زراعة الحروب يمكن أن ثمر السلام والرخاء بالنسبة للدول الغربية
تقوم الحضارة الغربية الحديثة التي تنصهر في بوتقتها العقيدتان الصليبية المتطرفة والصهيونية العنصرية الحاقدة على أساس زراعة الحروب في وقت ترفع فيه شعارات السلام المختلفة . فهذه الحضارة تسيطر على سوق الأسلحة العالمية بما فيها أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا ، وهي أسلحة تعتمدها الدول الغربية الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كمعيار للزعامة والسيادة علما بأن اعتماد الأسلحة كمعيار لقيادة العالم يدل على بؤس هذا العالم وشقاوته كما قال صاحب قصيدة الأرض اليباب . وهذه الدول الغربية إلى جانب الكيان الصهيوني الخارج عن سلطة كل شرعية دولية تتنافس في صناعة الأسلحة وتسيطر على أسواقها البيضاء والسوداء على حد سواء ، وهي التي تستخدمها هنا وهناك في عدة أقطار بعيدا عن أراضيها سواء الاستعمال المباشر عن طريق قواتها المسلحة المتورطة في الحروب الخارجية أو عن طريق شركات الحروب التي توظف المرتزقة والمجرمين القتلة . ولقد صارت صناعة وتجارة الأسلحة مورد اقتصادي هام يساهم في رفاهية الرعايا الغربيين والصهاينة على حساب آلام الشعوب التي تدور رحى الحروب فوق أراضيها .
ومقابل استغلال الدول الغربية لصناعة وتجارة السلاح تقوم الآلة الإعلامية الغربية والصهيونية العملاقة بعملية إشهار وتشهير موازية لعملتي تصنيع وتسويق السلاح : إشهار يموه على تصنيع وتسويق المحظور بالتباكي على الأمن والسلم العالميين ، وتشهير بالأعداء المتخيلين وهم في حقيقة الأمر ضحايا صنعت منهم الآلة الإعلامية الغربية العملاقة جلادين ، وأقنعت باقي العالم الذي يساق سوق النعم أنهم بالفعل أعداء حقيقيين للسلام والأمن في العالم . فالذي يتابع المنتوج الإعلامي الغربي يستغرب درجة التضليل الذي يمارسه الإعلام الغربي من أجل التمويه على مشاريع تصنيع وتسويق الأسلحة . فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد قضية العجوز الفرنسي الذي قضى أو قتل أسيرا عند ما يسمى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تجسد السياسة الغربية التي تزرع أشواك الحرب وتريد جني ثمار السلام والرفاهية .فمن المعروف أن فرنسا تعتبر أول بلد أوربي ينافس الولايات المتحدة الأمريكية في تصنيع وتسويق السلاح ، وأنها كباقي دول العالم الغربي تدخل في لعبة الأزمة الاقتصادية المفتعلة بل هي الشريك الأول للولايات المتحدة في هذه اللعبة أو المسرحية ، وهي تبحث عن أسواق لترويج الأسلحة بيعا واستعمالا من أجل رفاهيتها . ولقد فكرت فرنسا في مستعمراتها السابقة في جنوب البحر الأبيض المتوسط ، وتصيدت فرصة ثمينة من خلال رهينتها المختفي في الصحراء الكبرى التي تغري سياحها بالسفر إليها فدخلت الحرب على ما يسمى بالإرهاب والقاعدة من نافذة ضيقة تمهيدا لدخولها من أوسع الأبواب . لقد اجتمع الرئيس الفرنسي ساركوزي بمجلس حكومته الذي لا ينعقد إلا لزرع أشواك الحروب ، وكان هذا اللقاء قد سبق بإيفاد وزير خارجيته إلى الدول المرشحة لتكون أراضيها مسرحا لحروب تديرها فرنسا من أجل تسويق أسلحتها التي ضاقت بها المصانع العاملة ليل نهار . لقد وجدت فرنسا الذريعة المناسبة للعودة إلى مستعمراتها من جديد