الأكاديمية العربية العالمية للتدريب والتنمية البشرية تسهم في تنظيم الملتقى الوطني الثالث للمدربين المغاربة
تحت شعار « بث الثقة بكفاءاتنا، عنوان احترافيتنا » نظم مركز مهارات جودة التعليم والتدريب بتنسيق مع الأكاديمية العربية العالمية للتدريب والتنمية البشرية الملتقى الوطني الثالث للمدربين المغاربة، بكورنيش عين الدياب في السادس فبراير 2010 . وقد حضر الملتقى أزيد من أربعين مدربا محترفا ومهتما بمجال التدريب والتنمية البشرية، وثلة من الباحثين و الأساتذة الجامعيين، وقد تمحور الملتقى حول مشروع الأكاديمية العربية العالمية للتدريب وتنمية الموارد البشرية وتحليل واقع التدريب سواء في المغرب و في باقي الوطن العربي.
وبعد الافتتاح الرسمي الذي أعلنه فضيلة الدكتور الأستاذ والمدرب إدريس اوهلال والعضو المؤسس في الأكاديمية العربية العالمية ومدير مركز مهارات جودة التعليم والتدريب أخذت الكلمة ضيفة الملتقى الدكتورة والمستشارة سعيدة توفيق تناولت فيها بالحديث والتحليل حديثا مفصلا وجريئا حول وضعية التدريب في الوطن العربي في طار الأخلاقيات والالتزامات وبمنطلقات لا نجاح لها إلا في إطار التزاوج بين العلم والفن والتصالح بين شقي دماغ الإنسان الأيمن والأيسر .
كما ركزت الدكتورة على مسالة الهوية ومراعاة الخصوصيات سواء بالنسبة للمجتمع المغربي أو بالنسبة للعالم العربي حيث غول العولمة لا ينفك يتربص بكل المجتمعات لدمجها في طار تنميطي لا هم له سوى الاستهلاك والربح وبالتالي محق الهويات الثقافية للشعوب. ومسؤولية الإنسان في هذا العصر حسب خبراء التنمية الذاتية تتجلى في تحويل العالم إلى مكان أفضل كما يدعو الدين الإسلامي وذلك بتركيزه على مبدأ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
وبعد كلمة الدكتورة سعيدة توفيق تفضل الأستاذ عبد الهادي جاسمي منسق الأكاديمية في المغرب بتقديم عرض تعريفي بالأكاديمية العربية العالمية ومشروعها في تنظيم التدريب ورعاية المدربين، تنظيما، وتحفيزا، واستنهاضا بمستوى التدريب، وردا للاعتبار للمرجعية العربية في التدريب من خلال خبراء عرب متخصصين، وإيلاء أهمية خاصة للبحث العلمي مع تخريج مدربين محترفين باحثين وتشجيعهم بعد جمعهم في مراكز التدريب المختلفة لتنصهر كلها وتنتظم في مؤسسة واحدة تسعى لتنظيم عالم التدريب الاحترافي العربي.
ومما يدعم هذا المسار الذي رسمته الأكاديمية العربية العالمية للتدريب والتنمية البشرية ما أضافه الدكتور اوهلال في نقاط هي عبارة عن خلاصات التوجه والرؤية الذكية والعميقة التي تعد بحق إضافات نوعية في الساحة العالمية فيما يتعلق بالتدريب. والتي لخصها فيما يلي
1-ماسسة التدريب بإخراجه من حالة الشخصنة التي طبعت تجربة الجيل الأول من المدربين العرب. إلى العمل المؤسساتي.
2-تنظيم الفوضى التي تنخر جسم التدريب وتمس مصداقية العلمية والعملية. وذلك بتأسيس مرجعيات ومعايير ومؤشرات قياسية عربية موحدة.
3-نشر فلسفة التخصص في ميدان التدريب بين المدربين ومراكز التدريب. وإحداث قطيعة في العقول والممارسات مع نموذج المدرب الذي يدرب في كل شيء. ومركز التدريب الذي يشتغل في جميع التخصصات.
4
–ربط التدريب بالبحث العلمي باعتباره قاعدة أكاديمية صلبة لتطوير وتامين احترافيته الحقيقية.
5-تقليص كلفة التدريب إلى أقصى حد ممكن وعلى جميع المستويات حتى ينتشر علم وفن تنمية الذات على أوسع نطاق ويعم مختلف فئات المجتمعات العربية
فالأصول الأكاديمية ضمانة ضد مغريات السوق حتى لا يتحول العلم إلى سلعة تسوق على شكل خدمات وخبرة واستشارات ودورات تكوينية دون وازع أخلاقي ولا قاعدة علمية؛
وبما أن لكل مهنة أخلاقيات تضبطها حتى لا ينفرط عقدها فتخرج عن جادة الصواب أو تنحرف لما لا يجمل ولا يليق بشرف العمل والمسؤولية والجدية فيه. كان لابد أن يتقدم الأستاذ عماد مسياح مسؤول قسم الخدمات الاستشارية بمركز مهارات بعرض تجربة مؤسسة التزام للمعايير الأخلاقية للمهن والأعمال حتى يكتمل الملتقى ويحقق مبدأ الشمولية وعدم إغفال أي لبنة من شانها أن تجعل الملتقى في أبهى صورة وأجمل حلة فيحقق أهدافه بالشكل التكاملي المطلوب.
وبعد العرض المتميز للأستاذ عماد فتحت لائحة المداخلات لتسلط مزيدا من الأضواء على أشغال وأعمال هذا الملتقى حتى يسجل التاريخ وتشهد الأجيال بان المبادئ التي تدعو إليها الأكاديمية العربية العالمية هي أول من يلتزم بها وذلك بفتح المجال لكل المدربين ويسرها استقبال اكبر كم من المداخلات والتقييمات والنقد البناء الذي يسهم في مزيد من الترشيد والتصويب ومن شانه أن يعمل على الريادية والكمال الذي تنشده الأكاديمية لتكون في مستوى العطاء والتوجيه وتنظيم الوطن العربي من حيث التدريب وتخريج القيادات الوازنة التي تستطيع أن تعمل على إرجاع مجد الأمة العربية والإسلامية المفقود.
2 Comments
يعتبر الملتقى الوطني للمدربين المغاربة عبارة عن مؤتمر لتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات والتجارب، ودعم المدربين بما يجعلهم يمارسون التدريب برسالية ومسؤولية تامة، تضفي مزيدا من المصداقية والاحترافية في أعمالهم العظيمة وهم يقومون بتأهيل الطاقات البشرية التي تعد أهم عملة صعبة في بناء الأوطان والأمم.
ولهذا الملتقى إسهام نوعي في ترسيم مسار التدريب بالمغرب، والوصول به إلى مستوى الندية لتدريب المشرق العربي الذي كان له مجال السبق حيث انطلق منه الجيل الأول الذي وضع لبنات التدريب، ليلتحق به الجيل الثاني ليصنع الحدث، ويخلق المفاجآت، وعلى رأس هذه المفاجآت تأسيس الأكاديمية العربية العالمية للتدريب والتنمية البشرية.
لقد جعل هذا الملتقى الثالث من المدربين المغاربة حليفا استراتيجيا للأكاديمية العربية، وبذلك ربط بين المشرق والمغرب، وفتح المجال لتعزيز روابط الأخوة والتعاون وصلة الرحم..فكسر الحدود وقتل الانغلاق والجمود..وفتح الباب على مصراعيه نحو التواصل والانفتاح..وأحيي قيما عربية إسلامية لم تحققها السياسات وعجزت عنها أكبر الهيئات والمراكز والمؤسسات.
