التدخل الإنساني وإشكاليــة السيادة:

التدخل الإنساني وإشكاليــة السيادة:
ليبيـا نموذجــا
محمد بوبوش: باحث في العلاقات الدولية،الرباط
تشير التسريبات إلى أن التطورات القادمة يمكن أن تشمل احتمالات التدخل الدولي في ليبيا، وعلى الأغلب أن يؤدي هذا التدخل إلى تعميق أزمة الصراع الليبي، وذلك بسبب حساسية المجتمع الليبي للوجود الأجنبي. وتقول المعلومات والتسريبات بأن المناشدات لمجلس الأمن الدولي بالتدخل لاحتواء أزمة الصراع الليبي الدامي قد اصطدمت ببعض العراقيل التي من أبرزها أن مجلس الأمن لن يستطيع القيام بعملية تدخل انتقائي، وبكلمات أخرى، إذا قرر مجلس الأمن الدولي التدخل، فإنه سوف يتوجب عليه التدخل ليس في الساحة الليبية وحسب، وإنما في الساحة البحرينية والساحة اليمنية، وربما في الساحتين المغربية والجزائرية إضافة إلى الساحة الأردنية والتي بات من المتوقع أن تشهد المزيد من التصعيدات والمواجهات إذا لم تفلح سلطاتها الحاكمة في إجراء الإصلاحات المطلوبة لجهة احتواء الصراع ونزع فتيل الأزمات قبل اشتعالها!
وتمتلك قوات الأمن طبقا للتقارير سلطة فرض الأحكام على الأشخاص بدون محاكمتهم، وارتكبت قوات الشرطة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك استعمال التعذيب
فالمجتمع الدولي يقيم نظام الحكم في ليبيا بأنه سلطوي، وأن سجل الحكومة الليبية في مجال حقوق الإنسان من أسوأ ما يمكن.
وأشارت التقارير إلى استمرار الحكومة في ارتكاب انتهاكات عديدة وخطيرة لحقوق الإنسان. وأشارت تقارير حقوق الإنسان إلى وجود جهاز امني واسع يراقب أنشطة الأفراد ويتحكم فيها، ويضم هذا الجهاز وحدات عسكرية ووحدات من الشرطة وأجهزة استخبارات متعددة، ولجان ثورية محلية، ولجان شعبية، ولجان « تطهير ». وتمتلك قوات الأمن طبقا للتقارير سلطة فرض الأحكام على الأشخاص بدون محاكمتهم، وارتكبت قوات الشرطة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك استعمال التعذيب، والاعتقالات التعسفية، واحتجاز الأشخاص دون السماح لهم بالاتصال بذويهم.
و تتخوف الدول الأوربية، جارة ليبيا على البحر الأبيض المتوسط، من حصول حرب أهلية في ليبيا، وانفلات أمني قد يشجع ظهور القوى الإسلامية المتشددة مما يعرض كافة الدول الأوربية للخطر.
كما أن أوروبا تعتمد بشكل أساسي على النفط الليبي،حيث أن ليبيا تنتج حالياً 1.6 مليون برميل يومياً، وتخطط لرفع الكمية إلى ثلاثة ملايين برميل بحلول عام 2015، وتحل إيطاليا على رأس زبائن ليبيا، إذ تشتري منها يوميا 523 ألف برميل، ويذهب و210 آلاف برميل لألمانيا و137 ألف برميل لفرنسا، و104 آلاف برميل لأسبانيا.
وقد صرح خبراء قطاع الطاقة العالمي أن عمليات البحث والتنقيب الجديدة في ليبيا قد تؤدي إلى تحقيق اكتشافات إضافية، ترفع حصيلة الكميات الموجودة حالياً في البلاد من النفط والغاز إلى مستويات أكبر من المتصور، معتبرة أن هذا الأمر يبرر مسارعة كبرى شركات الطاقة لمحاولة دخول هذه السوق، وقد يكون مبرر لمسارعة الدول الكبرى لدخول ليبيا.
كل هذه الأسباب تجعل ليبيا في خطر التدخل الخارجي، وخاصة إن هناك الكثير من الجهات المعارضة التي تنادي بدخول قوات الأمم المتحدة إلى ليبيا لحماية شعبها.