وهي بلد مستعمر لا تعوزه الذرائع ذلك أن البلد الذي تذرع بما يعرف بحادثة المروحة لاستعمار الجزائر أكثر من قرن قد يستعمر غير الجزائر لقرون بذريعة قتل رهينة فرنسية . وذريعة فرنسا شبيهة بحكاية الذئب والخروف على ضفة نهر حيث يبرر الذئب عدوانه على الخروف من خلال قلب اتجاه جريان النهر ليلفق له تهمة تعكير الماء مع أن الماء العكر كان ينطلق من الذئب إلى الخروف . ففرنسا قلبت أيضا مجرى الأحداث لتصير ضحية ويصير من تستهدفه جلادا . والحقيقة أن ناقة وجمل فرنسا في جنوب البحر الأبيض المتوسط هو تسويق الأسلحة ليس غير. لقد أزبد ساركوزي وأرغى وتوعد وهدد بالويل والثبور وعواقب الأمور، ولم يشف غليله أنه سقط مقابل موت رهينته عدد ممن نسبت لهم تهمة اختطاف الرهينة وكأنهم مخلوقات بلا أرواح ولا توجد عدالة في الدنيا تضمن لهم على الأقل محاكمة قبل أن ينفذ فيهم حكم الإعدام والله أعلم أهم من الخاطفين أم من الرعاة والمنتجعين المتجولين في الصحراء طلبا للعشب ، تماما كما يحصل في أفغانستان حين يقصف المدنيون ويقال إنهم من عناصر القاعدة وطالبان ثم يتبين بعد ذلك أنهم مجرد أهالي كان يزفون عروسا من بيت فقير إلى آخر أفقر قبل أن يصير الجميع أهدافا للآلة الحربية الغربية . لقد اختلق ساركوزي الذريعة للتوغل في دول الساحل وما جاورها مباشرة بعد التقارب بين تشاد والسودان حيث أفضى هذا التقارب إلى كساد في تسويق السلاح الفرنسي على الحدود التشادية السودانية لهذا كان لا بد من ذريعة جديدة لانعاش سوق تسويق السلاح الفرنسي .
ومن المنتظر في المستقبل القريب أن تشحن الأسلحة الفرنسية إلى المنطقة وتفرض على أنظمة الدول فيها بديون وفوائد في ظل أزمات اقتصادية تعاني منها دول المنطقة الأشد فقرا في العالم من أجل رخاء ورفاهية فرنسا . ولا بد بطبيعة الحال من مسرحية محبوكة الفصول بحيث تتدخل قوات المظليين الفرنسيين لخوض حروب طاحنة وهمية مع تنظيم القاعدة الوهمي الذي اصطنع اصطناعا في العراق وأفغانستان ، وكان لا بد من اصطناعه في بلاد المغرب الإسلامي التي لا نعرف حدودها لحد الآن . ومرة أخرى أقول إن الدولة المحتلة التي احتلت الجزائر لأكثر من قرن من الزمن بسبب حادثة المروحة لا تعوزها الذرائع لخلق تنظيم القاعدة أو غيره من أجل التمويه على تصنيع الأسلحة وتسويقها كما تموه الولايات المتحدة على ذلك في العراق وأفغانستان ، والبراهين جاهزة لدى العملاق الإعلامي الغربي حيث يصير بسهولة العرس الأفغاني والحي أو القرية العراقية ، والرعاة الطوارق في الصحراء أدلة دامغة وغير قابلة للشك على وجود القاعدة وطلبان والشيطان إذ لا يملك العالم مصدرا محايدا للإعلام ينقل له الحقيقة التي تصنع كما تريد الحضارة الغربية في قصورها حيث تقرع كؤوس الأنخاب على حساب المستضعفين في الأرض . وساركوزي الذي صنع من البرقع معضلة في فرنسا لحاجة في نفسه سيخلق من الرهينة الضحية إذا صح الخبر بطبيعة الحال ولم يكن مسرحية مخابراتية كما نرجح حربا في الصحراء الكبرى جديرة بتسويق ما تكدس من سلاح في المصانع الحربية الفرنسية من أجل رفاهية بلاد الجن والملائكة والحرية والإخاء والمساواة ، وهي البلاد التي تستطيع أن تزرع أشواك الحروب وتجني من ورائها ثمار السلام والأمن والرفاهية والرخاء .
Aucun commentaire