Home»International»ذروني أقتل موسى

ذروني أقتل موسى

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين

 » ذروني أقتل موسى »

بقلم: عبد المجيد بنمسعود

إن الراصد لمواقف عتاة الكفر ممن يتزعمون جبهة الاستكبار العالمي اليوم، من كل داعية للتحرر والانعتاق من حملة المشروع الإسلامي، سواء كان شخصا أو حركة أو تنظيما، لا يتردد لحظة في إدراجها تحت نمط السلوك الفرعوني تجاه دعوة الإصلاح التي قادها سيدنا موسى عليه السلام، بكل ما يحمله ممثلو ذلك النمط من شعور عارم بالعلو والاستكبار، والتأله الكاذب، ومن مخزون للكراهية للحق وأصحابه، يعبر عن نفسه أبلغ تعبير، في النزوع إلى الذهاب إلى الحد الأقصى في التنفيس عن تلك الكراهية السوداء، وهو عملية القتل والتصفية الجسدية، » ذروني أقتل موسى »: سورة غافر: الآية26، اعتقادا منهم أن أي شكل من أشكال العقوبة والانتقام من هؤلاء دون القتل، غير كفيل بحسم الموقف، ودرء المخاطر التي تصدر عنهم، ما دام فيهم عرق ينبض بالحياة، وهو اعتقاد يصدقه واقع حاملي المشاريع الفكرية والإصلاحية الكبرى، الذين لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار، إلا وهم يرون مصداق ما يؤمنون به من أفكار وقيم، واقعا تموج به الحياة، ونموذجا عمليا يسري في نسيجها ويتغلغل في حناياها, ولا يعدم ذوو النزعات الفرعونية ممن يتقلدون السلطان، ويمسكون بزمام الأمور في عالم اليوم الذي اختلت فيه الموازين، وأحاط بسفينته القراصنة البغاة، لا يعدمون ذريعة يقدمونها بين يدي بطشهم وإجرامهم، ولو كانت ظاهرة البطلان لكل ذي بصيرة ووعي مستنير، إنها ذريعة تبديل الدين وإظهار الفساد في الأرض، وهي الذريعة التي يبرزها القرآن الكريم في قوله تعالى:  » إني أخاف أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد : غافر26 ،

وإذا كان الفساد في جوهره هو منافاة الفطرة ومجانبة الحق في جميع صوره وتجلياته، فإن المتفرعنين في كل زمان ومكان،لا يتورعون أن يسطوا على لفظه ومفهومه، لأن مكرهم هداهم إلى أن الذريعة التي يقدمونها بين يدي تهديدهم ووعيدهم لحملة لواء الحق والإصلاح، لا يناسب أن تكون هي لفظ الإصلاح نفسه، لآن الأمر إذّاك لا يستقيم، ما دام ذلك اللفظ يقترن عند أغلب الناس بمعاني الخير والبناء، ومن ثم سيكون استعماله مثار استغراب واستهجان من قبل الجماهير، يفوتان على هؤلاء المتفرعنين فرصة انطلاء الخداع والتخييل عليهم, أما مفهوم الفساد الذي يقصده هؤلاء الطغاة المستكبرون، فإن فيه فسحة للتمويه والمغالطة والتلبيس، ولو إلى حين، خاصة لقطاعات مخصوصة ممن يشملهم الخطاب المتفرعن, ممن تبلد فيهم الإحساس، واختلطت لديهم المعايير، بفعل مكر الليل والنهار, والأدهى والأمر من دعوى الفساد التي يرفعها المتفرعنون في وجه من يرومون الإصلاح ورفع الاختلال، هو تعبيرهم عن هاجس الخوف من أن يبدل هؤلاء المتهمون دين الناس، وهي تهمة من الشناعة بمكان، بل هي أم التهم، لكونها منبع الشر وأصل الفساد، بدليل ورود هذا مقترنا في الآية الكريمة بتهمة تبديل الدين الموجهة إلى موسى عليه السلام, وذلك الاتهام، يعتبر، حالة صدوره من الفراعنة المفسدين، تزكية لما هم عليه من أحوال، وإضفاء صبغة الدين عليه، مما يخول لهؤلاء أن يعطوا لأنفسهم بموجبه مشروعية ملاحقة من يصمونهم بتلك التهم الغليظة, ورغم ما يملكه هؤلاء من سطوة وجبروت، يستشعرون من خلالهما القدرة على النيل من المصلحين،فإنهم لا يكتفون بذلك، بل إنهم ليحرصون على إحاطته بنوع من الضمان، يتمثل في رضا الجماهير أو النخب الفاعلة والمؤثرة في التيار العام الساري في نسيج المجتمع, يعبر عن هذا المنزع كلمة « ذروني » التي لا يفهم منها قطعا امتلاك المخاطبين بذلك لإمكان المنع والحيلولة دون ما يرومه الفراعنة، وخاصة في حالة عدم توفر الشروط النفسية أو ما يمكن تسميته بالنصاب الاجتماعي، وإنما يفهم منها طلب الرضا والاقتناع من طرف الجماهير، بشرعية عملية القتل المستهدفة للمصلحين المتهمين بالفساد وتبديل الدين,
ويعتبر الإعلام بدأبه الماكر وتأثيره الرهيب، أخطر القنوات وأشدها شراسة وإلحاحا لتمرير الخطاب إلى الأنفس والعقول، وقولبتها حول الأهداف التي يروم بلوغها أولو البطش الإجرام, ولن يسلم من كيد آلة الإعلام العاتية إلا من كان لهم حظهم الكافي من التمنيع الفكري والتربوي الذي تشربت أرواحهم وعقولهم عناصره النفيسة عبر مراحل التنشئة والإعداد,

إن عمليات الضغط الرهيبة التي تسلطها قوى الاستكبار العالمي اليوم على كاهل كل من اختار السباحة ضد تيار الطغيان والباطل من زعماء العالم الإسلامي أو حركاته، تتدجج بكل ما لديها من أسلحة وآليات، بدءا من سلاح المصطلح الذي يتراوح بين تحريف مفاهيم الموجود منه كما هو الأمر بالنسبة لمفهوم الإرهاب، وبين نحت مصطلحات جديدة بحسب طبيعة المرحلة، ومرورا بتسخير التقارير السوداء، المدبجة في أروقة ومكاتب المنظمات المسماة دولية، مما تحكم تلك القوى العاتية قبضتها عليه، والتي تحمل إدانات قاسية للبلدان التي تحتضن المستهدفين من الزعامات والحركات، انتهاء بتجنيد قضاة المحاكم الجنائية المسماة دولية، لتوجيه لوائح اتهامهم الجاهزة لهؤلاء، ودعوتهم للمثول أمام تلك المحاكم بكل ذلة وخنوع، ليتلقوا حكمهم الصارخ، و يلاقوا مصيرهم المحتوم الذي لن يكون أقل مما أراده فرعون بموسى عليه السلام, وإلا فالأمر بالاعتقال يتربص بهم في كل وقت وحين,
وما إصدار المذكرة المشئومة ضد الرئيس السوداني عمر البشير والآمرة باعتقاله على ذمة المحاكمة، إلا حلقة جديدة ضمن سلسلة الفجور « الدولي » الذي تتولى كبر زعامته الويلات المتحدة الأمريكية بكل صلف وعناد، واحتقار لكرامة الشعوب بعامة، واستهانة واستخفاف بقيادات وأنظمة وشعوب، بل وبأمة المليار ونيف، التي ينتمي إليها الرئيس المطلوب رأسه, فلم يسمع إلا همس خفيف عند صدور الحكم الجائر الصادر من محكمة مشحونة بالزور، مبرمجة سلفا من قوى الطغيان والاستكبار والفجور، مما يدل على أن هذه الأمة لا زالت مكبلة بألف قيد وقيد، وأن رابطة التضامن فيها واهية، وحاسة التداعي بالسهر والحمى في جسمها باهتة بليدة، حتى كأنها ميتة، وهذا يعطي الضوء الأخضر لأرباب البغي والعدوان، ليقتطعوا عضوا من أعضائه متى شاءوا، ويمزقوا لحمه بكل شراهة، كما تصنع الكلاب بفريسة شريدة ضائعة, وإذا كان شعب السودان قد هب لنصرة زعيمه، وكذلك بعض القوى الحية والأقلام الشريفة، ولسان حالها ومقالها قول الرجل من آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه، فصرخت بملء فيها وكيانها:  » أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله »: غافر:28 ،فإن بعض الأشقياء حتى من بني جلدتنا رضوا بالدون ومالأوا العدو، وبصموا بأيديهم وأرجلهم على حكم المحكمة الظالمة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا,
إننا بحاجة في هذا الزمان للرجال الذين يصدعون بالحق في وجه العتاة والطغاة، وللرجال الذين يبذلون شهادة الحق، ويؤازرون أصحاب الحق، غير خائفين ولا هيابين,
إن الفساد الذي من أجله حوصر الرئيس عمر البشير، فيما نعلم، هو تمسكه بسيادة وطنه وحماية خيراته من أن تطولها أيدي اللصوص والقراصنة من الكفرة العلوج من الأمريكان وغيرهم، الذين يسيل لعابهم بلا انقطاع لخيرات إقليم دارفور وثرواته، وإذا كان هؤلاء يزعمون في مشهد مسرحي مكشوف، بأنهم فعلوا كل ما فعلوا من ضجيج، لأجل عيون أهل دارفور، ولملء بطونهم الخاوية ، وتمتيعهم بالعدالة، فمن الذي وكلهم في القضية؟ وهل هم أدرى بملابسات النزاع من أهل السودان وحكماء السودان؟ ثم بعد ذلك، ما بال هؤلاء الأدعياء يلوون أعناقهم ويصمون آذانهم ويغمضون أعينهم عن ظلم صريح، وعن أقطاب للإجرام، اقترفوا من الفظائع الوحشية والجرائم البشعة في شعب غزة الباسلة ما يشيب له الولدان ويدع الحليم حيران؟ بل ويا ليتهم وقفوا عند حد التجاهل والسكوت، إنهم أضافوا إلى ذلك جرم المشاركة والدعم والتأييد, هل هناك ما هو أبشع مما اقترفه الصهاينة اليهود في حق شعب أعزل من حرق وتقتيل بدم بارد، وهدم وتجريف لكل معالم الحضارة والحياة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع؟ نعم إنه الكيل بالمكيالين،على ما بهذه العبارة من فجاجة، لأن الذي ينتظر من ملة الكفر أن تكيل للمسلمين وقضاياهم بنفس المكيال الذي تكيل به لشركائها، إما مغفل أو عميل، فمن جاء على أصله فلا سؤال عليه,
إن الفساد في عرف سادة وكبراء الخونة والعملاء، والذي يخافون أن تظهر في الأرض، إنما هي قيم الخير والشهامة والإباء، وكراهية الطغاة الأشرار، وحب الفضيلة وكره الرذيلة، وما أصدق قول المتنبي في هذا المقام: ومن يك ذا فم مر يجد مرا به الماء الزلالا,
إن الذي ينقذ العالم ويخرجه من هذا المستنقع الكبير، ويحق فيه الحق ويزهق الباطل، إنما هو توحد الشرفاء، واجتماع أهل الحق على كلمة سواء، لإيقاف زحف البغاة وعبث العابثين، ويومها يفرح المؤمنون بنصر الله، وتتفيأ البشرية المعذبة ظلال الأمن والسلام

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *