أطفالنا والعيد في ظل السلام
إقترب العيد وبدأت العائلات تستعد للاحتفال بقدومه، ينتظر الأطفال في كل العالم الأعياد لما تحمله لهم من سعادة وفرحة من نزهات أو هدايا أو لعب مع الأقران، ولكن في مكان ما من هذا العالم هناك من لاينتظرون الكثير من العيد كبقية الأطفال، لأن العيد عندهم ينقصه شيء من الأشياء، رغم ندرتها ليست الألعاب وليست الأهل وليست الأدوية وليست الطعام وليس الهواء وليست.. وليست.. وليست.. فهؤلاء الأطفال على إختلاف أماكنهم وظروفهم ينقصهم شيء واحد آلا وهو الأمل.
فالطفل الذي يحيا في غزة ينقصه الأمل في كسر الحصار، فبالرغم مما شهده العالم من القتل والتجزير فيهم، لم تهتز لهم جفن عربي أو أعجمي، سوى بضع كلمات وأغاني داعبت عواطفهم، ولم تحرك شيئا لأنه لارغبة لأحد بتغيير ما هو حاصل.
أما الأطفال في الضفة، أسرى بلا سجون، محتارون في أمرهم وأمر مقتلهم، فهل نار العدو المحتل أم نار الحكومة ستسبقها لهم أو لأحد أهليهم، ينتظرون الحرب الأهلية برعب، وهم الذين لم تخفهم جحافل المحتل، ولكن أرعبتهم طلقات السلطة التي منعتهم من الخروج للدفاع عن أهلهم في غزة.
أما طفل القدس الحاضر الغائب، الجميع يتحدث عنه وعن مدينته لأنها مقدسة تارة ، وتارة لأنها عاصمة، وتارة لأنها تهدم، ولكن لايشعر إنسان بهذا المقدسي الصغير وما يحدث له، ولا أقصد فقط العنصرية والإذلال والإعتقال.. بل كيف يشعر ومدينته تهدم امام اعينيه (فهل سيسير في هذا الطريق مرة اخرى – هل سيبقى من عبق الغار شيء هنا أو هناك- وهل سيبقى………..).
منذ عدة سنوات دخل أقصانا مجرم يدعى شارون، فثارت الدنيا وإهتز العالم، ومنذ أيام دخله وزير داخلية الإحتلال ولكن لم تهز الريح غصن، ولم يجرؤ المسؤولين في الأمة العربية أو الإسلامية من الشجب الذي لم يكن يوما يرقى الى الحد الأدنى من تطلعاتنا.
أما أطفال 48، الذين صبروا في أرضهم وعانوا من التهميش طوال حياتهم تارة من عدو وتارة من صديق، وبعد أكثر من 60 عاما وهم يحافظون على عروبتهم، جاءت عروبتهم بمبادرة سلام لتقول لهم:
أرضكم لا نريدها، سنهديها لهم، فما أنتم فاعلون، لن نترك لكم هوية ولا قومية ولادين، فأنتم عن كل الأمم معزولين، ولكم في هذا الكون رب العالمين.
وأخوتكم المهجرين، لن نترك دنيا لهم ولادين، هم أسرى اللجوء كالمساجين، غير مسموح لهم بالمقاومة ولا المطالبة، والكل يتكلم عن قضيتهم وعليهم قول:
(آآآآمييين) لكل زعيم عشيرة جبار لئيم، فخير الحلول لديهم عودة إلى أرضهم صاغرين، ويكونوا من الإسرائيليين إذا رضوا عنهم – ياسادة القوم لما قاوموا إذا وإستشهد أهلوهم وشردوا بأصقاع البلاد عشرات السنين .
والحل الآخر لديهم ان يتوطنوا ويصبحوا كباقي رعيتنا الخانعين، كيف ياعليّة القوم يصبحوا من المواطنين بعد عشرات السنين في الغربة بين الأهل مجلودين بذنب غربتهم.
فهم أمام الخيارين كأرجوحة طفلةٍ تهتز بين النار والماء، ويصرخون بها: إنزلي.
فإن سقطت في الماء غرقت، وإن سقطت في النار إحترقت، وللحق أنهم تركوا الخيار لها لتتحمل مسؤولية قرارها.
وأوجز مافعله السلام بمستقبل أطفالنا، بأن وضعهم في دائرة وأشعل النار من حولهم ، فسيأتي العيد علينا وعليهم وسترى الإبتسامة على وجوههم، لكنك لن تراها وهي تموت في قلوبهم ، وستسمع أغنياتهم، ولكنك لا تسمع ما تتحشرج به حنجراتهم.
فسلامكم عندي كمن يسجن ولديّ، ثم يخيرني سأفرج لك عن الأصغر وأذبح الأكبر ثم ، يقول لي السجان: ولكي أحمي نفسي سأقطع يديه، ولكي لايرفض سأقتلع لسانه، ولكي لايرمقني سأفقءعينيه، ولكي.. ولكي.. ولكي.. وهذا سلام بيننا فهنيئا لك في ما أعطيت.
لاياسادتي لا أود سلامكم ولا إستسلامكم ولتدور الرحى بالأقدار، وتذكروا ياسر ابو عمار لم يقتله هول الحرب في لبنان ولا الدمار ، انما قتله السلم بعد ان سماه بالختيار.
Aucun commentaire