القضية الفلسكينية : ما المطلوب تغيره التكتيك ام النهج؟
التصريحات الفلسطينية الاخيرة حول القيام بخطوات
فلسطينية من خلال التوجة الى مجلس الامن للوقوف امام مسؤوليته لدعم الموقف
الفلسطيني الرامي الى اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران الى جانب
دولة الكيان الصهيوني، بعد رفض الكيان تجميد البناء بالاستيطان الذي شكل عقبة
اساسية امام استئناف المفاوضات بين الطرفين، تاتي لتعبر بالاساس الى حجم المأزق
الفلسطيني الذي وصلت اليه القيادة المراهنة على الحلول التي تنتقص من الحقوق
الفلسطينية، فهي تريد التوجه الى مفاوضة المجموعة الدولية بدلا من الكيان
الصهيوني، ومفاوضة الامم المتحدة التي هي شرعت وجود هذا الكيان الصهيوني، وامام
الدعم الغربي وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وانكلترا الذين كانوا
عناصر اساسية باقامة الكيان الصهيوني وتثبيته ومده بكل مقومات الحياة والبقاء والاستمرار،
كقاعدة متقدمة تحافظ وتدافع على المصالح الغربية بالمنطقة، ما زالت القيادة
الفلسطينية تراهن على تغيير بمواقف هذه الدول اتجاه الصراع العربي الصهيوني.
الرد الامريكي والاوروبي جاء سريعا بعدم الموافقة على
الطلب والتحرك الفلسطيني، وان الشرعية الدولية ليست هي الحل، وان المفاوضات
الفلسطينية الصهيونية والوصول الى اتفاق من خلالها هي البداية، والامم المتحدة
ومجلس الامن هي التي تشرع الاتفاق الذي يتوصل اليه الطرفان، اعتقد ان هذا الرد
الغربي جاء ليشكل صفعة قوية الى الجانب الفلسطيني ومواقفه، والذي تمنعه من التحرك
بدون اي اتفاق مع الجانب الصهيوني والموافقة على شروط الكيان ومطالبه لاي مستقبل
فلسطيني.
فالاطراف الاساسية التي يتشكل منها مجلس الامن هي نفسها
الاطراف الاساسية بالرباعية التي طرحت خارطة الطريق، وهذه الاطراف هي نفسها التي
امتنعت ان تمارس ضغطا على الكيان الصهيوني، وهي نفسها التي استلمت تحفظات الكيان
الصهيوني على خارطتها التي قدمها شارون باربعة عشرة تحفظا، فكيف يمكن للامم
المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والادارة الامريكية ان تمارس ضغطا على هذا الكيان
ليعترف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران اذا هي لم تمارسه سابقا؟ فحل
الدولتين كان مشروطا من خلال الاتفاق مع هذا الكيان، فهل الجانب الفلسطيني بامكانه
ان يجتاز هذه العقبة التي تعترض اقامة دولة فلسطينية على الحدود التي يطالب بها؟
بالواقع اللاعبيين لم يتغيروا ولكن الذي تغير هو الملعب.
الحالة الرديئة للوضع الفلسطيني والعربي، والتراجع الذي
وصلت اليه القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي تشكل عقبات اساسية امام نجاح
الجانب الفلسطيني بتحقيق انجازات، فوضع القضية الفلسطينية على الصعيد الداخلي وما
تواجهه من انقسام وانشقاق، وانفصال غزة عن الضفة وبظل وجود سلطتين مختلفتين على
منطقتين جغرافتين منفصلتين، وصعوبة تحقيق الوحدة الوطنية حتى استحالتها،
وتصفية لأجنحة المقاومة، وعدم حصول القيادة الفلسطينية على اجماع فلسطيني على
مواقفها ضمن المؤسسات الفلسطينية، بظل استمرار الانتهاكات الصهيونية اليومية من
اعتقال وجرح وقتل ومصاردة اراضي وانتهاكات يومية بالقدس ومصادرة المياه والهواء
وتدمير للبنى التحتية للشعب الفلسطيني والاستمرار ببناء الجدار وخلع الاشجار وهدم
البيوت،، اضافة الى الوضع العربي المتردي والخلافات العربية العربية، وتهديد
الاستقرار الداخلي للعديد من الدول العربية من خلال القلاقل التي تعيشها وتمر بها،
كما يحصل بالعراق واليمن والسودان والجزائر وغيرها من الدول الاخرى، لهذه الاسباب
وغيرها يبقى الطرف الفلسطيني باطروحاته ومواقفه مجردة وغير قابلة للتحقيق والتقدم
بها الى الامام، فها هو الموقف الامريكي والاوروبي واضحا كل الوضوح برده، فما البديل
عند القيادة الفلسطينية امام هذا التعنت؟
القيادة الفلسطينية على مدار عقدين من الزمن عندما اخذت
قرارها بالاستعداد والانخراط بالعملية التفاوضية مع الكيان الصهيوني كخيار
استراتيجي بديلا للمقاومة والعمل العسكري، فهي جردت القضية الفلسطينية من كل عناصر
قوتها، فاستخفت بالنضال والمقاومة وهمشت النضالات الجماهيرية، فها هي اليوم غير
قادرة لدعوة الجماهير الفلسطينية الى الانتفاض بوجه الكيان الصهيوني لتتصدى لهجمته
الشرسة اليومية التي يمارسها ضد القدس واهلها، وهذه القيادة ايضا غير قادرة لدعوة
الجماهير للتصدي لاستمرار الكيان ببناء الجدار، وان التصاريح التي تصدر من هنا او
هناك من قيادات وبالاساس المحسوبة على فتح بالتهديد بخيارات اخرى لمواجهة التعنت
الصهيوني، ما هي الا تصاريح للاستهلاك المحلي.
فاليوم القيادة الفلسطينية التي تحاول اعادة الاعتبار
لدورها القيادي، هي التي قزمت القضية الفلسطينية من قضية 11 مليون فلسطيني الى
مليونا فلسطينيا بالضفة الغربية حيثما تبسط سلطتها، وهي التي قزمت الوطن
الفلسطيني الى قطعة ارض لا يتجاوز مساحتها ال 2500 كم، التي بقيت من الضفة بعد
مصادرة الاراضي وبناء المستوطنات، وقزمت العاصمة الفلسطينية بالقدس الشريف،
فاليوم القيادة الفلسطينية تريد فلسطين على حدود الرابع من حزيران، وتريد القدس
الشرقية وتنتظر من امريكا وبريطانيا وفرنسا ان تعيدها لهم تحت الضغط الدولي،
وتتناسى ان هناك اكثر من سبعة ملايين فلسطيني لا يعلم ماذا سيكون مصيرهم الا الله
والقيادة الفلسطينية، وهم لا يعرفون ان الكيان الصهيوني اقام وعزز علاقات دولية
وفتحت له عشرات الابواب والقنوات الدبلوماسية مع العديد من الدول النامية التي
كانت مغلقه امامه التي يعود بها الفضل الى اتفاق اوسلو، حيث العديد من هذه الدول
عقدت اتفاقيات اقتصادية وتكنولوجيا واتفاقيات تعاون بينها وبين الكيان الصهيوني
كحال البرازيل، التي تعززت العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال حكومة اليسار
البرازيلي.
التأييد الدولي لم ياتي لفلسطين وشعبها لتصبح قضية تحرر
وطني لولا التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا الفلسطيني، هذا التضحيات هي التي حولت
قضيتنا من قضية لاجئين ومخيمات الى قضية سياسية ووطنية من اجل العودة الى فلسطين،
فها هي القيادة الفلسطينية تعود لتتخلى عن حق اللاجئين بالعودة الى بيوتهم
ومدنهم وقراهم التي تركوها بقوة السلاح عام 1948، فاي سلام واي حل تسعى اليه
القيادة الفلسطينية، فهل هي غيرت تكتيكها بالتعامل مع الاحتلال والكيان الصهيوني؟
وماذا حول رؤيتها الاستراتيجية واللاجئين؟ فهل يافا والناصرة وحيفا وبئر السبع
مدنا عربية وفلسطينية ام هي مدنا « اسرائيلية »؟ فهل بامكان القيادة
والرئيس ابو مازن ان يجيب على هذا السؤال؟ هل ابناء المخيمات بعين الحلوة
واليرموك والوحدات فلسطينين؟ وما هو مصيرهم عودة ام توطين؟ واين؟
القضية الفلسطينية لم تتقزم، فهي ما زالت بقلب كل
فلسطيني وما زال شعبنا يؤكد على التضحية والفداء، المأزق ليس عند الشعب لان الشعب
اثبت تمسكه بفلسطين كاملة وحقوقه الشرعية والتاريخية، فالقضية والازمة هي عند هذه
القيادة التي قزمت النضال وساومت على الحقوق والثوابت، الازمة هي بالنهج الذي اثبت
فشله، هذا النهج الذي اتى بالويلات والمصائب على شعبنا وقضيتنا ومصيرنا
ومستقبلنا، فقضيتنا الفلسطينية لن تسير بالوقت الحالي الى الامام باتجاه النصر
والانجازات، وانما تسير بطريق الاخفاقات والتراجعات بظل استمرار هذه القيادة، فهذا
النهج ومن يتمسك واجب تغييره واستبداله، وان تكون القيادة تلك القيادة التي ترفع
راية الجماهير الفلسطينية، راية اللاجئين بمخيماتهم لتمكنوا من العودة الى قراها
ومدنها، فامريكا وادارتها ليست غبية الى تلك الدرجة لتعطي قيادة قزمت قضية شعب
فلسطين الى هذا الحجم، تعطيها دولة على حدود الرابع من حزيران، فما اخذ بالقوة لا
يسترد الا بالقوة.
Aucun commentaire