العروبية والشعوبية وأثرهما في فساد العقيدة بظهورالزندقة
من المعلوم أن الناس قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في ضلال بعيد كما وصفهم القرآن الكريم عربهم وعجمهم . أما العرب فكانوا عبارة عن أشتات قبائل بدوية تعيش على الرعي ، وقليل منها الحضرية المستقرة كما كان حال المناذرة والغساسنة ، عقيدتهم الوثنية وعبادة الأصنام ، وهمهم الحروب الطاحنة لأتفه الأسباب ولسنوات طوال. وأما العجم فبالرغم من أنهم كانوا أهل مدر كما يقال لم تكن عقائدهم أفضل من عقائد العرب ، بل كانت أكثر فسادا من عقائد العرب ذلك أن العرب كانوا يتخذون الأصنام آلهة يتزلفون بها إلى الله تعالى ، في حين كان العجم يعبدون الأوثان كما كان حال الفرس المجوس الذين عبدوا النار مباشرة ولم يتخذوها زلفى. ومعلوم أن دين الإسلام جاء لتصحيح العقائد الفاسدة عند الناس كافة عربهم وعجمهم ، وبقول الله تعالى : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعرفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )) سقطت كل الاعتبارات العروبية والشعوبية ليبقى اعتبار التقوى هو المعيار الوحيد للحكم على الناس ، والتقوى تعني صحة العقيدة البديل عن فساد العقائد .
ولقد نجحت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القضاء على العصبيات مهما كانت طبيعتها وفي أكثر من مناسبة عاب عليه السلام على بعض المتعصبين عصبيتهم سواء كانوا عربا أم كانوا عجما . وما كادت خلافة الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عليه تحل حتى عادت العصبيات إلى المجتمع الإسلامي والتي كانت بدايتها حرب صفين التي حركت الماضي العصبي البائد من جديد ، وعادت العصبية كأشد ما تكون طيلة عهد حكم بني أمية الذين كانوا عروبيين ، والعروبية هي مبالغة في التعبير عن العروبة حيث ساس بنو أمية العروبيين غيرهم من الشعوب الداخلة في الإسلام على أساس عرقي مما ولد نقيض العروبية وهي الشعوبية. ومن آثار الشعوبية مشاعر الحقد والكراهية ضد العروبيين ، وهي مشاعر سرعان ما تحولت من ردة فعل ضد العروبية إلى ردة فعل ضد العرب وضد لغة العرب ، وضد القرآن النازل على محمد صلى الله عليه وسلم بالعربية لغة أهل الجنة بقرار إلهي لا دخل فيه لعرب . وعوض أن يفخر العروبيون والشعوبيون على حد سواء بالانتماء للإسلام ولنسب التقوى عادوا للحفر في الماضي المنتن حيث فخر العربيون بحياة البداوة ، وفخر الشعوبيون بحياة الحضارة ، واشتد الصراع بينهم ، وتنافسوا السياسة تنافسا شديدا حتى ركب بنو العباس الشعوبية من أجل القضاء على عروبية بني أمية ، وكان في ذلك التمكين للشعوبية من الوصول إلى مقاليد الحكم لتسوس العروبيين سياستهم لها في عهد بني أمية . ولما كانت العروبية والشعوبية عبارة عن عصبية عمياء فإنها نبشت في كل منتن بما في ذلك العقائد الفاسدة مما جعل لفظة زندقة تسود ، وهي لفظة فارسية معربة كانت تطلق على من يؤول الأفيستا كتاب المجوسي زرادشت ويحرفه كما فعل ماني . وبتعريب لفظة زندقة صارت تطلق على من يحرف العقيدة الإسلامية سواء بالإلحاد أو بالفسوق . وكان العجم في بلاد فارس قبل الإسلام يدينون بالمجوسية ، وهو دين زرادشت الذي عاش حوالي منتصف القرن السابع قبل الميلاد ، وهو صاحب كتاب الأفستا الذي يضم تعاليمه وفيه يزعم أن العالم يحكمه إلهان : إله النور » أهورامزد » وهو خالق كل خير ، وإله الظلمة » أهرمن » وهو خالق كل شر. ويعتقد زرادشت بوجود حياة أخرى فيها حساب وجزاء بالنار أو بالنعيم ، كما يعتقد بأن النار مقدسة طاهرة لهذا أقام لها الفرس المعابد وعبدوها