كل هذه الأسباب تجعل ليبيا في خطر التدخل الخارجي، وخاصة إن هناك الكثير من الجهات المعارضة التي تنادي بدخول قوات الأمم المتحدة إلى ليبيا لحماية شعبها. بدون التفكير في نتائج ذلك على المدى البعيد. والسؤال هنا، إذا دخلت هذه القوات إلى ليبيا، متى ستخرج؟ وهل ستتحول ليبيا إلى عراق آخر؟
وبعيداً عن خطابات الرئيس الأميركي أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون وتفسيرات الناطق باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي، وتصريحات وزير الدفاع روبرت غيتس وارتفاع أصوات أعضاء الكونغرس بشقيه النواب والشيوخ بشان الأوضاع المتفاقمة في ليبيا، يدور في باطن الأرض في بناية وزارة الدفاع الأمريكية في مكتب صغير يدعى « مركز عصب البنتاغون » حوار جادً بين مجموعة خبراء عسكريين أمريكيين من كبار الضباط في القوات المسلحة الأمريكية وعدد أقل من المدنيين النخبويين في « شؤون القوة الإستراتيجية الضاربة » وذلك « لاستكشاف أفضل الوسائل لتدخل عسكري سريع وفعال من الشواطئ الليبية وإلى الداخل » عند الحاجة وفق مصدر مطلع في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية (سايس) في واشنطن .
ويرتبط « مركز البنتاغون العصبي » بشكل مباشر بوزير الدفاع الأمريكي غيتس والرئيس باراك أوباما ويتمتع بصلاحيات واسعة بما في ذلك « استحضار كل المصادر المتوفرة » لخدمة الخطة الإستراتيجية.
ويقول المصدر « إن هذا وضع روتيني أن يكون لدى الرئيس وفريقه لشؤون الأمن القومي وأصحاب القرار خطة طارئة جاهزة للتنفيذ لدرء أي خطر جاثم على حياة أمريكيين أو تهديد للمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها المقربين. » ويضيف « حقيقة أن هناك خطة قائمة منذ عهد الرئيس جيمي كارتر وتشكيل قوة الانتشار السريع في نهاية سبعينات القرن الماضي. »
وتبدأ الخطة بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا يتحمل مسؤوليتها أعضاء حلف الناتو، تعتمد هذه الخطة في جوهرها على فرض حصار بحري محكم على المنافذ البحرية الليبية يتبعه قصف مركز ومنتقى، ومن ثم عمليات إنزال للقوات
ويعمل الأسطول السادس من مقر قيادته في كابديسنو، نابلي، إيطاليا ويدعى باللغة العسكرية « القوات البحرية-جنوب أوروبا وأفريقيا والمتوسط. » ومن أبرز عمليات الأسطول السادس غزو لبنان عام 1958.
أما ضربة ليبيا في 15 نيسان 1986 فقد نفذتها طائرات ف 111 القاذفة المقاتلة والتي أقلعت من قاعدة هيفوردفي شمال بريطانيا، بمشاركة رمزية من الأسطول السادس والمارينز ودمرت باب العزيزة؛ ومعسكر سيدي بلال؛ والمطار العسكري (القاعدة الأمريكية القديمة ويليس) في طرابلس؛ وثكنات الجماهيرية في كل من طرابلس وبنغازي؛ ومدرج بينينا وكافة المطارات العسكرية في طرابلس وبنغازي وسرت.
وتبدأ الخطة بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا يتحمل مسؤوليتها أعضاء حلف الناتو، تعتمد هذه الخطة في جوهرها على فرض حصار بحري محكم على المنافذ البحرية الليبية يتبعه قصف مركز ومنتقى، ومن ثم عمليات إنزال للقوات المحمولة من فرقة 101 المظلية على المرافق النفطية من ناحية أخرى نسبت شبكة CNN لمسؤول أمريكي عسكري ، « إن وزارة الدفاع « البنتاغون » تنظر في جميع الخيارات المحتملة لدعم الرئيس باراك أوباما، في التعامل مع الوضع الراهن وأن وظيفتنا أن نجعل الخيارات متاحة من الجانب العسكري، وهذا ما نفكر فيه في الوقت الراهن وسوف نقوم بتزويد الرئيس بالخيارات التي قد يحتاج إليها. »وكان الرئيس أوباما قد وجه كلمة مقتضبة حول تطورات الأوضاع في ليبيا، قال فيها إن ما يحدث في المنطقة « تغيير تقوده الشعوب »، ولا علاقة لأمريكا به، مطالباً السلطات الليبية بوقف العنف وإيصال المساعدات للمحتاجين.
يعتبر مبدأ عدم التدخل من أهم المبادئ المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة اذ يعد من أكثر المبادئ تأكيدا وأكثرها انتهاكا.