إن عقد ملتقى، الملتقى الوطني الثالث للمدربين، من هذا الحجم، وبهذا التنظيم، وبحجم هذا الحضور الكبير من المدربين الذين لبوا النداء، وجاءوه من كل فج عميق، ليس بالأمر الهين، وليس من اليسير الربط بين المدن، ولفت أنظار المدربين ليقدموا التضحيات، ويتحملوا وعثاء السفر، وقساوة فصل الشتاء، ليسجلوا حضورهم وفي الموعد المحدد كأنهم رجل واحد..ما كان هذا سيحدث لو لم يكن هؤلاء المدربون يعلمون أن هنا، على شاطئ عين الدياب، أمرا عظيما ومسألة ذات بال، وملتقى كبيرا سيحقق الكثير للتدريب في المغرب..وسيفتح آفاقا جديدة في وجه كل مدرب، محترف أو واعد ..وسيرسم الخطوط عريضة لما هو آت لوضع استراتيجيات وخطط وتنظيم البيت الداخلي، ليكون في مستوى تحدي البروز، وليحقق القفزة النوعية في مجال التدريب في بلدنا العربي، فتكون له الريادة والسبق في كل إبداع وتجديد يعمل على بلورة فكر جديد بخطى حثيثة، مع حسن مراعاة الظروف والواقع والتحولات العالمية السريعة في مجالات التربية والثقافة والإدارة والتنمية،
بين مدرب البشر ومدرب الحيتان 2/2
تدبير الأخطاء
بعد الحوار الذي مضى بين مدرب البشر ومدرب الحيتان حول المفارقة العجيبة الموجودة في طرق ووسائل التدريب في قاعات التدريب وفي السرك. توجه هذه المرة مدرب السيرك بسؤال مباشر للسيد كين فقال له: ماذا تفعل عندما يخطئ أحد متدربيك أو أحد أبنائك؟
فأجاب مدرب البشر بأنه لا يتحمل أي خطإ وعندما يكتشف الخطأ تنتابه موجة غضب شديدة ويحاول تصحيحه بأي شكل كان.
فعقب مدرب الحيتان مصححا لسوء فهم السؤال فقال: أنا لم أسألك عن شعورك تجاه الخطأ وإنما قلت لك ماذا تفعل عندما يخطئ أحد متدربيك أو أبنائك؟
فاستدرك بلانشار وقال: عفوا أنا قصدت بقولي أنني أعاقب المسؤول عنه كي لا يتكرر الخطأ.
فبدت بعض الدهشة على مدرب الحيتان وعقب قائلا: أنت تركز على التعامل مع شخصية المخطئ، ولم تركز على التعامل مع الخطإ نفسه.
ففاض كأس مدرب البشر وحار في الرد وصارح مدر ب الحيتان أن هات ما عندك فأنا لم أستطع الإجابة.
فابتسم مدرب الحيتان وقال بعدما طلب من كين أن يستعد لتدوين ما سيقول:
أولا: إذا أخطأ أحد المتدربين فأنا أركز على الخطإ نفسه وأقيس درجة فداحته. فإذا كان الخطأ بسيطا ويمكن قبوله فإن التركيز عليه سيضر أكثر مما يفيد. وفي هذه الحالة أفضل تجاهل الخطإ برمته وعدم التعليق عليه. فهذا الأسلوب يفيد كثيرا في تعزيز الثقة. فالثقة تتطلب قدرا من التسامح وقبول الأخطاء.
ثانيا: أقيس درجة تعمد صاحب الخطإ لارتكاب الخطإ. فإذا كانت درجة تعمده بسيطة فإني أتجاهله أيضا.
فقال المدرب كين أ‘تقد أن هذا بديهي. فأنا أيضا أفعل ذلك. فإذا كان الخطأ بسيطا أو غير متعمد فإني أسامح مرتكبه ولا أعاقبه.
اتسعت ابتسامة مدرب الحيتان وقال: حتى في هذه الإجابة أيضا أنت تركز على شخصية مرتكب الخطإ وعلى العقاب. فضلا عن أنني عندما سألتك عن ماذا تفعل إذا أخطأ موظفوك أو أبناؤك . لم تذكر أنك تقيس درجة فداحة الخطإ أو درجة تعمد مرتكب الخطإ لارتكابه. أليس كذلك؟
فقال كين: لقد افترضت أن تقصد الخطأ من النوع الفادح والمتعمد والذي لا يحتاج إلى قياس.
فقال مدرب السيرك: إذن أنت تفترض أن غالبية الأخطاء هي من النوع الفادح والمتعمد. حتى قبل أن تنظر في درجة فداحتها أو درجة تعمدها.
