامة إنما هي طبخة من طبخات الصراع الطائفي الصفوي الرافضي والوهابي السلفي ، ذلك أن إيران متورطة في سوريا ردا على تورط السعودية وجاراتها الخليجية في البحرين. فإذا ما كان حراك البحرين وحراك سوريا هو نتيجة الفساد السياسي الذي ترتبت عنه أنواع الفساد الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، فإن إيران من جهة ودول الخليج وعلى رأسها السعودية من جهة أخرى ركبت هذا الحراك وفق عقائدهما ، وكان ضحية هذا الركوب الشعبين البحريني والسوري. ومعلوم أن الحراك البحريني هو حراك شعب كامل بكل أطيافه العقدية سنة وشيعة إلا أن الدولة الصفوية الرافضية في إيران أرادت الإجهاز على هذا الحراك وتحويله من حراك شعبي إلى حراك طائفي رافضي لبقايا سلالة القرامطة في البحرين وذلك من أجل التمويه على الزحف الرافضي المستهدف للوطن العربي السني وهو ما يخدم الأجندة الغربية الصهيونية التي تصب الزيت على الصراعات الطائفية من أجل تفكيك أوصال الوطن العربي.إن الدولة الصفوية الرافضية الشعوبية الحاقدة على العرب المتربصة بهم لا زالت تدير الصراع مع العرب بعدما مهد الغزو الأطلسي لها التدخل السافر في العراق من أجل ركوب ذلك واستغلاله للضغط على دول الخليج خاصة والدول العربية عامة لتظل متربطة بالغرب ومتطلعة إلى حمايته بثمن باهظ قوامه فقدان الاستقلال والحرية ، وضياع الثروات . والدولة الصفوية في صراعها المسرحي مع الغرب تجد في تسويق زبالة عقيدتها الفاسدة في بلاد العرب ذريعة لهذا الصراع ، وهي على اتفاق تام مع الغرب في تبادل الأدوار لابتزاز العرب ، ويفضح ذلك إدارة الصراع بين الدولة الصفوية وشيطانها الأكبر الولايات المتحدة فوق الأرض العربية مع أن المنطق يقتضي أن يكون الصراع بينهما فوق الهضبة الإيرانية، وهي أوسع وأفضل من جنوب لبنان ومن العراق والبحرين لو أن الصراع كان بالفعل حقيقيا ولم يكن مجرد مسرحية هزلية لابتزاز العرب من الطرف الصفوي ، ومن الطرف الأطلسي على حد سواء .
إن الصراع المسرحي بين الدولة الصفوية الرافضية ، وبين الدولة الأطلسية لن يفيد العرب في شيء بل تستفيد منه الدولتان ، ويخرج الطرف العربي خاسرا لأنه موزع بين التحالف مع عدوين أحدهما النار والآخر الرمضاء. ولقد تحول الصراع المسرحي بين إيران والغرب إلى داخل البيت العربي ، فصار العرب الأشتات كما عرفهم تاريخ الجاهلية موزعين بين طهران وواشنطن كما كان أجدادهم المناذرة والغساسنة ومن تحتهم من قبائل بدوية موزعين بين فارس وبيزنطة . ولقد عرفت إيران حراكا شعبيا على غرار الحراكات الشعبية العربية فكانت معالجة حراكها بقوة النار والحديد والقمع ، ولا زال العالم لا يعرف شيئا عن حجم ضحايا حراكها إلى حد الساعة . وإيران التي أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما سار النظام البحريني على نهجها في قمع شعبه مدعية أن الحراك البحريني محض حراك رافضي قرمطي صدرت المعالجة الأمنية القمعية للنظام السوري الرافضي النصيري ولم تر في ذلك عيبا ولا تناقضا لأن عقيدتها الفاسدة تستبيح الدماء السنية . وهكذا صار الشعب السوري المضطهد ضحية صراع طائفي في المنطقة. فإيران عندما تسلح وتزود النظام السوري بقوات القمع الخاصة إنما ترد على تدخل الدولة الوهابية السلفية في البحرين ، وهو صارع طائفي لا ناقة ولا جمل فيه للشعبين السوري والبحريني. والجدير بالذكر أن دول الخليج تعمل جاهدة من أجل إفراغ الانتفاضات الشعبية العربية من دلالتها ،بل وتلطيخها من أجل إخمادها قبل أن تتنقل إليها لأن الفساد الذي قامت من أجله الانتفاضات العربية لا تخلو منه دول الخليج بل ربما كانت هي مصدره وسببه .
فما معنى استضافة الدولة الوهابية لدكتاتور تونس ، والدفاع عن دكتاتور مصر والضغط من أجل تخليصه من المحاكمة ومن العقاب ؟ وما معنى تدخلها السافر في البحرين عن طريق الوصاية العسكرية ، وفي اليمن عن طريق المبادرات المفسدة للحراك اليمني مقابل جداول الدم ومئات الضحايا يوميا ؟ وما معنى التلكؤ في تسليح الشعب الليبي للدفاع عن نفسه متابعة للسياسة الغربية المبتزة للشعب الليبي من أجل السيطرة على ثرواته البترولية ؟ وما معنى سكوت الدولة الصفوية عن جرائم النظام السوري ضد الشعب بل وتزكيتها والمشاركة فيها عمليا مقابل الضجة الإعلامية الكبرى لجرائم النظام البحريني ضد الشعب ؟ لماذا هذه الازدواجية في المكيال سواء عند الدولة الصفوية أو عند الدولة الوهابية ؟ إن الحراكات العربية من خليج الوطن العربي إلى محيطه هي حراكات سلمية من أجل المطالبة بالإصلاحات إلا أن الأنظمة الفاسدة لم تسمح بها وواجهتها بالعنف والتماطل من أجل تيئيس الشعوب من أحلام الإصلاح والإبقاء على أوضاع لم تعد الشعوب العربية تقبلها بعد عقود من الاستبداد والفساد وفرت الفرصة السانحة للكيان الصهيوني ليستقوي ومكنت للاحتلال الأطلسي تمكينا غير مسبوق ، وللأطماع الصفوية المتزايدة .ولقد آن الأوان للحراكات العربية أن تتوحد من أجل إفشال المخططات الطائفية من جهة ، والمخططات الغربية الأطلسية والصهيونية من جهة ثانية . ولا بد أن تبقى هذه الحراكات عربية خالصة تضم كل الأطياف وتلفظ كل طائفية لتحقيق الإصلاحات المنشودة ، ولتفويت الفرصة على كل من يريد ركوبها مهما كان طيفه الطائفي ، ومعلوم أن إرادة الشعوب أقوى من مكر الأنظمة .
Aucun commentaire