Home»International»قراءة: العراق من السقوط إلى اعلان المقاومة

قراءة: العراق من السقوط إلى اعلان المقاومة

0
Shares
PinterestGoogle+

قراءة: العراق ما بين السقوط وإعلان المقاومة / سامي الأخرس

تعددت وتنوعت الاجتهادات المفسرة للمشهد الصادم – إن جاز التعبير- الذي تناقلته الفضائيات العالمية في صبيحة التاسع من إبريل عام 2003م من العاصمة العراقية » بغداد »، حيث فجأة تهاوت كقطع الدومينو أو القطع الورقية تحت عجلات الدبابات الأمريكية التي رابطت فجأة على مشارف القصور الرئاسية، بمشهد يوصف بالصادم حيث أن كل المؤشرات لم تكن تتوقع هذا السيناريو أو ذاك المنحى الفجائي للحرب العراقية- الأمريكية، في عملية حسم لمعركة لم تبدأ فعلًا، وخاصة في ضوء المشاهد التي كان يتناقلها التلفاز العراقي لصمود مدينة بحجم  » أم قصر » وأسرى القوات الأمريكية والبريطانية، وهي بالطبع وبكل تأكيد مشاهد حقيقية أكدت أو أعطت إيحاء بأن العراق سيصمد طويلًا في وجه الآلة العسكرية المرعبة لأمريكا وحلفائها، القوة الأعظم عسكريًا على المستوى العالمي، والقوى الأخرى المساندة لها والتي تعتبر أيضًا من القوى الكبرى عسكريًا- كالذيل – بريطانيا والحلف الذي شكلته الولايات المتحدة الأمريكية لضرب بغداد والإطاحة بشرعيتها السياسية الممثلة بشخص  » صدام حسين » وحزب البعث العراقي.

هذا المشهد السيريالي بألوانه وملامحه يحتاج لمزيدًا من القراءة العميقة في فصوله وسيناريوهاته، التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، انبلجت أول خطوطه ومظاهره في الحرب العراقية – الإيرانية التي اندلعت كمواجهة عراقية لشعار تصدير الثورة الذي انتهجه » الخوميني » قائد الثورة الإيرانية في محاولة لإعادة صياغة المنطقة سياسيًا، تحت وقع الزخم الإعلامي الذي أحدثته الثورة الإيرانية، والتعاطف اللامحدود معها في المنطقة، مستغلًا كذلك التعاطف الشعبي مع الثورة التي أسقطت نظام  » الشاه » المؤيد والداعم للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وهو ما كان يمثل ضغطًا متوازيًا في المنطقة التي تعتبر من أغنى مناطق العالم بالثروات النفطية، ما وضعها في موضع صراع دائم، ومحل أطماع القوى الاستعمارية العالمية التي تبحث عن مصادر الطاقة الحيوية. أضف لذلك الأهمية الجيوسياسية للمنطقة كموقع هام وحيوي بين قارات العالم القديم، وبين الشرق والغرب، وهي أطماع غير مستجدة بل قديمة ما قبل انفجار الثروة النفطية.