نعوم تشومسكي والقضية الفلسطينية
أول مايشد اهتمام المتتبع في ظروف الأزمات السياسية الجهوية والدولية- موقف المفكرين من قضايا قد تبدو للعامة أمرا معتادا تناوله، إلا أن أهمية الموقف تتجسد حينما تواضب على معرفة توجه المفكر قبل ثلاثين سنة وكيف يراه اليوم . حين تتابع مناظرة « ميشال فوكو » ونظيره »نعوم تشومسكي » قبل ثلاث عقود وتحيل ذلك على ما يؤمن به « تشومسكي » اليوم فستجد مفارقة مفادها أن لغسيل الدماغ حدود لن يتجرأ على تبييضها. المقال الذي سوف تتابعونه موجود بموقع « نعوم تشومسكي » قام بترجمته الأخ عمر عدس جزاه الله خيرا من أجل توسع آفاق القارىء العربي.
يقول « تشومسكي » :
يتميز باراك أوباما بأنه شخص حاد الذكاء، وأكاديمي قانوني، حريص في اختياره للألفاظ. وهو يستحق ان يؤخذ بجدّية – ما يقوله، وما يصمت عن قوله. ومن المهم بصورة خاصة تصريحه المتعلق بالسياسة الخارجية، الذي أدلى به في 22 يناير، في وزارة الخارجية، عند تقديمه جورج ميتشل، مبعوثه الخاص الى الشرق الأوسط. ومن المفترض ان يركز ميتشل اهتمامه على المشكلة “الاسرائيلية” – الفلسطينية، في أعقاب الغزو الأمريكي – “الاسرائيلي” الأخير لغزة.
وقد ظل أوباما طوال العدوان الإجرامي صامتاً، باستثناء بعض الكلمات العابرة، بحجة أن هنالك رئيساً واحداً للولايات المتحدة- دون أن يُسكِته عن الحديث في العديد من القضايا الأخرى. ولكن حملته الانتخابية، كرّرتْ تصريحه الذي قال فيه، “إذا سقطت الصواريخ على المكان الذي تنام فيه ابنتاي، فسوف أفعل كل شيء من أجل وقفها”. وكان يشير بذلك الى الأطفال “الاسرائيليين”، لا الى مئات الأطفال الفلسطينيين الذين كان يجري ذبحهم بالأسلحة الأمريكية، والذين لم يستطع الحديث عنهم، لأنّ هنالك رئيساً واحداً للولايات المتحدة . لكن الرئيس الواحد، في 22 يناير/ كانون الثاني، كان باراك أوباما نفسه، فكان بوسع لسانه أن ينطلق في الحديث عن هذه المسائل دون عائق- ولكنه تجنّب الحديث عن الهجوم على غزة، الذي أُوقِفَ بدهاء قبيل تنصيب أوباما مباشرة.
وقد أكّد حديث أوباما التزامه بتسوية سلمية. ولكنه ترك خطوطها العريضة مبهمة، باستثناء اقتراح واحد محدد، حيث قال:” ان المبادرة العربية، تحتوي على عناصر بنّاءة من شأنها ان تساعد في دفع هذه الجهود قُدُماً. والوقت الحاضر، هو الزمن المناسب لأنْ تفيَ الدول العربية بما وعدت به المبادرة، من دعم الحكومة الفلسطينية في ظل الرئيس عباس ورئيس وزرائه فياض، وأنْ تتخذ خطوات لتطبيع العلاقات مع “اسرائيل”، والتصدّي للتطرف الذي يهددنا جميعاً”.
وأوباما لا يُحرِّف اقتراح الجامعة العربية بصورة مباشرة، ولكن ما يزاوله من مراوغة مصوغة بعناية، يوحي بالكثير.
واقتراح السلام الذي تقدمت به الجامعة العربية يدعو فعلاً الى تطبيع العلاقات مع “اسرائيل” – في سياقِ تسوية تسفر عن وجود دولتين بشروط أجمعتْ عليها دول العالم منذ زمن طويل، ولكن الولايات المتحدة و”اسرائيل” تقفان في تجاهل ذلك الإجماع منذ أكثر من 30 عاماً، وحدهما بين الدول.
إن جوهر اقتراح الجامعة العربية، كما يعلم أوباما ومستشاروه لشؤون الشرق الأوسط جيداً، هو دعوته الى تسوية سياسية سلمية بهذه الشروط، المعروفة جيداً، والمعترف بأنها الأساس الوحيد للتسوية السلمية التي يجاهر أوباما بأنه ملتزم بها. ولا يمكن أن يكون حذف تلك الحقيقة الحساسة أمراً عَرَضِياًّ، بل هو دليل واضح على أن اوباما، لا يخطر بباله الابتعاد عن ذلك الموقف الأمريكي الرفضي. ومناشدته الدول العربية أن تتصرّف بناءً على اقتراحها، بينما تتجاهل الولايات المتحدة حتى وجود مضمونه المحوري، وهو الركيزة التي يقوم عليها وجوده منطقياً، يتجاوز مسألة التشكك في النوايا.
إن أهم ما يقوض دعائم أي تسوية سلمية هو الأعمال اليومية “الاسرائيلية”، التي تجري في المناطق المحتلة، بدعم كامل من الولايات المتحدة، والتي يدرك الجميع أنها إجرامية: كالاستيلاء على الأراضي، ومصادر المياه القيّمة، وإقامة ما دعاه رائد الخطة، ارييل شارون، “بانتوستانات” للفلسطينيين – في مقارنة غير عادلة، لأن البنتوستانات كانت أكثر قابلية للحياة من نُتف الأرض التي تبقت للفلسطينيين بموجب مفهوم شارون، الذي يتحقق الآن.
ولكن الولايات المتحدة و”اسرائيل”، تواصلان معارضة تسوية سلمية حتى بالكلام، وكان آخر ذلك في ديسمبر/ كانون الأول ،2008 عندما صوتت الولايات المتحدة (وبعض جزر المحيط الهادئ)، ضد قرار للأمم المتحدة يؤيد “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”، وقد أجيز القرار بأغلبية 173 الى ،5 ومعارضة الولايات المتحدة و”اسرائيل”، بذرائع مراوِغة).
ولم يكن لدى أوباما كلمة واحدة يقولها عن تطور الاستيطان والبنية التحتية في الضفة الغربية، والإجراءات المعقدة للسيطرة على الوجود الفلسطيني، المصممة لهدم آفاق تسوية سلمية على أساس وجود دولتين. ويشكل صمته دحضاً بليغاً لتبجحاته الخطابية التي قال فيها: “سوف أحافظ على التزام فعال بالسعي نحو وجود دولتين تعيشان جنباً الى جنب في سلام وأمن”.
كما لم يذكر استخدام “اسرائيل” للأسلحة الأمريكية في غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، بل والقانون الأمريكي ذاته. أو شحن واشنطن أسلحة جديدة الى “اسرائيل” في ذروة الهجوم الأمريكي – “الاسرائيلي”، الذي لم يكن بكل تأكيد غائباً عن عِلْم مستشاري أوباما لشؤون الشرق الأوسط.
ولكن أوباما كان حازماً في القول ان تهريب الأسلحة الى غزة يجب ان يتوقف. وهو يؤيد اتفاق كوندوليزا رايس ووزيرة الخارجية “الاسرائيلية” تسيبي ليفني على وجوب إغلاق الحدود المصرية مع غزة – في ممارسة بارزة للعجرفة الامبريالية، كما قالت صحيفة الفاينانشيال تايمز: “عندما وقَفَتا في واشنطن تهنِّئ كل منهما الأخرى، بدت كلتا المسؤولتين ناسيتيْن لحقيقة أنهما تعقدان صفقة غير شرعية تتعلق بحدود دولة أخرى، هي مصر في هذه الحالة. وفي اليوم التالي وصف مسؤول مصري المذكرة بأنها خيالية”. وتم تجاهل الاعتراضات المصرية.
وعَوْداً الى إشارة أوباما الى اقتراح الجامعة العربية “البنّاء”، كما قال، يصرّ أوباما على قَصْر تأييده على الطرف الذي هُزم في انتخابات يناير/ كانون الثاني ،2006 وهي الانتخابات الحرة الوحيدة في العالم العربي، التي ردّت الولايات المتحدة و”اسرائيل” عليها، فوراً وعلناً، بمعاقبة الفلسطينيين بشراسة لمعارضتهم إرادة الأسياد.
وثمة تفصيل صغير هو ان ولاية عباس قد انتهت في 9 يناير/ كانون الثاني، وأن فياض قد تم تعيينه من دون تثبيت من البرلمان الفلسطيني (الذي اختُطف العديد من أعضائه، ولا يزالون يقبعون في السجون “الاسرائيلية”). وقد وصفت صحيفة هآرتس، “الاسرائيلية” فياض بأنه “طائر غريب في دنيا السياسة الفلسطينية. فهو من جهة، السياسي الفلسطيني الذي تُجلّه “اسرائيل” والغرب أيما إجلال. ولكنه، من جهة أخرى، لا يملك أي طاقة انتخابية كائنة ما تكون في غزة أو الضفة الغربية”.
كما يشير تقرير الصحيفة الى “علاقة فياض الوثيقة مع المؤسسة “الاسرائيلية”، وبخاصة صداقته مع مستشار شارون المتطرف، دوف وايجلاس. وعلى الرغم من افتقاره الى الدعم الشعبي، تعتبره الولايات المتحدة كفؤاً ونزيهاً، خلافاً لما جرى عليه العرف في القطاعات السياسية المدعومة من الولايات المتحدة”.
وينسجم إصرار أوباما على ان عباس وفياض فقط هما الموجودان، مع ازدراء الغرب الدائم للديمقراطية ما لم تكن تحت السيطرة.
وقد أبدى أوباما الأسباب المعهودة لتجاهل الحكومة المنتخبة بزعامة حماس. فأعلن قائلاً: “إنّ اللجنة الرباعية (المؤلفة من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة)، قد أكدت أنه يجب على حماس، لكي تصبح طرفاً أصيلاً في السلام أن تلبي شروطاً واضحة، وهي: الاعتراف بحق “اسرائيل” في الوجود؛ ونبذ العنف؛ والالتزام بالاتفاقيات السابقة”. ولم يذكر، كما جرت عليه العادة، الحقيقة المزعجة، وهي ان الولايات المتحدة و”اسرائيل” ثابتتان على رفض تلك الشروط الثلاثة. وتنفردان بين دول العالم، باعتراض سبيل تسوية تقوم على أساس وجود دولتين، وتتضمن قيام دولة فلسطينية؛ وهما بطبيعة الحال لا تتخلّيان عن العنف؛ وترفضان اقتراح اللجنة الرباعية المركزي، وهو “خارطة الطريق”. وقد قبلتها “اسرائيل” رسمياً، ولكنْ مع وجود 14 تحفّظاً تقضي على محتوياتها قضاءً مبرَماً (بدعم ضمني من الولايات المتحدة).ويعود الفضل الى كتاب جيمي كارتر (فلسطين: السلام والتمييز العنصري)، في لفت نظر العامة الى هذه الحقائق للمرة الأولى- وطرحها في المداولات السائدة، لمرّة وحيدة.
ويتْبع ذلك، بالتعليل المنطقي الأولي، ان أيّاً من الولايات المتحدة أو “اسرائيل”، ليست “طرفاً أصيلاً في السلام”. ولكن الاعتراف بذلك غير ممكن. حتّى أنه لا يشكل جملة في اللغة الانجليزية.
ولعلّ من الإجحاف انتقاد أوباما على هذه الممارسة الإضافية للارتياب في النوايا، لأنها تكاد تكون أمراً شائعاً، ولكنّ إفراغه اقتراح جامعة الدول العربية من عنصره الجوهري، فذلك أمر جديد ينفرد به.
ومن شبه الشائع أيضاً، الاشارات المعتادة الى حماس: بأنها منظمة إرهابية، نذرتْ نفسها لتدمير “اسرائيل” (أو ربما اليهود كافةً). ولكنّ ما لا يتطرق اليه الذِّكر، الحقائق التي تُزعج الإشارة اليها كلاًّ من الولايات المتحدة و”اسرائيل”، وهي ان هاتين الدولتين ليستا وحسب مكرستين لتدمير أي دولة فلسطينية قابلة للحياة، بل إنهما تطبقان تلك السياسات بكل عزم وثبات. أو أنّ حماس، خلافاً للدولتين الرافضتين، قد دعت الى تسوية تقوم على وجود دولتين بشروط الإجماع الدولي: علناً، وتكراراً، وبكل صراحة ووضوح.
لقد استهلّ أوباما ملاحظاته بالقول: “دَعْني أَكُنْ واضحاً: إن إمريكا ملتزمة بأمن “اسرائيل”. وسوف ندعم على الدوام حق “اسرائيل” في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات غير الشرعية”.
ولم يكن ثمة شيء عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم ضد التهيدات الأشدّ تطرفاً بما لا يُقاس، والتي تجري يومياً، في المناطق المحتلة، بدعم تام من الولايات المتحدة. ولكن ذلك، مرة أخرى، أمر عادي طبيعي.
كما ان من العادي كذلك، نشر المبدأ الذي يقول ان ل”اسرائيل” الحق في الدفاع عن نفسها. فذلك صحيح، ولكنه خالٍ من أي مضمون: فالكل يملك حق الدفاع عن نفسه. ولكن هذه العبارة الجوفاء، في السياق الذي تُستَعمل فيه، أسوأ من أن تكون فارغة من المضمون: بل هي أقرب الى الخداع القائم على سوء النية.
وليست القضية ما إذا كانت “اسرائيل” تملك حق الدفاع عن نفسها، مثل أي دولة غيرها، بل ما إذا كانت تملك حق فِعْل ذلك بالقوة.
فلا أحد، بمن فيهم أوباما نفسه، يعتقد بأن الدول تتمتع بحق عام للدفاع عن نفسها بالقوة: إذْ من الضروري أولاً، البرهنة على انعدام وجود خيارات سلمية يمكن تجريبها. وفي هذه الحالة، لا شك في وجود مثل تلك الخيارات.
ومن الخيارات الضيقة ل “اسرائيل” ان تلتزم بوقف اطلاق النار، كذلك الذي اقترحه زعيم حماس السياسي خالد مشعل قبل بضعة أيام من بدء العدوان على غزة في 27 ديسمبر/ كانون الأول. فقد دعا مشعل الى تجديد اتفاقية ،2005 التي دعت الى إنهاء العنف، وفتح المعابر بصورة دائمة، الى جانب التزام “اسرائيل” بحرية انتقال السلع والناس بين شطريْ فلسطين المحتلة، أي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد جوبهت الاتفاقية بالرفض من قبل الولايات المتحدة و”اسرائيل” بعد بضعة أشهر، بعد أن اتخذت الانتخابات الحرة في يناير/كانون الثاني ،2006 “مساراً غير ملائم”. وهنالك العديد جدّاً من الحالات ذات الصلة الوثيقة بالموضوع.
ولكن البديل الأشمل والأهم للولايات المتحدة و”اسرائيل” هو التخلي عن رفضيّتهما المتطرفة، والانضمام الى بقية دول العالم – بما فيها الدول العربية وحماس – في دعم تسوية الدولتين، انسجاماً مع الإجماع الدولي. وينبغي ملاحظة ان السنوات الثلاثين الماضية، لم تشهد تخلياً عن هذه الرفضية الأمريكية “الاسرائيلية”، سوى مرة واحدة: أثناء المفاوضات في طابا في يناير/ كانون الثاني ،2001 التي بدت قريبة من حل سلمي عندما أوقفتها “اسرائيل” بصورة مبتسرة.
ولذلك فلن يكون من الغريب ان يوافق أوباما على الانضمام الى العالم، حتى في إطار سياسة الولايات المتحدة، إذا كان مهتمّاً بفعل ذلك.
وباختصار، فإن تشديد أوباما على حق “اسرائيل” في الدفاع عن نفسها، وتكراره قول ذلك، هو ممارسة أخرى للخداع بنيّة مبيتة – مع أنه يجب الاعتراف، بأن ذلك ليس حِكراً عليه، بل هو عامّ شامل في واقع الأمر.
والخداع مذهل بوجه خاص في هذه الحالة لأن المناسبة كانت تعيين ميتشل مبعوثاً خاصاًّ.
فقد كان انجاز ميتشل الأولي هو دوره الريادي في التسوية السلمية في ايرلندا الشمالية، التي دعت الى إنهاء الإرهاب من جانب الجيش الجمهوري الايرلندي، والعنف من جانب بريطانيا. ومن المعترف به ضمناً، أنه بينما تملك بريطانيا حق الدفاع عن نفسها من الإرهاب، لا تملك حق فعل ذلك بالقوة، وذلك لوجود خيار سلمي: وهو الاعتراف بشرعية ظلامات وتشكيات المجتمع الكاثوليكي الايرلندي التي كانت السبب في نشوء الإرهاب. وعندما تبنّت بريطانيا ذلك المسار الحساس، انتهى الإرهاب. وما تنطوي عليه مهمة ميتشل بالنسبة الى قضية الفلسطينيين مع “اسرائيل”، واضحة تماماً ولا تحتاج إلى شرح وتفصيل. ومرة أخرى، يشكّل حذفها وتجاهلها، دليلاً مذهلاً على التزام ادارة أوباما بالموقف الأمريكي الرافض، والمعارض للسلام، إلاّ بشروطها المتطرفة.
وقد امتدح أوباما الأردن على “دوره البنّاء في تدريب قوات الأمن الفلسطينية ومراعاة علاقاته مع “اسرائيل”” – الأمر الذي يتناقض بشدة مع الرفض الأمريكي – “الاسرائيلي” للتعامل مع الحكومة الفلسطينية المنتخبة بحرية، ومعاقبة الفلسطينيين بوحشية في الوقت ذاته على انتخابها بحجج واهية لا تصمد لأي تدقيق عابر. صحيح ان الأردن انضم الى الولايات المتحدة في تسليح وتدريب قوات الأمن الفلسطينية، لكي تكون قادرة على أن تقمع بالقوة أي تعبير عن التأييد لضحايا العدوان الأمريكي _ “الاسرائيلي” المساكين في غزة، واعتقال مؤيدي حماس واعتقال الصحافي البارز خالد عمايرة، بينما تنظِّم مظاهرات خاصة بها تأييداً لعباس وفتح، كان معظم المشاركين فيها “موظفين مدنيين وتلاميذ مدارس، أمرتهم السلطة الفلسطينية بالمشاركة في المسيرة”، حسبما ذكرت صحيفة الجيروزاليم بوست “الاسرائيلية”…ضمن ديمقراطية على طريقتنا الخاصة.
وقد أدلى أوباما بتعليق جوهري آخر: قال فيه: “كجزء من وقف إطلاق النار الدائم، ينبغي فتح المعابر الحدودية لغزة للسماح بتدفق المعونات والسلع التجارية، في ظل نظام مراقبة مناسب…”. ولم يذكر، بطبيعة الحال، أن الولايات المتحدة و”اسرائيل” كانتا قد رفضتا الاتفاق ذاته بعد انتخابات يناير/ كانون الثاني ،2006 وأن “اسرائيل” لم يسبق لها ان احترمت الاتفاقيات السابقة المماثلة المتعلقة بالحدود.
كما غاب عن خطاب اوباما، أي رد فعل على إعلان “اسرائيل” انها ترفض اتفاق وقف إطلاق النار، وبذلك، تكون احتمالات كونه “دائماً” لا تبشّر بالخير.
وكما ذُكر في وسائل الإعلام، قال الوزير “الاسرائيلي” بنيامين اليعازر، الذي يشارك في المشاورات الأمنية، لراديو الجيش “الاسرائيلي” ان “اسرائيل” لن تسمح بإعادة فتح المعابر مع غزة من دون عقد صفقة لإطلاق سراح جلعاد شاليط (اسوشيتد برس 22يناير)؛ “وسوف تُبقي “اسرائيل” المعابر مغلقة…وقال أحد المسؤولين ان الحكومة قد خططت لاستخدام القضية للمساومة على إطلاق جلعاد شاليط، الجندي “الاسرائيلي” المحتجز من قبل الجماعة الاسلامية منذ 2006” (الفاينانشيال تايمز 23 يناير/كانون الثاني)؛ “وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت وزيرة الخارجية “الاسرائيلية” تسيبي ليفني، ان التقدم في موضوع إطلاق سراح العريف شاليط، سيكون شرطاً مسبقاً لفتح المعابر التي ظلت مغلقة معظم الوقت منذ انتزعت حماس السيطرة على غزة من السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية سنة 2007” (كريستيان ساينس مونيتور، 23 يناير/ كانون الثاني)؛ وقد قال مسؤول “اسرائيلي” إنه ستكون هنالك شروط قاسية لأي رفع للحصار، الذي ربطه مع إطلاق سراح جلعاد شاليط (فاينانشيال تايمز، 23 يناير)؛ ضمن شروط عديدة أخرى.
إن أسْر شاليط يشكل قضية بارزة في الغرب، ودليلاً آخر على إجرامية حماس.
وبصرف النظر عن الطريقة التي نفكّر بها في الأمر، فإن مِن غير المختلف عليه انّ أسر جندي تابع لجيش مهاجم، إذا اعتُبِر جريمة، فهو أهون من خطف المدنيين، الذي أقدمت عليه القوات “الاسرائيلية” في اليوم السابق لخطف شاليط مباشرة، حين غزت غزة وخطفتْ شقيقيْن، ثم هرّبتهما عبر الحدود حيث اختفيا في غياهب السجون “الاسرائيلية”. وخلافاً لقضية شاليط التي تهون عن هذه القضية، لم يتطرق أحد لذكر تلك الجريمة وطواها النسيان، الى جانب ما دأبت “اسرائيل” على ممارسته، على مدى عقود من الزمن، بخطف المدنيين في لبنان وفي أعالي البحار، والزجّ بهم في السجون “الاسرائيلية”، حيث تحتفظ بهم رهائن لسنوات عديدة. أمّا أسْر شاليط فقد كان سبباً لإلغاء الاتفاق على وقف إطلاق النار.
ترجمة: عمر عدس
عبدالقادر فلالي- كندا
2 Comments
يا أستاذ عب القادر المحترم منذ زمن بعيد ونحن نقرأ لتشومسكي مقالات ظاهرها أنها ضد إسرائيل وواقع الحال أنه لم يتخلف يوما واحدا عن دفع الضريبة التي يدفعها كا يهودي في العالم من أجل إسرائيل. إن خذا الأسلوب يدخل ضمن سياسة البهود المعهودة منذ أقدم العصورمن أجل التمويه على الحقيقة التي لا غبار عليها والمثل المغربي يقول الذيب هو الذيب ولو طبخته بالزبدة والزبيب أشكرك على غيرتك الصادقة وأكذب عدو الله شومسكي وأنا على علم بمكره