وأباح زواج المحارم وهو زواج البنات والأخوات . وفي القرن الثالث الميلادي ظهر ماني وهو الذي مزج بين الزرادشتية والبوذية والنصرانية حيث حافظ على ثنائية النور والظلمة عند زرادشت ، وأضاف إليها النتاسخ البوذي ، والرهبانية النصرانية ، وسمي بذلك زنديقا أي مغيرا للعقيدة وأكثر من الصلوات والأدعية. وفي أواخر القرن الخامس للميلاد ظهر مزدك وكان ثنويا يؤمن بالنور والظلمة ويقدس النار ويدعو إلى الشهوات خصوصا الجنس مع الإمعان فيها ، وأحل النساء والأموال بشكل مشاع بين الناس . وقد صحح الإسلام كل هذه العقائد الفاسدة ، ولكن لما اندلعت العصبية العروبية زمن بني أمية ، وجاءت العصبية الشعوبية كردة فعل عليها زمن بني العباس عادت هذه العقائد الفاسدة إلى الواجهة من جديد حيث أفضى حقد الشعوبيين على العروبيين إلى كراهية ومقت العربية والقرآن المنزل بالعربية ، والتوحيد لصالح المثنوية الزرادشتية والمناوية والمزدكية في أشكال جديدة أدخلت على الإسلام وسميت أيضا زندقة أي تحريفا لعقيدة الإسلام من خلال خلطها بالعقيدة المجوسية .
وكانت العقيدة الرافضية على اختلاف اتجاهاتها وجها من وجوه هذه الزندقة التي حاولت إفساد العقيدة الإسلامية بدافع الحقد الشعوبي على العروبية . لقد كره الشعوبيون أن تزول حضارتهم الفارسية لتحل محلها الحضارة العروبية ، وقد أنكر الشعوبيون على العروبيين كل شيء بما في ذلك العقيدة حيث حاولوا التمويه على عودتهم الباطنية إلى المجوسية بادعاء الانتماء إلى الإسلام ولكن بعقيدة تدعي تمجيد آل البيت ، وفصلهم عن انتمائهم العربي نكاية في العروبيين . وقد كثرت مظاهر الزندقة في العصر العباسي وهو ما أقلق خلفاء بني العباس الذين استعانوا بالشعوبيين على بني أمية العروبيين ولكنهم فوجئوا باستغلال الشعوبيين لذلك من أجل العودة إلى عقائدهم الفاسدة التي راجت بسبب حركة الترجمة من الفارسية والفهلوية إلى العربية ، وهو ما ذكره المؤرخ المسعودي إذ قال : » أمعن المهدي العباسي في قتل الملحدين والمداهنين في الدين لظهورهم في أيامه وإعلانهم باعتقاداتهم في خلافته لما انتشر من كتب ماني وابن ديصان ومرقيون مما نقله عبد الله بن المقفع وغيره وترجمه من الفارسية والفهلوية إلى العربية وما صنف من ذلك ابن أبي العوجاء وحماد عجرد ويحيى بن زياد ومطيع بن إياس من تأييد المذاهب المنانية والديصانية والمرقيوية ، فكثرت بذلك الزنادقة وظهرت آراؤهم في الناس » وقد نكب خلفاء بني العباس العديد من دعاة الزندقة من أمثال ابن المقفع وابن أبي العوجاء وحماد عجرد وصالح بن عبد القدوس ، وبشار بن برد . ومما يروى أن ابن أبي العوجاء لما أريد قتله لزندقته قال : » لئن قتلتموني لقد وضعت في أحاديثكم أربعة آلاف حديث مكذوبة مصنوعة » وقد تنبه علماء الحديث إلى الموضوع من أحاديث الزنادقة. ولعل القائل أن التاريخ يعيد نفسه لا يبتعد عن الحقيقة مع أن المقصود ليس عودة التاريخ كأحداث مستنسخة ، ولكن كأحداث متشابهة . لقد لجأ الزنادقة إلى التقية بعد أن نكل بهم بنو العباس ، وهو أسلوب أوائل الرافضة زمن العروبيين من بني أمية ،ولكنهم كانوا يتخلون عن تقيتهم كلما سنحت لهم الفرصة كما حصل مع البويهيين والصفويين حيث تركوا التقية لزوال علتها وهي الخوف من الاضطهاد. ولن يختلف حال الشعوبية في زماننا عن حالها فيما مضى ، ذلك أن الأقنعة متعددة والعقيدة المقنعة واحدة ، وهي عقائد المجوسية الفاسدة المتغلغلة في عقيدة الإسلام عن طريق التمويه . ولمعرفة فساد العقيدة الرافضية التي هي الزندقة المستهدفة للإسلام لا بد من مقارنة بين عقيدة الرافضة والعقيدة المجوسية . فالعقيدة المجوسية تقول بثنائية الألوهية : إله النور أو الخير ، وإله الظلمة أوالشر. وما تقديس النار في المجوسية إلا لطرد الظلمة . وهذه الثنائية تذكرنا بطبيعة إبليس اللعين الذي تكبر على رب العزة بسبب طبيعته النارية حيث زعم أنه خير من آدم الذي طبيعته طينية ، والطين مادة مظلمة بينما طبيعة إبليس نارية . وهكذا نجد المجوسية المقدسة للنار تقدس الطبيعة الشيطانية . والعقيدة الرافضية تقوم أيضا على ثنائية الله تعالى والأئمة المعصومين والفقهاء الأولياء حيث ينسب لهم ما تختص به قدرة الله عز وجل ، كما ينسب المجوس القدرة للنار المقدسة عندهم . ولئن كان المجوس يقدسون نارا حقيقية ، فإن الرافضة يقدسون من يدعو إلى نار جهنم من فقهاء أولياء وهم ممن قال فيهم رب العزة : (( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار )) فسيان عبادة النار وعبادة من يدعو إلى النار. وكما تنسب النورانية للشيطان والظلمة لآدم ، فإن الرافضة ينسبون النورانية للأئمة من آل البيت ـ وآل البيت أبعد عن كذب الرافضة ـ وللفقهاء الأولياء بينما ينسبون الظلمة لمن يعتبر في نظر الرافضة مغتصبا لحق الأئمة والفقهاء الأولياء من حكام الجور حسب زعمهم . وكما نجد في الزرادشتية إباحة زواج المحارم البنات ، والأخوات ، نجد في الرافضية زواج المتعة ، وهو الزنا المقنع ، كما نجد ما يسمى التفخيد ، وهو التمتع بالقاصرات . والمتعة شكل من أشكال العلاقة الجنسية على طريقة مزدك ذلك أن المتعة تجعل الجنس مشاعا بين الناس كشيوع الزنا . وكما دعا مزدك إلى الإقبال الكبير على الشهوات وخصوصا الجنس نجد الرافضة يشجعون على المتعة بشكل كبير ، وعلى التفخيد . وإذا ما وجدنا مجوسية مزدك تجمع المال لتشيعه فكذلك العقيدة الرافضية تفرض الأخماس لجمع المال . وكما نجد كثرة الأدعية في المجوسية المانوية نجدها كذلك في العقيدة الرافضية حيث تكثر البكائيات أو أدعية الجوشن. كما يقدس المجوسية معابد النار نجد الرافضية تقدس المراقد والأضرحة ، وكما يسجد المجوس أمام النار يسجد الرافضة أمام المراقد . وكما توجد الرهبانية النصرانية التي أضافها ماني للزرادشتية نجد نفس الرهبانية في العقيدة الرافضية حتى أن الطبيعة الناسوتية للأئمة والفقهاء الأولياء تغيب لفائدة الطبيعة اللاهوتية تماما كما هو الشأن عند النصارى لهذا لا غرابة أن يختفي الإمام الثاني عشر ويرفع عند الرافضة كما رفع الله عز وجل المسيح عيسى بن مريم ، ولا بد أن ينزل الأمام المنتظر الغائب ، كما ينزل المسيح ، وأكثر من ذلك يكون المسيح مجرد جندي تحت تصرف الإمام المنتظر على حد زعم الرافضة . لقد وجد الرافضة قاصمة ظهر العقيدة الإسلامية بادعاء حب آل البيت بحثا عن المصداقية للعقيدة الرافضية إذ بدون الانتساب لحب آل البيت لن يجد الرافضة ما يبررون به عقيدتهم الفاسدة. ولا يعوز الرافضة التدليس والنحل والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل إضفاء المشروعية على عقيدتهم وتضليل السذج و
العوام والتمويه على مجوسية بقناع يدعي الإسلام . فإذا كان الزنديق ابن أبي العوجاء قد دس أربعة آلاف حديث فلن يقل دس غيره من الزنادقة على الإسلام من أجل إقناع الناس بصدق حبهم لآل البيت وتصديق معتقداتهم الفاسدة . والباحث في سر هذه الزندقة الرافضية يجد أن العصبية الشعوبية انتقلت عبر العصور كاشتعال نار المجوس في المعابد بلا انقطاع ، وعن طريق التقية تغلغلت في عقيدة الإسلام لتصير عقيدة مشوهة مغرضة ظاهرها الانتماء الشكلي للإسلام وباطنها الحفاظ على تقديس النار والشهوات وعلى رأسها الجنس والمال .
ولقد وجدت نفس ظروف الماضي في زماننا حيث لا زال في العرب عروبيون يمجدون عروبتهم على حساب التقوى مقابل شعوبيون يمجدون شعوبيتهم على حساب التقوى أيضا. لم يتخل الشعوبيون عن لغاتهم وعن عاداتهم وتقاليدهم بما فيها النيروز ، وكل ما يوجد من العربية عندهم نصوص القرآن والحديث وقد عرفوا منذ القديم بمحاولة فصل القرآن والحديث عن العروبيين والعرب ، وليس الاحتفاظ باللغة الفارسية سوى تأكيد لجعل العربية لغة العروبيين لا لغة القرآن وأهل التقوى . ولم يتخل في المقابل العربيون عن عصبيتهم ضد غير جنسهم من المنتمين للإسلام صدقا أو ادعاء ،ولم يتخلوا عن جاهليتهم فلا زالت العداوت مستحكمة بينهم لأتفه الأسباب ، ولا زالت الحدود والمعابر بينهم مغلقة ، ولا زال ولاؤهم للأجانب كما كانوا من قبل أن يبعث الله فيهم محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا ، لا زال بعضهم يدين بالولاء للغرب البديل عن الروم ، والبعض الآخر يدين بالولاء لفارس المجوسية بقناع رافضي للتمويه ليس غير. وبين العروبيين والشعوبيين في كل عصر ومصر تكون النتيجة هي الزندقة وهي فساد عقيدة الإسلام إما بفسوق العروبيين أو بمجوسية الشعوبيين .
4 Comments
بالله عليكم من أين اتيتم بهذه المشتقات على غير قياس لتفسدوا بها لغة القرآن؟ قل لي كيف تمت النسبة إلى ما أصله عرب و شعب؟ و كيف صيغت لفظة عروبية لتدل على ايديولوجية الانتماء
يا أستاذ النتائج التي توصلت إليها بدون مقدمات منطقية أو واقعية تبدو كالصحون الطائرة في الفضاء
إن العرب الذين تتحدث عنهم انجبوا خير نبي عرفته البشرية و انجبوا أبطالا نشروا الإسلام من فرنسا إلى الصين و الفرس الذين تتهكم منهم من غير علم بنوا صرح حضارة عريقة و بنوا الفكر الإسلامي و لا زالوا كالشوكة في حنجرة الاعداء
يا ناس تحدثوا في الامور التي تفهمون فيها
السلام عليكم حياك الله يااستاد والله نورتنا يااخي الكريم والله اكتر من مقالتك حتى نعلم اشياء اكتر عن الصفويين الحاقدين عن اهل السنة
ان الحضارة العربية الاسلامية التي بلغت قمة ازدهارها في العهد العباسي . يعود الفضل الكبير في ذلك الى العنصر الفارسي فكبار اللغويين من فارس مثلا سبويه كبار الفلاسفة والاطباء من فارس مثلا الفارابي النظم الادارية التي قامت عليها الدولة الاسلامية اصلها من فارس وبناء عليه فالحضارة الاسلامية بدون مساهمة الفرس ماكان لها ان تكون