كلمات حول إحصاء 2004 (الحلقة الثانية إحصاء الأمراض المزمنة)
قلت لكم في الحلقة الأولى إن الإحصاء الأخير كان مزورا بحيث إنه لم يسجل النسبة الحقيقية للمعطلين، بتغيير أسمائهم إلى أسماء أخرى كطفل وربة بيت ومريض. وكذلك بتكثير نسبة العاملين بحيث اعتبر عاملا، كل من ينتظر عملا أو يساعد ذويه في أعمالهم أو يقوم "بشي بريكول" حسب تعبيرهم.
واليوم سأحدثكم عن الكيفية التي أحصى بها المغرب الأمراض المزمنة.. أو هل أحصاها أصلا؟
لا شك أن الهدف الحقيقي والعلمي من وراء الإحصاء، هو أن تقوم الدولة بالاستعدادات المناسبة لسد حاجيات مجال معين بعدما تبين لها نتائج الإحصاء، مكامن النقص في ذلك المجال.
في مجال الصحة، يعطي الإحصاء الأرقام التي تبين مدى انتشار مرض معين في منطقة معينة، فتحاول الدولة، قدر الإمكان إنشاء مصحات متخصصة، وجلب طاقات بشرية متخصصة كذلك. مثلا:
إذا افترضنا أن نسبة الإصابة بمرض السرطان تشكل 60 في المئة من بين الأمراض المزمنة الأخرى في منطقة الشمال الشرقي للمملكة، فليس من المعقول أن نبني مستشفى لمرض آخر كالقصور الكلوي ذو النسبة الصغيرة..( هذا مجرد افتراض لأنه ليس في نيتهم بناء أي شيء)
وإذا افترضنا كذلك أن النسبة الكبرى من المصابين توجد في هذه المنطقة فليس معقولا أن تكون المصحة الوحيدة موجودة في الرباط. هذه مجرد أمثلة.
لكن كيف تعامل الإحصاء الأخير مع الأمراض المزمنة؟
لن تجد في فهرس "موجز منهجية وتعليمات الإحصاء" الذي سلمته الدولة للسادة الباحثين، عنوانا خاصا بالأمراض المزمنة، ولكن إذا أردت أن تقرأ ما كتب عنها، فيجب أن تتصفح في عنوان "الإعاقة".
وستقرأ في تعريف المعاق:
"المعاق هو كل شخص عاجز عن مزاولة نشاطه اليومي بصفة عادية. نتيجة عجز أو قصور في قواه العقلية أو الجسمية… ويمكن تصنيف أنواع الإعاقة على الشكل التالي:
Ø الإعاقة الحركية
Ø الإعاقة الحسية
Ø الإعاقة الذهنية
Ø المرض المزمن.. "
وستقرأ في التعليمات التي أعطيت للسادة المؤطرين، ما يلي:
" لا يعتبر المصاب بمرض مزمن كمعاق، إلا إذا كان هذا المرض يحول دون مزاولته لنشاطه اليومي بصفة عادية، ولو كان يتناول أدوية بصفة دائمة"
من خلال هذه العبارة الأخيرة يتبين لنا أن المرض المزمن أدخل في خانة الإعاقة، لأنه لم تكن هناك نية لإحصاء هذه الفئة. فالمريض المزمن الذي يزاول عملا ما لا يحصى مرضه. مثلا
لا يسجل في ورقة الإحصاء إن فلان مريض بالقصور الكلوي إذا كان يبيع " في رأس الدرب" السجائر بالتقسيط.
وحتى إذا كان المواطن مريضا مرضا مزمنا يقعده عن مزاولة أي نشاء فإنه يسجل في ورقة الإحصاء، في عمود الإعاقة، "مرض مزمن" دون ذكر نوع هذا المرض.. وبذلك يكون المسؤولون قد استراحوا من صداع الرأس، فالإحصاء الأخير لا يعطي أي فكرة عن أنواع ونسبة الأمراض المزمنة بالمغرب
Aucun commentaire