الغرب يتوجس من إسلام الثوار الليبيين ويتلكأ في تسليحهم ضد عصابات مرتزقة النظام
لقد بات من الواضح أن الغرب المتباكي على القيم الإنسانية ، والمتخفي وراء شعاراتها لا تعنيه في الحقيقة سوى مصالحه في ليبيا ، وهي الوصول إلى مصادر الطاقة عن طريق ذريعة حماية الشعب الليبي من الإبادة الجماعية التي يمارسها النظام الدكتاتوري عن طريق عصابات المرتزقة من دول أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وإفريقيا المتاجرة بالدم الليبي وبالمال الليبي.ولقد تدخل الغرب عن طريق قرار مجلس الأمن لفرض حظر جوي على الطيران الحربي للنظام الليبي على الشعب الأعزل بعدما انتظر هذا الشعب طويلا تدخل المجتمع الدولي ، وبعدما اعتمد على شبابه ورجاله للدفاع عنه بأسلحة جد بسيطة . وكان من المفروض أن يزود المجتمع الدولي الشعب الليبي بأسلحة مكافئة لأسلحة عصابات المرتزقة التي تشن الهجوم على المدن الليبية لتركيع الشعب الرافض للطاغية المتجبر، ولكن الغرب المسيطر على القرار الدولي توجس من الثوار الليبيين بعدما بدا أنهم شباب متمسك بدينه يتوكل على الله في جهاده ويرفع شعار الله أكبر. ومعلوم أن الغرب ليس من مصلحته أن يدعم ثورة لها مرجعية دينية ، وهو زعيم العلمانية واللائكية في العالم .
إن الغرب يبحث عن بدائل علمانية للأنظمة التي سقطت أو التي هي في طريق السقوط من قبيل علمانية الأنظمة التونسية والمصرية واليمنية والليبية التي كان حكامها المستبدون يزجون بالإسلاميين في غياهب السجون لمجرد انتمائهم للإسلام ، وكان هذا العمل التعسفي يقربهم من الغرب الذي روج لفكرة محاربة ما سماه الإرهاب وتنظيم القاعدة لأن الإرهاب بالمفهوم الغربي هو معارضة المسلمين للاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وللاحتلال الغربي للعراق وأفغانستان، ورفض تدخل الغرب في شؤون البلاد العربية والإسلامية ، كما أن الإرهاب بالنسبة للأنظمة العربية المستبدة هو معارضة سياساتهم الظالمة ، ورفض ولائهم للغرب ، ورفض تطبيعهم مع الكيان الصهيوني على حساب القضايا العربية والإسلامية . وعندما يثور الشعب الليبي ويرفع الثوار شعار الله أكبر الديني فإن الغرب لا يمكن أن يقف إلى جانبهم ضد نظام علماني ظل يقدم لهم أكبر الخدمات لعقود من السنين ، وقد استنجد بهم لما ثار ضده الشعب وصرح علانية بأن بقاءه في السلطة يضمن سلم وأمن أوروبا والكيان الصهيوني . فكيف يقبل الغرب على مساعدة من يتوجس من تدينهم ، ويفرط فيمن يعرض عليه الخدمة ؟ وما تأخر الغرب عن تسليح الثوار الليبيين إلا مناورة القصد من ورائها الحصول على ضمانات بأن هذه الثورة لن توصل إلى سدة الحكم الإسلاميين . ونفس المخاوف والتوجسات الغربية لازالت تحوم حول تونس ومصر ،ولا زالت جهود الغرب متواصلة ليلا نهار لمنع وصول الإسلاميين إلى الحكم في البلدان التي سقطت فيها الأنظمة الفاسدة . ولقد باتت مناورة الغرب مكشوفة ذلك أن عدم تسليح الثوار الليبيين جعل عصابات النظام الليبي دائما متفوقة على الأرض لأنها أحسن وأفضل عتاد وعدة من الثوار المسلحين ببعض البنادق الرشاشة .
والغرب يقف متفرجا على الثوار وهم يخوضون حربا غير متكافئة مع عصابات مرتزقة النظام ، وهوبذلك يساوم هؤلاء الثوار عن طريق التلكؤ في مساعدتهم إلى غاية قبول عروضه وشروطه . فمن جهة هو يرفض الاعتراف بهم كممثلين شرعيين للشعب الليبي ، ومن جهة أخرى هو يحترز من تسليحهم مخافة ألا يقدموا له الخدمة التي يريدها في بلد غني بالنفط الذي يسيل لعابه . وبالأمس عاين العالم كرة عصابات مرتزقة النظام على الثوار بسبب التفوق في الأسلحة في وقت يدعي الغرب المتزعم لتطبيق قرار مجلس الأمن أنه يقوم بدور حماية الشعب الليبي. فما معنى هذه الحماية والشعب الليبي محاصر في العديد من مدن الغرب الليبي وهو تحت رحمة نيران عصابات المرتزقة ؟ وما معنى عدم تحديد موقف من النظام الليبي لحد الساعة بالرغم من آلاف الضحايا الذين سقطوا على يديه ؟ وما معنى التصريح بأن الغرب بزعامة الولايات المتحدة لن يقع مجددا في الخطأ الذي وقع فيه في العراق ؟ فهل الآن فقط يعترف الغرب بأن ما وقع في العراق كان خطأ ؟ وماذا يعني الغرب بالخطأ في العراق هل يعني به سقوط ضحايا من جنوده أم يعني أنه احتلال ؟ والجواب بطبيعة الحال معروف . ولم يعد خافيا أن الغرب يتوجس من الإسلام الحقيقي أما العقائد الفاسدة فهو يساندها ويدعمها كما فعل مع عقيدة الرافضة في العراق التي مكن لها لأنه على قناعة تامة بأنها فاسدة لا تشكل خطرا عليه ، تماما كما يساند الأنظمة الفاسدة التي لا تمثل الإسلام الحقيقي بل تحاربه شر حرب ، وتقف إلى جانب الغرب في حربها عليه . فالثورات العربية لا يمكن تجاهل انتماءها الإسلامي ، ولن تكون أبدا ثورات دون إسلام . والغرب يعلم ذلك علم اليقين ،لهذا فهو يحاول أن يجعل الكفة تميل لصالح ما يريده من تغيير في العالم العربي ، وما يريده هو عولمة علمانيته من أجل القضاء على كل صوت يدعو إلى الإسلام وإلى التطبيق الحقيقي له، وهو ما يعني استرجاع كامل الحقوق العربية والإسلامية الضائعة بما فيها فلسطين المغتصبة والثروات الضائعة والكرامة المكلومة والسيادة الناقصة بسبب الهيمنة الغربية . فالله الله للثوار في ليبيا وهو هازم الأحزاب ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
Aucun commentaire