الانترنيت : من حاجز الملل ومآزق الحياة الى الحياة نفسها
في الماضي البعيد كانت الحياة تتغير بمتوالية بطيئة، التطور لم يكن سمة بارزة في حياة الإنسان الأول، ربما استغرق تطور الإنسان من جمع الثمار إلى الرعي ألاف السنين، ومن الرعي الى الزراعة ألاف أخرى، وعندما عرف الإنسان الكتابة كان ينقش على الحجر، واستغرق اكتشاف الأحبار والورق العديد من القرون، ثم دخل اختراع الطباعة الى حيز الوجود ليشكل نقلة نوعية في حياة الإنسان، وعند هذا الحد كان التطور قد بدأ يدخل منحنيات أكثر سرعة، فظهرت وسائل الإعلام المختلفة، راديو وسينما وتلفاز، ثم قرر التطور أن يعطي شكلا أخر من التكنولوجيا يدمج فيها المعلومات الرقمية المقروءة مع المرئية والمسموعة، وبهذا ظهر أعظم شكل للتقنية الحديثة » شبكة الانترنت ».
منذ العام 1994 وقد أصبح الانترنت شائعا متوفرا للجميع، صحيح إنه مفيد للبعض، وغير مفيد أو مضر للبعض الآخر، ولكن أهميته لا تقارن بأي أضرار قد يسببها للمجتمع، فالانترنت بالنسبة للبعض هو مجرد أداة للتسلية، يمكن من خلاله عمل الشات أو الدردشة مع الأصدقاء، وبالنسبة للبعض الآخر هو وسيلة جيدة ورخيصة للتواصل مع الأحباب في البلاد البعيدة، البعض يعتمد عمله بشكل كلي على الانترنت، والبعض لا يمكنه الحياة بدون الانترنت!.
شبكة الانترنت هي في الواقع سوق ضخم بحجم لا يمكن تخيله، وسبب انتشاره السريع هو إنه لا يخضع لأي سيطرة مركزية، وعلى هذا فكل بلدان ومنظمات العالم تقريبا انضمت الى هذا العرس الجامع، فلا يمكن أن تجد شركة أو حزب دون أن يكون له « ويب سايت »، كل الجرائد لها موقع الكتروني لأنها تعرف أن التطور الحتمي يصب في مصلحة الانترنت، معظم دور النشر بدأت تمد نشاطها نحو النشر الالكتروني، لأنه بعد عدد محدود من السنوات ستختفي الكلمة المطبوعة وتحل محلها الكلمة الرقمية، والجميع – تقريبا- يتأثر بما تقدمه الشبكة العنكبوتية من خدمات، بل انقلبت الشبكة – نتيجة للتطور- من مجرد متلقي ومقدم للمعلومات، إلى صانع أساسي ورئيسي للخبر، فما من بيت دخله الانترنت إلا ويشكو مثلا من مشكلة المواقع الاباحية وعدم استطاعته السيطرة عليها، في بلدان أخرى، استلقى بعض الشباب معلومات حول كيفية صنع القنابل وقرر أن يجرب، نتيجة الانترنت ظهرت مهن جديدة تماما مثل مصممين المواقع، وتطورت مهن ونشاطات أخرى مثل مندوبي المبيعات أو التعليم عن بعد ، وظهرت أيضا نشاطات إجرامية مثل الهاكر وسارقي بطاقات الدفع
الالكترونية
في الواقع الحالة السياسية والاجتماعية هي ما جعلت هذا المجال يتطور، فقد وجد البعض في الشبكة حلا لكسر القيود التي ظلت مسيطرة على حرية التعبير لفترات طويلة، فيمكنك من خلال الانترنت أن تظهر كل ما كنت تخفيه داخلك خوفا أو لعدم معرفة كيفية التعبير، فيمكنك أن تقول رأيك الخاص وتبيح بأي شيء في أي لحظة في غرف الشات، أو على مدونتك الشخصية، أو حتى من خلال المجلات الالكترونية، فقد كان الانترنت أولا وسيلة لكسر حاجز الملل، ثم هروبا من مآزق الحياة، ثم وسيلة للحياة نفسها..
1 Comment
متفق معك الأخ الأنترنيتي على الصورة التي منحتها للإنترنيت و مزيدا من المقالات الرقمية.وفق الله