يعتبر مبدأ عدم التدخل من أهم المبادئ المنبثقة عن ميثاق الأمم المتحدة اذ يعد من أكثر المبادئ تأكيدا وأكثرها انتهاكا. فمن خصائص سيادة الدول هو عدم التدخل في شؤونها الداخلية سواء كان هدا التدخل من عمل دولة أخرى أو منظمة دولية، وكغيره من المبادئ الدولية تعتري مبدأ عدم التدخل عدة إشكالات من حيت التطبيق حيت أن الدول ما فتئت تخرق هدا المبدأ بشكل مستمر اعتمادا على مبررات و أسباب واهية تتعلق غالبا بالسيادة الوطنية للدول.
وبالرغم من حرص واضعي ميثاق سان فرانسيسكو على الوضوح والدقة إلا أن الدول القوية عل الخصوص تفننت في تأويل مبادئ القانون الدولي و قواعده بما فيها مبدأ عدم التدخل وفق ما يتماشى و خدمة مصالحها القومية و استراتجياتها الكبرى و الأمثلة على دلك كثيرة أهمها التدخل الأمريكي في جل بقاع العالم
وقد أكدت توصية الجمعية العامة رقم 2131 بتاريخ 21/12/1965 المعنونة بإعلان عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية استقلالها وسيادتها على تحريم كل أشكال التدخل، والامتناع عن السماح أو مساعدة أو تمويل كافة النشاطات المسلحة والإرهابية لتغيير الحكم في دولة أخرى.
كما جاء في إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول الصادر بمقتضى التوصية 2625 بتاريخ 24 أكتوبر 1970 الصادر عن الجمعية العامة »على أنه ليس لدولة أو مجموعة من الدول الحق في التدخل المباشر أو غير المباشر ولأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى. ونتيجة لذلك اعتبار ليس فقط التدخل العسكري بل أيضا كل أنواع التدخل أو التهديد الموجه ضد مكوناتها السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية مخالفا للقانون الدولي ».
» التدخل الإنساني » intervention humanitaire أو التدخل لأغراض إنسانية » هو مفهوم قديم حديث في آن واحد. وإذا كان ليس هنا مقام التفصيل في كيفية نشأة هذا المبدأ وتطوره في العصر الحديث، إلا أنه قد يكون من المهم الإشارة إلى حقيقة أن هذا المبدأ المذكور قد ظهر بالأساس في إطار ماعرف بحماية حقوق الأقليات وبعض الجماعات العرقية الأخرى، وكان ذلك بالتقريب في منتصف القرن التاسع عشر.
وقد نظر إلى مبدأ التدخل الإنساني في ذلك الوقت باعتباره إحدى الضمانات الأساسية التي ينبغي اللجوء إليها لكفالة الاحترام الواجب لحقوق الأفراد الذين ينتمون إلى دولة معينة ويعيشون- على الرغم من ذلك- على إقليم دولة أخرى. أما الآن، وبالتحديد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام منظمة الأمم المتحدة، فقد أضحت المسألة الخاصة بالحماية الدولية لحقوق الإنسان- بصرف النظر عن الانتماءات الوطنية أو العرقية أو الدينية أو السياسية أو غيرها- تمثل أحد المبادئ الأساسية للتنظيم الدولي المعاصر.
ونتيجة لهدا الاهتمام المتزايد الذي تحكمه اعتبارات سياسية وإستراتيجية أعطت الدول القوية لنفسها حق أو واجب التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت ذريعة تقديم المساعدة الإنسانية .
والحق، أنه إذا كانت الضمانات الدولية لحقوق الإنسان التي قررتها المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات- الصلة- ومنها الضمانة المتمثلة في إمكان تدخل المجتمع الدولي لكفالة الاحترام الواجب لهذه- الحقوق- قد ظلت كمبدأ عام بعيدة عن مجال التطبيق الفعلي خلال العقود الأربعة الأولى من حياة الأمم المتحدة، غلا أن المشاهد هو أن الضمانة المتعلقة ب » إمكانية التدخل الإنساني » قد أضحت مؤخرا على قائمة الإجراءات التي يلجأ إليها لفرض مثل هذا الاحترام.
عرفت الحياة السياسية الدولية في بداية التسعينات يقظة الضمير الغربي الدي أبدى اهتماما كبيرا بخصوص القضاء على المآسي الإنسانية التي تخلفها بعض قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في العديد من بؤر التو ثر في العالم . ونتيجة لهدا الاهتمام المتزايد الذي تحكمه اعتبارات سياسية وإستراتيجية أعطت الدول القوية لنفسها حق أو واجب التدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت ذريعة تقديم المساعدة الإنسانية .
