قمة العشرين في لندن محاولة يائسة للخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية
كان من المفروض في عالم يتبجح المسيطرون فيه على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم أن يكونوا قد تنبهوا لأزمة اقتصادية في حجم الأزمة الراهنة ، ولكن الملاحظ أنهم يتصرفون تصرف من صدمته المفاجأة . ففي مدة زمنية قياسية عقدت العديد من اللقاءات التي كان موضوعها الأزمة الاقتصادية . واليوم يأتي لقاء ضخم جمع أطراف القوة العسكرية والاقتصادية في العالم وهو غير مسبوق ، أو على أقل تقدير شبيه بلقاء ما بعد الحرب الكونية الثانية . ومشكلة هذا اللقاء أنه إن تجاوزته الأزمة ـ وهي متجاوزته لا محالة حسب خبراء الاقتصاد ـ سيكون ذلك بمثابة الإعلان العالمي الرسمي عن أزمة خانقة من المحتمل أن تهدد الأمن والسلام في العالم .
والعالم الذي ساير القيادة السياسية الأمريكية الطائشة السابقة في تحركاتها العسكرية المندفعة والتي كانت الشرارة التي قدحت نار الأزمة الاقتصادية يدفع اليوم الثمن لأنه لم يتحرك في الوقت المناسب ليمنع التحرك الأمريكي الذي كانت دوافعه اقتصادية محضة بغطاء سياسي خادع لأنه كان على يقين من وشك حدوث أزمة تعصف به أولا وبمن يسير في فلكه بعد ذلك . ولما كان أمر تدبير الشأن السياسي بيد قيادة تفتقر للاختصاص وتعتمد أسلوب المغامرة والمقامرة فقد لعبت آخر أوراقها آملة أن لا يقع الانهيار ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن فوقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة . وعوض أن يبدأ العالم من حيث انطلقت القيادة السياسية الأمريكية السابقة الفاشلة ، وينطلق من أطروحات مخالفة تماما للذرائع الكاذبة من قبيل محاربة ما يسمى خطر الإرهاب ، وما يسمى خطر أسلحة الدمار الشامل ، وهي طبخة أمريكية لإقناع بسطاء الناس بتحركات استعمارية لجلب الاستثمارات ولتوفير المال الذي تم إتلافه بسبب اقتصاد غير حقيقي والذي كان وراء الأزمة الاقتصادية الراهنة ، فإن الساسة الجدد تمسكوا بتركة الساسة الفاشلين وهي عبارة عن قشة لن تنقذهم من غرق محقق.
ولا مندوحة للساسة الجدد عن الجلاء عن الأراضي التي تم غزوها ، ولن يفيدهم شيئا زيادة الجيوش ، وقد حقق عدد جيوشهم في الأراضي التي غزيت أرقاما قياسية لم يعلن عنها بشكل صحيح حفاظا على ماء الوجه الذي لم يعد فيه ماء. وحركات المقاومة في البلاد التي غزيت قد تنبهت إلى التمويه الأطلسي عن عدد الجيوش الحقيقي ، وعرفت أن القوة العسكرية الغربية فوق أراضيها لا تعدو فزاعة كالفزاعة التي تخيف صغار الطير لهذا فهي تراهن على استقلال بلادها وانتصارها بكل ثقة في النفس وبكل وثوق . إن الولايات المتحدة الأمريكية مدينة للعالم قاطبة بأرصدة خيالية وهي غير قادرة على تسديد ما بذمتها ، وقد صارت بعض الدول كالصين تفكر في استرداد مدخراتها في شكل مال عيني من قبيل حاملات الطائرات وما شابه لأنها على يقين من عجز غريمتها الولايات المتحدة عن تسديد ديونها . ويحدث هذا وغيره كتفكير بعض دول العالم الكبرى في تهميش العملة الأمريكية للتخلص من عدوى الأزمة المتفاقمة كما هو الشأن الروسي والفرنسي والألماني في وقت لا زال الرئيس الأمريكي يردد على مسامع العالم مقولة : لا زال العالم يثق في اقتصادنا.
إن مآل قمة العشرين محسوم سلفا ما لم يغير العالم وجهته السياسية 180 درجة كما يقال ، ويبني سياسته على أساس تعايش الحضارات والثقافات عوض مقولة العولمة التي يبتلع فيها القوي الضعيف فلا يستسيغه ويختنق بسبب ذلك كما هو الحال اليوم .
1 Comment
mais si chargui il faut metriser les moyens d analyse avant de se permetre un resultat si pessimiste