البركان يلقن الغضب للإنسان
إن ثورة بركان أيسلندا كانت مناسبة لكلام كثير تناقلته وسائل الإعلام خصوصا عندما تعلق الأمر بتعطيل حركة الملاحة الجوية في القارة الأوربية . وشاهدنا عبر الفضائيات الإنسان الأوربي وقد تقطعت به السبل في المطارات واضطر وهو الذي لا يفعل عادة كما يضطر الإنسان في دول العالم الثالث إلى افتراش أرض المطارات لينام بسبب طول انتظار هدوء ثورة البركان الغاضب . وإذا كانت دلالة ثورة بركان أيسلندا بالنسبة للإنسان الأوروبي لا تخرج عن إطار المجال الاقتصادي فإنها قد تخرج عن هذا الإطار بالنسبة للإنسان العربي والمسلم الذي يحتل الغرب والصهاينة أرضه ، ولا يحرك ساكنا ، ولا يتعلم كيف يثور ثورة البركان الذي ألقي بحممه عشرات الكلومترات في الأجواء ، وحجب الرؤيا في السماء ، وعطل حركة الملاح الجوية في قارة حركة جوها أكبر من حركة برها وبحرها.
لقد وعدنا الله عز وجل بأن يرينا آياته في الآفاق وفي أنفسنا ، وها هو أفق الطبيعة في أيسلندا يعلمنا كيف ننتفض ونثور بعدما لم تجدينا نفعا الدروس التي تلقنها لنا بعض شعوب الأرض الرافضة للذل والهوان . لقد تابع العرب والمسلمون المضطهدون في الكثير من بلاد العروبة والإسلام العديد من ثورات الشعوب الثائرة التي ثارت على أنظمتها الفاسدة ، وحققت ما كانت تصبو إليه من حرية ، وحياة كريمة ولكن الشعوب العربية والإسلامية لم تفكر في خوض نفس التجربة . وها هو بركان أيسلندا يعلم الشعوب العربية والإسلامية الانتفاضة والحمد لله أنه ثار في أيسلندا ليكون الدرس بليغا لأنه لو ثار في بلاد العروبة والإسلام لما كانت لثورته نفس الدلالة لأنه لن يعطل فيها الملاحة الجوية المعطلة أصلا ولله الحمد.
فدلالة ثورة بركان أيسلندا هي الأثر العميق الذي خلفه في حياة الناس في عالم متطور حيث تعطل التطور والتقدم بسبب ثورة البركان. فهذا البركان يعلم العرب والمسلمين الثورة التي تشل حياة من يحتل أرضهم بالرغم من تطوره وتقدمه ، وليست الثورة التي لا تؤثر في المحتل ، ولا في المستبد الظالم. ومن ضمن ما قيل بمناسبة هذا البركان قول صبي وهو يتابع ثورة بركان أيسلندا : لماذا لا يخترع العرب والمسلمون الذين تهاجم أراضيهم من طرف المحتل الأمريكي والغربي والصهيوني قنابل غبارية يفجرونها في سمائهم كلما هاجمتهم طائرات المحتل المعتدي ؟ وقلت صدق الصبي إن أجواء البلاد العربية الإسلامية مكشوفة ومباحة لطيران المحتل ، وهي في أمس الحاجة إلى غبار بركان أيسلندا لمنع قطع الفولاذ الطائرة من السباحة فيها بحرية لتدمير برها البائس .
ودار بيني وبين أحد الفضلاء حديث حول إنسان غير مرغوب فيه لسوء سمعته وفساده زار إحدى الدول الغربية قبيل ثورة البركان ، فعقب الفاضل لقد أصيبت أوربا بالغثيان لزيارته حتى تقيأ بركان أيسلندا منها ، ولكننا لم نصب بالغثيان ولم نتقيأ من وجوده الطويل بيننا لأننا لم نتعلم الثورة من البركان ، فقلت له صدقت لقد صار الجماد في أوروبا أرهف حسا من الأحياء عندنا حتى تقيأ البركان من درن مفسد ،في حين نستسيغ نحن هذا الدرن . إن دروس بركان أيسلندا بليغة ، ولكن من يستفيد منها ؟
1 Comment
البراكين ظواهر طبيعية لا اقل و لا اكثر