وفي خضم حالات تدخلات للدول القوية أثير نقاش قانوني حاد حول التدخل الإنساني ومعرفة من أين يستمد شرعيته القانونية ؟ وهل لجوء الدول القوية إلى التدخل في بعض القضايا الداخلية انتهاكات حقوق الإنسان هي بمثابة ولادة قيصرية لمبدأ قانوني جديد في القانون الدولي .
إن نظرية واجب التدخل الإنساني سعت إلى تغيير مبادئ القانون الدولي كالسيادة وعدم التدخل الذي يهم سلطانها الداخلي ، وبدلك فالحدود الوطنية تقف كعقبة للتدخل من أجل واجب المساعدة الإنسانية.إلا أن تجربة الواقع الدولي أتبت أن التدخل إنساني هو أداة تخدم المصالح السياسية والإستراتيجية للدول القوية ، التي تعجز تماما عن إخفاء وجود مكانة للاعتبارات السياسية داخل العمليات الإنسانية ،إذ تحاول مغالطة الرأي العالمي بتقديم المساعدات الإنسانية عن طريق استخدام القوة والدخول في النزاعات الأهلية والصراعات الداخلية .
ومن هذا المنطلق جاء حكم محكمة العدل الدولية الصادر سنة 1949 في قضية كورفو بأن » حق التدخل المزعوم تجسيده لسياسة القوة، سياسة غطت في الماضي أخطر التجاوزات، ولا يمكن أن تجد لها مكان في القانون الدولي… »
ولعل أهم تطور عرفه المبدأ هو ما نصت عليه التوصية 103/36 الصادرة بتاريخ 9 دجنبر1981، والتي نصت على واجب الدول بالامتناع عن استغلال أو تشويه المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان بغاية التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى.
ومن ثم فإن الاستعجال يحتم سرعة التدخل مما يجعل حرية الوصول إلى الضحايا شرطا أساسيا في تنظيم عمليات الإسعاف، وهذا يقتضي أن الوصول إلى الضحايا لا ينبغي أن تعرقله لا الدولة المعنية ولا الدول المجاورة
وقد أصدرت الجمعية العامة في سنة 1988 القرار 131/43 المتعلق » بالمساعدة الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية والحالات الاستعجالية المشابهة ». وقد اعتبرت الأمم المتحدة ضمن هذا القرار » أن بقاء الضحايا بدون مساعدة يمثل تهديدا لحياة الإنسان ومساسا بالكرامة الإنسانية »، ومن ثم فإن الاستعجال يحتم سرعة التدخل مما يجعل حرية الوصول إلى الضحايا شرطا أساسيا في تنظيم عمليات الإسعاف، وهذا يقتضي أن الوصول إلى الضحايا لا ينبغي أن تعرقله لا الدولة المعنية ولا الدول المجاورة، إلا أن القرار أكد على السيادة والوحدة الترابية والوحدة الوطنية للدول »، كما اعترف بأنه يقع على عاتق الدول أن تعتني بضحايا الحوادث الطبيعية والحالات المشابهة التي تقع فوق إقليمها ».
وبالتأكيد فإن التدخل الإنساني لا يؤثر بشكل كبير على السيادة عندما يقتصر على التزويد بالمواد الغذائية والطبية أو حتى إيفاد بعض المدنيين لمعالجة أوضاع الكوارث المستعصية، إلا أن الأمر يختلف عندما يتعلق بتدخل قوة مسلحة لمنع بعض خروق حقوق الإنسان.
وقد شكلت حرب كوسوفو مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات الدولية، فقد أدت إلى إعادة تشكيل النظام الدولي، أو الدخول على العكس من ذلك في مرحلة جديدة من الفوضى في العلاقات الدولية.
وقد تذرع قادة حلف شمال الأطلسي بأن حرب كوسوفو هي حرب أخلاقية لأن الهدف منها هو القضاء على سياسة التطهير العرقي في كوسوفو بهزيمة الرئيس الصربي، ولأنه يتعين على منع الحكام الدكتاتوريين من ارتكاب الأعمال الوحشية حتى يستمروا في السلطة. فهذه الحرب حسب تعبير « طوني بلير » ليست حربا من أجل الأرض، وإنما هي حرب من أجل القيم.
لكن الحرب الأخلاقية مفهوم نسبي ينطوي على ازدواجية المعايير، فالحلف الأطلسي و الولايات المتحدة الأمريكية لم يفكران بالتدخل في بلدان أخرى رغم وجود اعتبارات مماثلة.والأمثلة على ذلك عديدة ومنها إبادة الجنس البشري بأبشع الصور في رواندا وسيراليون وليبيريا وأنغولا والكونغو( زايير سابقا). ولا يكترثان لما حل ويحل ببعض الشعوب من تدمير وتشتيت كالشعب الفلسطيني المحتل.
غير أن حرب كوسوفو وإن تم تبريرها بوقف انتهاكات النظام الصربي لحقوق الإنسان في كوسوفو، فإن الهدف الحقيقي منها هو تتبيث أوضاع معينة وفرض ترتيبات محددة في إطار تكريس التفوق الغربي الشامل بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وباتجاه بلورة دور جديد لحلف شمال الأطلسي يجعل منه مؤسسة عالمية.
لقد تصاعدت وتيرة المناداة بإعادة تقويم التدخل العسكري خاصة بعد تدخل الحلف الأطلسي كوسوفو دون موافقة مجلس الأمن.عقدت مؤتمرات ودراسات عديدة حول الأمر بما في ذلك قيام مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عام 2000 بإجراء مشاورات موسعة حول وضع أسس سليمة للتدخل العسكري بواسطة الأمم المتحدة، ومطالبة كوفي عنان المجتمع الدولي للتوافق من جديد على تعريف التدخل الإنساني وتحت مسؤولية أية جهة والكيفية التي يتم بها ذلك.
وبمبادرة من الحكومة الكندية تم تكوين » اللجنة الدولي حول التدخل والسيادة الوطنية: International Commission on Intervention and State Sovereignty (ICISS ) المكونة من شخصيات دولية من مختلف أنحاء العالم. قدمت اللجنة تقريرها ونشرته في ديسمبر/ كانون الأول 2001 ورحب به الأمين العام للأمم المتحدة كوثيقة هامة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. ويشير التقرير إلى أن الاعتبار الأساسي ينبغي أن يكون مسؤولية » توفير الحماية » وليس » حق التدخل » Responsability to protect, no the right to intervene مما يضع القرار في إطار حاجات وحقوق المواطنين، بدلا عن مصالح أو خلافات الدول. وتشمل مسؤولية توفير الحماية ليس فقط التدخل، إن دعا الحال، بل » منع » الانتهاكات من الوقوع، ومسؤولية » إعادة البناء ».وتخلص اللجنة إلى أن التدخل العسكري ينبغي أن يكون إجراءا استثنائيا يتم اللجوء إليه فقط في الانتهاكات الجسيمة التي تتسبب في وقوع أذى بالغ الخطورة irreparable harm أو ترجح وقوعه، كالقتل الجماعي بنية الإبادة أو نتيجة فعل الدولة أو عجزها أو إهمالها أو التطهير العرقي واسع النطاق سواء عن طريق القتل أو الترحيل القسري أو الإرهاب أو الاغتصاب.
هوامـش:
– د. صادق محروس: المنظمات الدولية والتطورات الراهنة في النظام الدولي، السياسة الدولية، العدد 122/ أبريل 1995 ، ص: 17.
– من المعروف أن فكرة التدخل الإنساني هذه لا تزال فكرة غامضة، وطبقا لما تكشف عنه الخبرة التاريخية فإن الدول الكبرى قد استترت وراءها لتبرير تدخلها في شؤون الدول الأخرى وتحقيقا لمصالح خاصة. ومن هنا نجد تباينا ملحوظا في تطبيق هذه الفكرة من حالة إلى أخرى.
– أنظر ديباجة القرار 131/34 الفقرة 3 .
– د.محمد تاج الدين الحسيني، المجتمع الدولي وحق التدخل،سلسلة المعرفة للجميع،العدد 18، يناير 2001،ص: 161
-الصراع الليبي واحتمالات الأيام الثلاثة القادمة
http://www.yekiti-party.org/ara/index.php
– د. عبد الواحد الناصر: حرب كوسوفو، الوجه الآخر للعولمة، سلسلة كتاب الجيب، العدد 7، منشورات جريدة الزمن، الرباط، أكتوبر 1999 ،ص: 47-61 .
– د.أمين مكي مدني: التدخل والأمن الدوليان: حقوق الإنسان بين الإرهاب والدفاع الشرعي، المجلة العربية لحقوق الإنسان، المعهد العربي لحقوق الإنسان، تونس، العدد 10 / يونيو 2003 ، ص: 113-114
– شذى ظافر الجندي: ليبيا تتعرض لخطر الانقسام، خطر الحرب الاهلية، وخطر التدخل الخارجي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=247512
– واشنطن تنظر في احتمالات التدخل العسكري في ليبيا سعيد عريقات
http://www.alquds.com/node/330473
Aucun commentaire