أغبيـــــــاء ولكــــن
كنت قبل أيام أتحدث مع شخص أوروبي وكان الحديث عن أحداث الساعة وما يدور الأن على أكثر من ساحة عربية في مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين والعراق وغيرها من البلدان المؤهلة قريبا لنفس الحدث ثم فوجئت به يبدي دهشته واستغرابه ليس من انتفاضة الشعوب ولكن من تلك العقليات التي يتصف بها الزعماء العرب دون استثناء حتى أنه قال ان هؤلاء لو علموا كم هم كانوا محظوظين على مدى عقود انقضت وهم يحكمون شعوبا لها كل ذلك النفس الطويل من الصبر والمعاناة والتحمل لتداركوا أنفسهم وعدلوا من خط سيرهم بما يرضي شعوبهم ولكن أخذتهم العزة بالاثم فزادوا في صلفهم وطغيانهم الى درجة فاق تحمل الشعوب لهم فباتوا عبئا على كاهل شعوبهم وجب التخلص منهم ومهما كلف الشعوب ذلك من ثمن ،وقد صدق الرجل فيما قال فهؤلاء جعلوا بينهم وبين شعوبهم حاجزا من الرهبة والخوف تسلل منه اليهم المستفيدون والمنتفعون فأصبحوا عينا لهم وأفواه لاتهمس في اذانهم الا ما يرضيهم ويمجدهم لابل ينفخهم حتى صاروا بالونات أخذهم الغرور بحجمها ولم يدركوا أنها أخذت بوزنهم فما عاد لهم وزن بين شعوبهم ولم يكتفي هؤلاء بان أصبحوا مطية للمقربين من المنتفعين بل غاصت أرجلهم أكثر في مستنقعات الرذيلة والفساد والاستسلام والهوان حتى صار الغرب يعاملهم كخدم وعاشوا بوهم أنهم الأصدقاء والمقربين لابل تسابق كل منهم أن يكون رجل البيت ألأبيض في منطقته يؤمر فيطيع ولم يكن ثمن هذا الاخلاص والولاء الا أن أطلقت يده ليتصرف بوطنه وشعبه كما شاء على اعتبار أن ألأوطان بمثابة عزب يملكونها ويتصرفون بناسها وثرواتها كما شاؤا لابل يورثونها لأبنائهم من بعدهم وهكذا دواليك .
وسواءا اولئك الملكيون والسلاطين والأمراء الذين اختار الاستعمار قبل رحيله لهم ألقابا ومكنهم في الأرض وعلى ظهر الشعوب أو اولئك الثوار الذين أتونا بانقلابات عسكرية ورفعوا شعارات ما أنزل بها من سلطان فان وضع المواطن العربي والأوطان لم يتبدل به شيئا لابل على العكس رجع القهقرى ولم تكن الطفرات التي ظن البعض انها تحقق أو حققت تقدما سوى هباءا فلم تعمل على الرقي بالأوطان من مستوى الاستهلاك الى الانتاج لابل زادتها ترفا واستهلاكا ولم تحقق للأوطان ذلك التقدم العلمي الذي يعول عليه في التقدم التقني والبناء بل تخلف التعليم عما سبق ودخل في غمار التجارة حتى بات هو الأخر استهلاكيا أكثر منه منتجا ومبدعا .
كل تلك الثروات التي أتت بها الطفرات التي عشناها في السبعينات والثمانينات والتي لايزال يعيشها البعض حتى يومنا هذا لم تحقق لأوطانها شيئا ولم تخلق مواطنا عربيا منتجا بالمعنى الحقيقي .
وعلى مستوى قضايانا المركزية فقد كنا بقضية واحدة مستعصية فأصبحنا باثنتين وثلاثة وأكثر فالوضع العراقي ورغم مساحيق التجميل التي تظهر لمن يغازلون هذا الوضع تراهم يلعوننه اذا ما طلع عليه الفجر ورأوه على حقيقته والسودان الذي كان وطنا واحدا ينقسم الأن الى اثنين وربما ثلاثة ولبنان الأرز بات كأس شمبانيا يرفعه امراء الحرب في صحة بعضهم بعضا وحدث ولا حرج .
قالوا لنا ان مقتل اسرائيل في أن نوقع معها سلاما فقلنا أمين وسلاما ولم ندري ا، الاستسلام عندهم هو السلام، القضية الفلسطينية تراجعت وبشكل غير معهود بفضل السلام والتفاوض الغير محدود هذا عدا الفقر والبطالة وحصر من مشاكل اجتماعية لا تحصى ولدت الدعارة والجريمة وتعاطي المخدرات بين شبابنا .
أن مايحزن المرء أن يكتشف هؤلاء الزعماء العرب مدى غبائهم الأن وبعد فوات الأوان ، لقد أوغلوا ويصعب عليهم التراجع الأن فهم يرون في التراجع مهانة لهم وكأنهم ملكوا يوما عزة أو كرامة وعلى الشعوب أن تعي هذا جيدا وأن لاتبادر بالتراجع وقد كسرت حاجز الخوف واتضح للقاصي والداني أن هؤلاء الحمقى أجبن مما كنا نتصورهم ونهابهم كشعوب مسحوقة ، لقد حانت لنا الفرصة التي لا تعوض الأن حيث ظهر لنا انهم مطايا لذلك يجب أن نركبهم نحن كحمير شاخت نأخذهم الى تل مرتفع ثم نلقي بهم في الهاوية أو الى اسطبلات المنفى التي تقبل بهم .
Aucun commentaire