أصبح الطعن في الإسلام وفي رموزه تجارة رابحة لدى قسم من الصحافة الأوروبية في الآونة الأخيرة، التي باتت تستسهل التهجم على الإسلام وتنعته بكل ما توفره قواميس اللغة من تعابير لا تستحق سوى أن تطلق على المزابل. وما فعلته مجلة «خميس» في عددها الأخير يشكل احتقارا حقيقيا لصورة النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، ويمس مشاعر نحو مليار مسلم، لما تضمنه المقال وما جاء في الصورة الكاريكاتورية التي رسمها خيال شخص مريض في حاجة إلى علاج.
ما نشرته المجلة تزامن مع أعياد الميلاد بالسنة الميلادية الجديدة، احتفالا بميلاد السيد المسيح كما يقول المسيحيون، لذلك فإن ما قامت به يشكل إساءة خطيرة للإسلام تستدعي التأمل، لأنه يشكل رسالة في السنة الجديدة إلى المسلمين بأن هناك بعض جيوب التطرف والتعصب الأعمى ما تزال تعشش في أوساط المسيحيين، وتسعى إلى رفع جدار عدم التفاهم بين المسلمين والمسيحيين وصب الزيت على النار في ما يسمى بحروب الأديان والحضارات، ومحاولة لإرجاع مناخ الحروب الصليية.

لقد جاءت خطوة المجلة الإسبانية إثر فضيحة الكاريكاتور الدانماركي الذي أثار زوبعة في جميع أقطار العالم الإسلامي وهز الدنيا ولم يقعدها. لكن يبدو أن الرسالة لم تصل رغم ذلك، لأن هناك إصرارا على إهانة الإسلام لدى شريحة من المتعصبين في الغرب تشكل خطرا على الغرب نفسه بالدرجة الأولى. لكن ما حصل يثير التساؤل أيضا حول دور المسلمين هم أيضا، والجمعيات والمنظمات الإسلامية في الغرب، ووزارات الأوقاف، وما تقوم به هذه الجهات كلها من أجل توضيح صورة الإسلام في الغرب، فالمشكلة ليست أنهم ينظرون إلى الإسلام نظرة خاطئة، بل المشكلة هي أننا لا ننقل إليهم النظرة الصحيحة، وأول نظرة صحيحة هي أن يفهم الآخر بأن النبي الكريم ليس رمزا للديانة الإسلامية كما يفهمونها، بل هو نبي ورسول، وأن التعرض بالإساءة إلى النبي خطر أحمر.

برشلونة:عبدالرزاق زنوتي