تمتم مدرب البشر كلاما خافتا كأنه يكلم نفسه ثم أجاب: أعترف بذلك. فأنا عندما أسمع عن حدوث خطإ تستحوذ علي كثير من المشاعر السلبية. فتأتي ردود أفعالي مغالية قليلا. وأشكرك على لفت نظري لذلك.
فقال مدرب السيرك: وهل تعلم لماذا تستحوذ عليك المشاعر السلبية وتأتي ردود أفعالك مغالية عندما تسمع عن وقوع خطإ؟
فأجاب كين: كما قلت لك أنا أحب… »
ولكن قاطعه مدرب الحيتان بقوله: » صحيح أنت تتعامل مع الأخطاء بانفعال. فأنت تحب وتكره قبل أن تفكر وتعقل. ولذا تأتي ردود أفعالك مغالية فتهز الثقة بينك وبين الموظفين والمتدربين »
إظهار الإيجابيات
وانطلق كين مدرب البشر يفكر فيما قاله مدرب الحيتان . وسرعان ما أحس بأحد ما يجذبه من يده. وإذا به مدرب الحيتان يقطع عليه تفكيره ويجذبه ليريه شيئا ما، وولج به غرفة صغيرة ليريه حوضا لسمك الزينة. وطلب منه أن يحصي عدد سمكات الزينة التي بها لون أحمر دون أي خطإ. ومد يده إلأى ستار وأزاحه عن حوض كبير لسمك الزينة وقال له: هيا ابدأ. فاقترب كين من الحوض وانطلق يحصي عدد السمكات المطلوب إحصاؤها. أي السمكات ذات اللون الأحمر. وبعد قليل استدار إليه وقال: لقد أحصيت خمس سمكات تحتوي على اللون الأحمر. ولكن مدرب الحيتان أخذ الستارة وألقاها من جديد فوق حوض الأسماك قبل أن يلتفت إليه ليقول: » حسنا هناك فعلا خمس أسماك بها لون أحمر. لكن ماذا عن السمكات التي لا تحتوي على لون أحمر. كم عددها؟ فالتفت كين إلى الحوض لكن وجده قد أسدل الستار عليه فلم يستطع أن يرى الأسماك. وقال مجيبا: » ولكنك أسدلت الستار، ولن أستطيع أن أحصي السمكات التي لا تحتوي على لون أحمر.
فقال مدرب السيرك: » الوقت والجهد الذي تبدله في التركيز على السلبيات تأخذه من الجهد المطلوب للتركيز على الإيجابيات. ليس لدي كمدرب وقت للتركيز على تصيد السلبيات، فقد علمتني التجربة التدريبية الفعلية أنني عندما أركز على شيء وأرصد الجوائز والمكافآت لمن ينفذه. فإن الكل يتسابقون للوصول إليه، فلا يعود لدينا أي وقت للأخطاء »
فقال كين مصرا: » العقاب شيء والانتقام شيء آخر »
فنظر مدرب الحيتان إلى صاحبه مدرب البشر وقال: « العقاب شيء والانتقام شيء آخر. طبق ما تريد من عقاب ولكن لا تلتمس في العقاب أي منفذ للانتقام من المخطئ. ليكن الهدف الأساسي من العقاب هو معالجة الخكأ وتدريب المخطئ على عدم تكراره. فإذا أحس من تعاقبه بأنك تفعل ذلك انطلاقا من رغبتك في الانتقام فإن نتيجة العقاب تنقلب إلى ضدها. »
حول ولا تبتر
بعد كل ما قاله مدرب السيرك عن إغفال السلبيات قال مدرب البشر بإصرار: » يعلم الله أني تعلمت منك اليوم الكثير. ولكني أجد صعوبة في تصديق مسألة إغفال السلبيات. فأنا أفهم معنى إبراز الإيجابيات. ولكني لا أستطيع إغفال مسألة السلبيات. فهل يمكنك مساعدتي في ذلك؟ »
فرد مدرب السيرك قائلا: » أنا لا أقول أن السلبيات غير موجودة وأن علينا أن نغض الطرف عنها. بل أقول علينا تحويل اهتمامنا من الانشغال باصطياد السلبيات إلى الانشغال بإحلال الإيجابيات محلها. فما أقصده هو التحويل redirection »
اقترب كين بلانشار من مدرب الحيتان وسأله: « ماذا تقصد بالتحويل؟ »
فأجاب مدرب السيرك: » تحويل الطاقة القادرة على إنتاج السلبيات إلى طاقة لإنتاج الإيجابيات »
وهنا ارتفع حاجب مدرب البشر رغما عنه استعداد لفهم شيء جديد عنه. فاستمر مدب السيرك شارحا: » عندما نتحدث عن الأخطاء المتعمدة والفادحة التي يرتكبها الحيوان أو حتى الإنسان. فنحن نتحدث عن طاقة تخرج من هذا الحيوان أو هذا الإنسان بقصد فعل الخطإ. السبيل الوحيد للتخلص من الخطإ هو إعادة توجيه هذه الطاقة نحو فعل شيء إيجابي. وذلك بأن نجذب انتباه الحيوان أو الإنسان على الدوام نحو المكافآت التي يتوقع الحصول عليها إذا ما أتى الفعل الإيجابي الذي نلوح له به. »
فرد كين: « وما الذي يضمن أن من كان على وشك ارتكاب خطأ متعمد سوف يفضل أن يفعل الشيء الصواب إذا ما منحته عنه مكافأة؟ »
فأجاب: « الهدف من تعمد الحيوان أو الإنسان ارتكاب خطأ هو واحد من اثنين: إما الاعتراض والاحتجاج على نظام العمل أو التمرد على سلطة المدير. والمكافأة تلغي الهدفين. مكافأة الأعمال الإيجابية تزيد مصداقية نظام العمل وتلغي أسباب التمرد. فتحل محلها أسباب الامتنان والاعتراف بالجميل. »
فقال مدرب البشر معقبا: » ولكن هذا أيضا لا يضمن أن يتحول كل من يريد التخريب إلى الإصلاح بمجرد التلويح له بالمكافأة. فهناك مخربون ومخطئون بطبيعتهم. وهؤلاء يجدون مكافآتهم في تعمد الخطإ والتخريب. »
فأجاب مدرب الحيتان قائلا: » أنا أتفق معك في وجود أناس وحيتان من هذا النوع. ولكن عليك أن تتفق معي على أن هؤلاء قلة. ولا يصح أن نأخذ الأغلبية بجريرة الأقلية. فهذا ضد طبيعة الأشياء والمنطق. جرب فقط أن تبقي المتدربين مشغولين بالحصول على المكافآت. حتى لا يتاح لهم الوقت أو الجهد لتعمد الأخطاء. وسترى النتيجة. »
أنواع المكافآت
كان لابد لمدرب البشر أن يسأل مدرب السيرك عن هذه المكافآت التي تحول الطاقات من السلبيات إلى الإيجابيات وعن ماهيتها.
ولذلك أجاب مدرب السيرك: » في البداية كنت أعتمد على مكافأة الحوت بالطعام، فأقذف له بالأسماك التي يحب التهامها، ثم لاحظت أن الحوت لم يكن يفعل الإيجابيات إلا عندما يكون جائعا. وعندما يكون متخما، فإنه قد يرتكب أخطاء متعمدة. لأنه لا يحتاج للطعام. فكان لابد من تغيير سياسة المكافآت. »
فبادر كين بسرعة قائلا: » وكيف ذلك؟ »
فأجاب: » قررت تنويع المكافآت. استخدمت أنواعا مختلفة من الأسماك ذات نكهات مختلفة. فالحوت يعلم أنه إدا تمكن من أداء حركة صعبة فإنه سيحصل على سمكة لذيذة الطعم. أما إدا أدى حركة بسيطة فإنه سيحصل على سمكة صغيرة وذات طعم عادي. كذلك استخدمت المكافآت المعنوية. فالحوت يحب من يربت على رأسه وعلى جسده. الحوت الذي يجتهد في العمل يعلم أنني سأربت على رأسه كثيرا. أما الحوت الذي لا يجتهد فكثيرا ما يشعر بالألم عندما يتجه نحوي وأتجاهله دون أن أربت على ٍاسه. فيبتعد عني وهو حزين. ولكنه يحاول لفت أنظار ببدل مزيد من الجهد في المرات القادمة كي أربت على رأسه مثل زميله المجتهد. »
لم يتمالك مدرب البشر نفسه حتى قال: » رائع جدا.أريد أن أسألك عن… »ولكن مدرب الحيتان قاطعه قائلا: » اعذرني. يجب أن أنزل إلى الماء مع الحيتان، لأمنحها المكافآت التي تتوقعها عن أدائها المتميز اليوم. وأنا واثق أنك ستغفر لي ذلك. »
فرد مدرب البشر: » طبعا..طبعا أنا الذي ألتمس منك العذر إذا كنت قد عطلتك عن أداء عملك. »
فأجاب مدرب الحيتان بكل أدب: » العفو » وقفز إلى الماء وتجمعت حوله الحيتان وظل ينتقي منها من يربت على رأسه. بل وكان يقبل بعضها ويحضنها في حب بالغ.
فسأل مدرب البشر نفسه : » يا ترى هل يمكنني أن أعامل من يعملون عندي بهذه الطريقة؟ وهل سأحصل منهم على ما يشبه النتيجة الباهرة التي يحصل عليها هذا المدرب المتميز؟ »
تحليل طبيعة الملتقى ورهانات الأكاديمية
يعتبر الملتقى الوطني للمدربين المغاربة عبارة عن مؤتمر لتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات والتجارب، ودعم المدربين بما يجعلهم يمارسون التدريب برسالية ومسؤولية تامة، تضفي مزيدا من المصداقية والاحترافية في أعمالهم العظيمة وهم يقومون بتأهيل الطاقات البشرية التي تعد أهم عملة صعبة في بناء الأوطان والأمم.
ولهذا الملتقى إسهام نوعي في ترسيم مسار التدريب بالمغرب، والوصول به إلى مستوى الندية لتدريب المشرق العربي الذي كان له مجال السبق حيث انطلق منه الجيل الأول الذي وضع لبنات التدريب، ليلتحق به الجيل الثاني ليصنع الحدث، ويخلق المفاجآت، وعلى رأس هذه المفاجآت تأسيس الأكاديمية العربية العالمية للتدريب والتنمية البشرية.
لقد جعل هذا الملتقى الثالث من المدربين المغاربة حليفا استراتيجيا للأكاديمية العربية، وبذلك ربط بين المشرق والمغرب، وفتح المجال لتعزيز روابط الأخوة والتعاون وصلة الرحم..فكسر الحدود وقتل الانغلاق والجمود..وفتح الباب على مصراعيه نحو التواصل والانفتاح..وأحيي قيما عربية إسلامية لم تحققها السياسات وعجزت عنها أكبر الهيئات والمراكز والمؤسسات.
إن عقد ملتقى، الملتقى الوطني الثالث للمدربين، من هذا الحجم، وبهذا التنظيم، وبحجم هذا الحضور الكبير من المدربين الذين لبوا النداء، وجاءوه من كل فج عميق، ليس بالأمر الهين، وليس من اليسير الربط بين المدن، ولفت أنظار المدربين ليقدموا التضحيات، ويتحملوا وعثاء السفر، وقساوة فصل الشتاء، ليسجلوا حضورهم وفي الموعد المحدد كأنهم رجل واحد..ما كان هذا سيحدث لو لم يكن هؤلاء المدربون يعلمون أن هنا، على شاطئ عين الدياب، أمرا عظيما ومسألة ذات بال، وملتقى كبيرا سيحقق الكثير للتدريب في المغرب..وسيفتح آفاقا جديدة في وجه كل مدرب، محترف أو واعد ..وسيرسم الخطوط عريضة لما هو آت لوضع استراتيجيات وخطط وتنظيم البيت الداخلي، ليكون في مستوى تحدي البروز، وليحقق القفزة النوعية في مجال التدريب في بلدنا العربي، فتكون له الريادة والسبق في كل إبداع وتجديد يعمل على بلورة فكر جديد بخطى حثيثة، مع حسن مراعاة الظروف والواقع والتحولات العالمية السريعة في مجالات التربية والثقافة والإدارة والتنمية،