واجه العراق كقوة إقليمية عربية ناشئة الخطر الإيراني في بدايات العقد الثامن من القرن الماضي بحربًا طويلة امتدت لثمانٍ سنوات، ليخرج منها منتصرًا معنويًا بإعلان » الخوميني » الموافقة على إنهاء الحرب، ولكن هذا النصر لا ينفي أو يخفي انكسار العراق اقتصاديًا، حيث يحتاج لسنوات طويلة للتعافي من آثار هذه الحرب سواء على الصعيد الاقتصادي، أو إعادة تأهيل قواه وبناه التحتية، أو على الصعيد الاجتماعي الذي أصيب بتفكك في بنائه الأسري نتيجة فقدان الآلاف من أبناء العراق، وهو ما يعني تحمل الدولة لمسئولياتها في إعادة تأهيل وبناء المجتمع العراقي، لمعركة البناء والتجديد، أي أن العراق خرج من معركة عسكرية وحربية، لخوض معركة أشد وطأة وشراسة ألاّ وهي معركة البناء والترميم. هذا لا ينفِ أيضًا أن العراق شهد تنامي لقدراته وخبراته العسكرية على المستويين البشري من حيث الخبرات العلمية والعسكرية التي اكتسبها العراق من حرب الثمانِ سنوات، أو على مستوى الآلة العسكرية وعمليات التصنيع العسكري، والتكنولوجيا العسكرية التي تم تزويد العراق بها خلال الحرب، مما يعني خروج العراق كقوة إقليمية مؤثرة في المنطقة تمتلك مفاتيح التدخل والتأثير في سياساتها وخريطتها السياسية، واليد الطولي في حسم العديد من التوجهات الإقليمية، التي بدأت ملامحها تتجسد في الإعلان عن تشكيل مجلس التعاون العربي كقوة موازية لمجلس التعاون الخليجي. وهو بكل الأحوال أزعج العديد من القوى الدولية ممثلة بالولايات المتحدة وبريطانيا، حيث أن إمكانيات العراق وقوته السياسية تدفعه لفرض سطوته على منابع النفط ودول المنطقة، إضافة لكونه من أكثر البلدان المنتجة للنفط والتي تمتلك احتياطي كبير على مستوى العالم، مع الإعلان عن إنتاج المدفع العملاق، وهو ما مثل إزعاجًا عسكريًا لدول إقليمية في المنطقة الخليجية، ولإسرائيل، وكذلك لدولة كسوريا التي تحالفت مع إيران في حربها ضد العراق، وهو ما يعتبر تهديد لهذه الدول التي تشترك في حالة عداء للعراق، وعليه فالعراق أصبح يشكل مصدرًا للإزعاج خاصة في ظل أن كل المؤشرات تؤكد وتدل على أن العراق خرج من حربه بالعديد من الأزمات، ولكنه برغم ذلك اثبت قوة وثبات كدولة كبيرة ذات وزن في طريقها لتجاوز هذه الأزمات، ومداواة الجراح والنهوض من جديد أكثر قوة.فكان من الضروري البحث عن سيناريو آخر يطيح بالعراق بعيدًا عن الحلبة الإقليمية، ويدع العراق لإلقاء فوطة الاستسلام البيضاء في حلبة معقدة بتركيبها وتكوينها الديموغرافي في ظل تعلق الآمال العربية الشعبية بالعراق عامة، وصدام حسين  » رحمة الله » خاصة، فكان الفخ أو المصيدة الكويتية، النصير للعراق في حربة ضد إيران، حيث بدأت الخلافات تشتعل اقتصاديًا حول آبار النفط على الحدود العراقية – الكويتية، مع استفزاز متعمد للعراق الذي كما واسلفت يعاني من أزمات عديدة نتيجة لحرب الثمانِ سنوات ، وهو ما دفع « صدام حسين » لخوض مغامرة عسكرية لم تتضح خلفياتها وتفاصيلها وأسرارها حتى راهن اللحظة، والزج بقواته إلى دولة الكويت – التي يعتبرها احد محافظات العراق- وهو ما مثل بداية لانفراط قوة وعنفوان العراق كقوة إقليمية مؤثرة، حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تحشد الجميع إعلاميًا وعسكريًا ضد العراق، الذي واجه حلفًا هو الأكبر في ذاكرة التاريخ البشري.

فبدأت ملامح التاسع من ابريل 2003م تتبلور في إسقاط  » بغداد » منذ تلك اللحظة، واكتملت فصول السيناريو ولم يتبق سوى الإخراج والتنفيذ الذي ارتكز على:أولًا: ضرب العراق عسكريًا، وإضعافه من خلال إخراجه مهزومًا من الكويت، واقتطاع مناطق بالداخل العراقي يمنع بموجبها تواجد سلطة الدولة العراقية والتي يتم منها رسم السياسات التآمرية لإسقاط الاستقرار الداخلي للعراق.ثانيًا: إثارة النعرات المذهبية والطائفية في التركيبة الديموغرافية العراقية المعقدة، وعلى وجه الخصوص معتنقو المذهب الشيعي أصحاب الولاء للمذهب وليس للوطن، وهو ما اتضح في التمرد والعصيان الذي شهده الجنوب العراقي أثناء انسحاب الجيش العراقي من الكويت.ثالثًا: منح المبررات لدول الخليج العربي في توفير التسهيلات اللوجستية لأمريكا وحلفائها، مما أدى لإنشاء قواعد في الكويت – قطر- السعودية- البحرين- الإمارات وجميعها مهمتها التخطيط للسيطرة على المنطقة وقيادة عملية احتلال العراق.رابعًا: شنت الولايات المتحدة الأمريكية حربًا إعلامية شرسة ضد « صدام حسين »، وصنعت منه ديكتاتور بعد أن كان بطل قومي في نظر العرب.خامسًا: إطلاق يد إسرائيل الأمنية للعبث بالمنطقة، وتشكيل لوبي أمني واقتصادي للعمل في جنوب العراق وشماله، ودول المنطقة العربية في الخليج، وهو ما مثل أحد مصادر الإسناد في رحلة إسقاط بغداد، والانتقام من الزعيم « صدام حسين » الرئيس العربي الوحيد الذي تجرئ على دك تل أبيب بالصواريخ. سادسًا: هيمنة وسيطرة الولايات المتحدة على مصادر النفط العربية، ودول المنطقة التي أجبرت على دفع تكاليف الحرب القادمة، والقواعد الأمريكية التي استندت على إدعاء حماية دول المنطقة من خطر العراق، وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أمنت قواعدها وحربها من الناحية الاقتصادية.سابعًا: استنهاض القوى المعادية لصدام حسين في الداخل العراقي، وتسخيرها لإحداث خلل في الاستقرار الاجتماعي، والسياسي، والعسكري والأمني في العراق.ثامنًا: تفكيك مجلس التعاون العربي الذي ضم  » مصر- الأردن – اليمن – العراق » وبذلك إخراج مصر من دور الحليف، لدور العدو للنظام العراقي، وهو نفس سيناريو تحييد مصر عن القضية الفلسطينية بمعاهدات كامب ديفيد، التي تحولت بموجبها مصر من دور الحليف للقضية الفلسطينية لدور الوسيط.تاسعًا: فرض حصار اقتصادي على العراق استمر لعشرة سنوات، حرم خلالها العراق من تنمية قدراته العسكرية، وتجفيف موارد وقدرات العراق مما خلق حالة من التذمر الداخلي للشعب العراقي ضد النظام و »صدام حسين » وحزب البعث، تمهيدًا لإسقاطه جماهيريًا وشعبيًا.عاشرًا: إطلاق يد فرق التفتيش الدولية التي كان أهم أهدافها تجريد العراق من كل مقومات صموده، والإجهاز على العراق على كافة الصعد والاتجاهات، وإعطاء الضوء الأخضر للولايات المتحدة باستكمال فصول مؤامرتها وهجمتها ضد العراق.في ضوء هذه الحقائق والمتغيرات كان السيناريو مُعد لإسقاط العراق سياسيًا وداخليًا، بما أن مبررات الضربة العسكرية لم تنضج بعد في ضوء القراءة السياسية السليمة التي أدركها الرئيس الراحل  » صدام حسين » والجهاز السياسي العراقي الذي خاض معركته سياسيًا في المحافل الدولية، وأمام الرأي العام العالمي والدولي، واستطاع العراق من خلالها تحقيق نصرًا في مواجهة الإدعاءات الأمريكية، من خلال الاستجابة لمقررات مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة، والموافقة على اشتراطاتها، والسماح لفرق التفتيش الدولية بالعمل دون صعاب تذكر، وهو ما عرى الولايات المتحدة إعلاميًا، وحقق للعراق صمود خلال العشرة سنوات التي واجهة خلالها العراق حربًا ضروس على المستويات السياسية، والاقتصادية، والإعلامية، وظهور ثبات وقوة النظام العراقي في السيطرة على الأوضاع الداخلية، والأمنية، والتحركات السياسية الدولية، وفشل الخطة المعدة لإسقاط النظام العراقي دون اللجوء للخيار العسكري الذي سيظهر الولايات المتحدة كقوة محتلة مهما اختلقت وحلفائها من مبررات، وبذلك يكون العراق قد حقق تعاطفًا عربيًا ودوليًا على المستوى الشعبي، وتحول الرأي العام الدولي نحو كشف زيف الإدعاءات الأمريكية وهذا تجلى من خلال توافد الوفود الأجنبية إلى العراق، وحالة التملل في كسر الحصار عن العراق، الذي أصبح ميدانًا لمواجهة جبروت واستعمارية الولايات المتحدة المستفردة بالعالم، والمتجبرة حتى مع أصدقائها.أمام صمود العراق لعقدين في حرب غير متكافئة سواء على الصعيد العسكري مع إيران، وما تبعها من حرب سياسية واقتصادية وإعلامية استمرت لعشرة سنوات، وازدياد قوة النظام شكليًا في صموده وأدائه وإدارته للحرب وللازمة بحنكة سياسية تؤكد على فهم كامل وشامل للمعركة، كان لابد من اللجوء للضربة الأخيرة والقاضية ضد العراق، ألاّ وهي عملية الحسم العسكري، تلك العملية التي كان كل المراقبين يدركوا أنها محسومة للجانب الأمريكي وحلفائه للإعتبارات والحقائق السابقة التي تم ذكرها وتحليلها، ولا يمكن غياب هذه الحقيقة عن القيادة العراقية أو عن صدام حسين، برغم أن الخطاب العسكري والسياسي العراقي كان يُفهم منه ظاهريًا توفر مقومات الصمود، ولكن من تعمق بالخطاب العراقي وخاصة أبان الحملة ضد العراق أدرك أن ملامح المواجهة العسكرية لا يمكن أن تتم بالطريقة التقليدية (الكلاسيكية) بين الجيوش، حيث أن العراق عسكريًا بلا أنياب، في ظل ما سبق وذكره من عمليات تقزيم قواته وقدراته، البرية والبحرية والجوية، والمعنوية.إذن فما هي الخ

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *