السياسة الأمريكية الخارجية من سيء إلى أسوأ
يبدو أن السياسة الأمريكية الخارجية لا تتأثر بلون بشرة حاكم البيت الأبيض ، فسيان شقرة هذا وسمرة ذاك . لقد تنفس العالم الصعداء بمغادرة بوش مركز القرار الأمريكي بعد انحنائه من جراء حذاء العراقي الغاضب الذي كان رمزا يعكس إرادة شعوب العالم الغاضبة من السياسة الأمريكية الخارجية والتي تقوم أساسا على الاعتداء على سيادة البلدان المستقلة وجعلها مستعمرات جديدة. وما كاد العالم يتنفس الصعداء بمغادرة الشر الأشقر حتى حل محله الشر الأسمر الذي لوح بالويل والثبور وعواقب الأمور في أفغانستان أفقر بلد في العالم وقرر زيادة قواته هناك بعد قرار سحب القوات من العراق .
إن الولايات المتحدة لا زالت وفية لعقلية وثقافة رعاة البقر الذين ألفوا حمل السلاح والتجوال في الأرض بحثا عن صراع مسلح واصطدام مهما كانت طبيعته لإثبات الذات والعربدة . تغير السلاح الذي كان يستعمله راعي البقر بالأمس من مسدس وبندقية وحصان إلى طائرات وصواريخ ودبابات وآليات ولكن لم تتغير عقلية الراعي. والجديد في البيئة أن شمال الولايات المتحدة وجنوبها صار شمال وجنوب الكرة الأرضية ، وقطعان البقر صارت حقول بترول وأسواق و……
وما أشبه اليوم بالأمس لقد كانت عصابات رعاة البقر تتجيش للغزو والإغارة معتمدة ذرائع لا أساس لها ، وكذلك شأن عصابات الجيوش الأمريكية اليوم.
لقد كانت ذريعة خطر أسلحة الدمار الشامل كافية لغزو العراق والإجهاز على حضارة إنسانية عريقة حيث عاث الغزاة فسادا في تراث العراق الذي لا يقدر بثمن تماما كما يشاهد رعاة البقر في أفلامهم وهم يسطون على الممتلكات والتحف بعد غزوهم وغاراتهم . وبعد التقتيل والفساد والإفساد والاغتصاب فكر الغزاة في الخروج أمام ضربات المقاومين الأحرار الموجعة مخلفين العراق لعصابة طائفية أساس عقيدتها الفاسدة الضالة الحقد الأسود على من لا يعتقد ما يعتقدون مما يعني أن العراق دخل مرحلة الاقتتال الطائفي الذي لن يعرف نهاية ما دامت العقيدة الفاسدة فوق أرضه . ولست ذريعة غزو أفغانستان مختلفة عن ذريعة غزو العراق فحقيقة الإرهاب في أفغانستان كحقيقة أسلحة الدمار الشامل في العراق سواء بسواء. وكعربدة الراعي الأمريكي في العراق جاءت عربدته في أفغانستان في شكل غارات على السكان المدنيين القرويين الذين يعانون الفاقة الشديدة والجهل والمرض ولا حول لهم ولا قوة.
و بالرغم من حقيقة الشعب الأفغاني الفقير الأعزل لا يجد راعي البقر الزنجي حرجا في التلويح بالمزيد من القوات لقهر شعب ثبت تاريخيا أن إرادته لا تقهر. لقد تأكد الراعي الزنجي أن سلفه الأشقر قد فشل في العراق، وتوهم أن النجاح مضمونا في أفغانستان خاصة عندما يتعلق الأمر بقصف البوادي والأرياف وقتل المدنيين الأبرياء، وتدنيس مساجدهم كما نقلت ذلك وسائل الإعلام بالأمس.
إن عقلية رعاة البقر ستظل على حالها وهو البحث عن المراعي لقطعانها أو السطو على قطعان الغير باستعمال السلاح. فقد يتغير مفهوم القطيع والمرعى ، وقد يتغير السلاح ، وقد تتغير الجغرافيا ولكن فكرة العداون والسطو والعربدة واحدة . والمؤكد أن نجاح عربدة رعاة البقر فوق الأراضي الأمريكية كما تصور ذلك أفلامهم لن يكون سوى الفشل الذر يع فوق أراضي الغير، والمستقبل قمين بتأكيد هذه الحقيقة .
Aucun commentaire