Home»International»العبيد

العبيد

0
Shares
PinterestGoogle+

09-8-2009
د. فواز القاسم / سورية
العبيد هم الذين (يحجُّون) إلى (البيت الأبيض) بمناسبة أو من دون مناسبة، كما يحجُّ المسلمون إلى الكعبة.! ويزدحمون على أبواب (السادة) الأمريكان والصهاينة، كما يزدحم الحجيج عند رمي الجمرات..!!! وهم يرون بأعينهم كيف يركل الأمريكيُّ المتغطرس عبيده الأذلاّء في الداخل بكعب حذائه، وكيف يطردهم من خدمته من دون سابق إنذار أو إخطار! إن موكب الحرية يسير، وعبثاً يحاول الجلادون تعطيل مسيرته، أو إعاقته بإطلاق شراذم العبيد عليه، ولن تفلح سياط الجلادين في النيل من كبرياء الأحرار وعزّتهم وشموخهم حتى ولو مزًّقت جلودهم…!!!
ليس العبيد هم أصحاب البشرة السوداء، الذين تقهرهم الأوضاع الاجتماعية، والظروف الاقتصادية، على أن يكونوا رقيقاً، يتصرّف فيهم (السادة) كما يتصرفون في السلع والحيوانات.. لا ..

فهذا النوع من العبودية كان قد حرّمه الإسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، واقتلعه النظام الإسلامي من الوجود، كما حرّمته بعد ذلك كل الشرائع والدساتير والقوانين، بما فيها قوانين الأمم المتحدة المعمول بها حالياً.

إنما العبيد، هم الأغنياء مادياً، البارزين اجتماعياً، الذين عفتهم أوضاعهم الاجتماعية المرموقة، وظروفهم الاقتصادية الجيدة من الرّق، وقد يكون فيهم رؤساء دول وأحزاب وملوك وأمراء، ولكنهم يمشون إلى الرّق مسرعين، ويتهافتون عليه طائعين ..!

ا

لعبيد، هم الذين يملكون القصور الشاهقة، والمكاتب الفاخرة، والسيارات الفارهة، وشقق (الديلوكس) المفروشة بأحدث طراز، ولديهم من الدولارات ما يملؤون بها المصارف والبنوك الأجنبية، ولكنهم مع ذلك يتزاحمون على أبواب (السادة)، ويتهافتون على مجالسهم، ويرتمون على أعتابهم، ويضعون ـ بأيديهم ـ الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، ويلبسون (شارات) العبودية في مباهات واختيال، ويرصِّعون ملابسهم بقصب الرّق كما تُرَصّع أثواب الراقصات ..!

العبيد هم الذين (يحجُّون) إلى (البيت الأبيض) بمناسبة أو من دون مناسبة، كما يحجُّ المسلمون إلى الكعبة.! ويزدحمون على أبواب (السادة) الأمريكان والصهاينة، كما يزدحم الحجيج عند رمي الجمرات..!!!

وهم يرون بأعينهم كيف يركل الأمريكيُّ المتغطرس عبيده الأذلاّء في الداخل بكعب حذائه، وكيف يطردهم من خدمته من دون سابق إنذار أو إخطار.!

ومع ذلك، فهم يطأطئون هاماتهم ذلاًّ له، فيصفع أقفيتهم بحذائه، ويأمر بإلقائهم خارج الأعتاب، ولكنهم ـ بعد هذا كله ـ يظلون يتزاحمون على الأبواب، ويرتمون فوق الأعتاب، وكلما أمعن ( السيد ) في إذلالهم واحتقارهم، كلما زادوا تهافتاً كالذباب!!!

ينشدون (الأمن) عند قتلة الأنبياء، وأكلة لحوم البشر، ومصّاصي دماء الشعوب!!

ويستجدون (السلام) من محترفي الإرهاب، وصنّاع الموت، ومسوّقي الجريمة في العالم!!

العبيد، هم الذين ألفوا (النير) لا في أعناقهم، ولكن في أرواحهم..

وتعودوا على لسع السياط، لا أقول السياط التي تلهب الظهور، ولكن السياط التي تذلُّ النفوس وتكبّل الأرواح.

العبيد، هم الذين لا ينقادون لـ(النَّخَّاس) من حلقات في آذانهم، ولكنهم يُقادون بلا نخَّاس، لأن الذل مزروع في دمائهم، والعبودية كامنة في أرواحهم، والأنكى من ذلك، أنهم يفاخرون بذلك ويتباهون به، ويسمونه (عقلانية) مرَّة، و(واقعية) مرات أخرى!!!

هؤلاء العبيد الأقزام، الذين هذه حالهم مع (الأسياد) الغرباء، تراهم فجأة ينقلبون إلى أفاعي وثعابين، تلسع الشرفاء الأحرار، وتغرز أنيابها في أجسادهم، وتقذف بسمومها في دمائهم، وتنهش من لحومهم وأشلائهم..

يتطوعون للتنكيل بالأحرار، ويتلذذون بتعذيبهم وإيذائهم، وينفقون أموال السحت الحرام لإحكام الحصار الظالم عليهم، ويتمايلون طرباً لمناظر الخراب في ديارهم، ويصفقون لسقوط أطفالهم ونسائهم وشيوخهم تحت القصف المعادي، كما تصفق جماهير مصارعة الثيران، عندما يخرُّ الثور صريعاً على أيادي جلاّديه!!!

إنهم، وبسبب انطفاء مشاعل النور في أرواحهم، واستمراء أساليب الذل في حياتهم، لا يدركون بواعث الأحرار للتحرر، فيحسبون التحرر تمرداً، والاستعلاء شذوذاً، والجهاد في سبيل الله، وإراقة الدماء من أجل المبادئ، تهوّراً وجنوناً!!!

ومن ثمّ، فهم يصبون جام غضبهم على الشرفاء الأحرار، الذين يرفضون التعرّي المفضوح مثلهم، ويأبون المسير في قافلة الرقيق معهم.

ولذلك تراهم يتسابقون إلى إيذائهم، ويتجرؤون عليهم، ويتفننون في ابتكار أساليب تجويعهم، ويستميتون لإطالة أمد الحصار الظالم عليهم، إرضاءً لسادتهم، وإشباعاً لغريزة الحقد المدفونة في قلوبهم، وتمشياً مع عقدة النقص والقزامة لديهم …!

ولكن (السادة) مع ذلك يكرهونهم، ويملونهم، ويحتقرونهم، ويركلونهم بأقدامهم، ويستبدلون بهم غيرهم، لأن مزاج الطغاة سريع التبدل، فقد يدركهم السأم أحياناً من تكرار نفس اللعبة القذرة، فيعمدون إلى تغيير اللاعبين واستبدالهم ببعض الواقفين على الأبواب.

أخيراً نقول بكل ثقة واعتزاز:

إن المستقبل للشرفاء الأحرار..

المستقبل القريب والبعيد، للأحرار، لا للعبيد ولا لأسيادهم، الذين يتمرّغ أولئك العبيد عند أقدامهم… المستقبل للأحرار الأطهار أهل الإيمان والمبادئ ..

هذا هو وعد الله، وهذا هو قدره، وقدر الله غالب، والله لا يخلف الميعاد.

((ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون)) الصافات (171).

والمستقبل للأحرار، لأن كفاح الإنسانية في سبيل الحرية، وسقوط ملايين الشهداء، ونزف أنهار من الدماء، لن يضيع كله هدراً..

ولأن حظائر الرّقيق التي هدمها العرب، وسلاسل العبودية التي حطمها المسلمون قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، لن يُعاد بناؤها من جديد..

وهاهي الشعوب الحرّة في العالم، تنضم إلى قافلة الأحرار، التي تقودها طلائع الجهاد العربي الإسلامي في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها من البلاد العربية والإسلامية ..

وهاهم الشرفاء في البشرية، يلتحقون بموكب النور والحرية، الذي صنعه الأحرار المجاهدون بدمائهم الزكية وتضحياتهم المباركة ..

وهاهم الملايين من عشاق الحرية والنور، الذين رأوا النموذج المقاوم الباهر، وأعجبوا به …

هاهم يحتقرون الطغاة والجلادين، وينفرون من قوافل الرقيق التي يسوقونها، ويلتحقون بموكب الحرية والأحرار… ولو شاء العبيد لانضموا إلى الموكب أيضاً، لأن قبضة الجلادين، لم تعد من القوة بحيث تمسك بالزمام، ولأن خطام العبودية، لم يعد من القوة كذلك، بحيث يقود قافلة العبيد، لولا أن العبيد هم الذين يمشون إلى الحظيرة بأرجلهم، ويضعون الخطام في أنوفهم بأيديهم …!!!

إن موكب الحرية يسير، وعبثاً يحاول الجلادون تعطيل مسيرته، أو إعاقته بإطلاق شراذم العبيد عليه، ولن تفلح سياط الجلادين في النيل من كبرياء الأحرار وعزّتهم وشموخهم حتى ولو مزًّقت جلودهم…!!!

ولن يرتدًّ ـ بعون الله ـ موكب الحرية بعدما حطم السدود، وأزال الحدود، ورفع الصخور، ولم تبق أمامه إلا حفنة من الأشواك…!

إنما هي جولة بعد جولة، والنصر مع الصبر، والعاقبة للمتقين…

نعم … قد تؤخر شراذم الرقيق، موكب الحرية لبعض الوقت، وقد تسبب له لكماتهم الخسيسة والجبانة بعض الجروح، وقد تسيل منه بعض الدماء، وقد يسقط له بعض الشهداء .!!!

ولكن القافلة تسير، غير عابئة ..، وسيصل الموكب المبارك ـ بإذن الله ـ إلى برِّ العافية، وشاطئ الأمان… ((ويسألونك متى هو.!؟ قل: عسى أن يكون قريبا)).

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *