هكذا علمتني غــــــــزة..
عندما كنا نتابع التغطية الإعلامية للحرب الصهيونية على قطاع غزة المجاهد،كانت الشاشة تعكس لنا مشهدا أسود مخيفا يغشى المدينة والأنحاء ، يمزقه في كل لحظة دوي انفجارعظيم أو غارة جوية مباغتة..ويخيل إليك وأنت من وراء الشاشة أن أرض غزة وأهلها وهواءها قد حوصرت وأحرقت فاستحالت قاعا صفصفاً..
غير أن عين البصيرة تقول لك خلاف ذلك؛ تقول لك تجاوز المشهد المادي القاتم وانظر بنور الله..إلى نور الله..تجد عينا رحيمة تحرس أهل غزة من كل مكروه.. ويداً حانية تمسح دموع الأسى وتضمد الجراح وتبطش بالظالم وترده مخزيا مذموما مدحوراً..
إنها عناية الله القوي العزيز، الذي استعز به المسلم الغزاوي ففاضت عليه صفة العزة؛ وحق لغزة أن تكون أرض العزة .
وهنالك في أرض الرباط والكرامة نماذج من البشر قهروا بني صهيون وأنسَوهُم وساوس الشيطان بما قدموه من البلاء الحسن والثبات في ساح القتال.
فقبل صواريخ القسام الذكية الموجهة بأيدي المقاومين المباركة، وقبل نيران الرشاشات ونسف العبوات، وقبل الصمود والإستشهاد كان التسليــــــم لله عز وجل والإحتماء بكنفه واللواذ بجواره من كل تدبير بشري.
تلمس هذا في خلق الطفل محمد الخضري الذي حز نفسه ألا يكون من بين أفراد عائلته شهيد وقد سقط كثير من أقرانه شهداء. فخرج الطفل العملاق من منزله ليحتضن الموت الشريف بلذة المحبين المخلصين، لو علم بها الجندي الصهيوني ما أهداه هذا الشرف ولحول قذيفته نحو موقع آخر.
والطفلة » جميلة » ذات الأربع عشرة ربيعا التي بُترت ساقاها، ومع ذلك ظلت » جميلة » جميلة ً بل أجمل من ذي قبل بابتسامتها البريئة وعينيها الصادقتين وروحها الساخرة من الجندي الصهيوني الذي انهزم ألف مرة أمام حلم طفولتها بأن تصبح صحافية تكتب عن لذة النصر ومتعة الشهادة.
وهذا الشيخ » الهَرَم » الذي فقد أولاده وأحفاده في لحظة واحدة وأمام عينيه فلم يزد على أن يسترجع ويقول: » حسبنا الله ونعم الوكيل .. »
وهذه المرأة الصالحة التي استشهد وليدها الوحيد في صدرها بعد انتظار دام عشرين سنة، فلم تزد على أن قالت: » الحمـــــــد لله.. » وغيرها كثير من النماذج التي قهرت جبروت الطاغوت الصهيوني وتركت حيلمهم حيران.
إن أثقل صناعة يمكن أن يعرفها الإنسان هي صناعة الرجال، والرجل من دون عقيدة كجسد له خوار. وأحداث غزة أنجبت صنفا من الرجال القرآنيين الربانيين مثل أولئك الذين كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في محنته، فأرخصوا لنصرته مهجهم وفلذات أكبادهم وأموالهم .
وحتى نستطيع استيعاب الحرب على غزة وفقه دلالاتها ، وأنا أعتبرها آية من آيات الله في القصص القرآني المعاصر، ينبغي أن نقرأها في سياقها التاريخي ونسقها العلمي الصحيح ، لأنها جزء من سيرة أمة مؤمنة لها حضورها القوي والمشع بالرغم من القلة والاستضعاف . وللمسلم في عالم الأحداث رؤية خاصة ؛ إذ هو عنصر فاعل ومنفعل في حركة التاريخ ومعادلة النصر والهزيمة . ويكفي للتنبيه إلى هذه الأهمية أنه خليفة الله في الأرض تحمل أمانة عظيمة ليبلغ الله به كلمته للعالمين ويفرق به بين الحق والباطل .
إذا فأصل الصراع بين البشرية هو صراع بين الحق والباطل ؛ الحق الذي يرفعه الموحدون العاملون برسالة القرأن ، و بين الباطل الذي يدعو إليه معسكر الكفر والفسق والنفاق من المغضوب عليهم والضالين . والقرآن الكريم بما هو كلمة الله وحجته فقد استوعب ضمن آياته قصص الأولين والآخرين لتكون عبرة للعالمين . فأولى بالانسان المسلم أن يقرأ الأحداث بعين قرآنية ،لأن القصص القرآني وأنباءه الغيبية اختزلت أقصى ما يمكن للبشرية أن تعرفه من بداية أو نهاية ، من أثر أو تغيير في حركة التاريخ .
والقضية الفلسطينية بوصفها قضية قرآنية فقد فصَلت فيها الآيات الأولى من سورة »الإسراء » على ِوزان ما فعلت آيات أخرى في مسألة بدء الخلق وحتمية الفناء والبعث .
وعوداً على بدء نقول : إن غزة بما حملته أيامها وليليها من من قمة في العدوان الصهيوني على إخواننا، هنالك في قلعة الإسلام، حملت معها أيضا معاني ودلالات بليغة في عالم الأنفس والأفكار، كما كانت لها إيحاءات وأصداء حضارية تسامت وتألقت في خُلق الغزاويين الراقي وثباتهم وصدقهم في وجه المحن وإيمانهم بوعد الله الحق، فكانوا بذٰلك مدرسة لإحياء الإيمان في قلب الأمة والإنتصار لكلمة الله. إنها ملحمة شكلت في سيناريوها العسكري زمنا امتزج فيه معنى الحياة والموت في روح المسلم الغزاوي وقد سُقيت بماء التوجه إلى الله وتوحيده والتسليم لطلاقة القدرة الإلٰهية الحكيمة ووعده الحق.
وهي قبل أن تكون انتصاراَ عسكريا للمسلمين وانهزاما لترسانة إسرائيل وخيبة من صفق لهم من الطابور الخامس،فهي ملحمة انتصار النفس المؤمنة بالله الواحد المطمئنة لوعده على خسة النفس وخبثها ووضاعتها، وقد تجلت في أبهىٰٰ صور فن الفداء،أبطالها البارزون هم الضعفاء من الأطفال والنساء والشيوخ.
بعد هذه السطور القليلة، ما حظنا نحن من هذا كله ؟ ماذا علمتنا غزة ؟
يبقى السؤال مطروحا..
1 Comment
أمام ما نراه على الشاشة و بالواضح لا يسعنا سوى العمل و بكل الطرق على إضعاف قوة اليهود و أمريكا بأساليبنا الخاصة و ليست بالمتواضعة فاكبر سلاح نمتلكه هو ضرب الاقتصاد أو بمعنى آخر مقاطعة البضائع الأمريكية و الصهيونية
فمطلوب وواجب على كل منا الثار لإخواننا فأينكم يا أهل الصعيد والعزائم المربوطة طول الحياة على قتل من قتل قريبكم
فهؤلاء أقرباؤكم وأقرباؤنا قتلوا و ذبحوا و حرقوا و هجروا فأين ثأرنا لهم؟؟؟؟؟؟؟؟
هدا مجهود قمت به و احسبه السبيل لرد الضربة عليهم. السبيل هو المقاطعة
نعمل نحن مجموعة من المغرب في مدينة صغيرة تدعى بني ملال على تطبيق المقاطعة وليس هذا فحسب بل تعديه إلى دعوة الناس للمقاطعة في الأسواق في المعارض في الطرقات في كل التجمعات في الأحياء الجامعية……. و ذلك بواسطة لائحة البضائع التي أعددناها بعد بحث طويل صورناها على شكل مطبوعات إشهارية بالألوان نوزعها على الناس مع الشرح لهم أهمية المقاطعة
ه نعمل على نشر الدعوة عبر الانترنيت و نسعى إلى صنع ملصقات تضم منتجات المقاطعة حسب الفئة
المجموعة الأولى و تضم المأكولات و تلصق في المطبخ حتى تحفظها كل النساء
المجموعة الثانية و تضم مواد الاستحمام و الصابون و ما إلى ذلك و تلصق في الحمام
مجموعة ثالثة تضم الحلويات و المواد المستهلكة من طرف الطفل و تلصق في غرف الأطفال
مجموعة رابعة تضم الشركات و محطات البنزين التي يجب مقاطعتها و تلصق في السيارات
ثم سنعمل على الاتصال بدول محايدة أو داعمة لفلسطين مثل تركيا لترسل لنا لائحة المنتجات التي تستطيع تعويضنا بها المنتجات المقاطعة و هذا هو المطبوع الذي نقوم بنشره
و من يريد ان يعرف تفاصيل هذا المشروع أي مشروع المقاطعة فليتصل بي على العنوان البريدي التالي
hananeiaa@yahoo.fr