رأس المال الحقيقي
كل من عاين صمود الشعب الفلسطيني خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة سيقف وقفة تقدير وإجلال لهذا الشعب الأبي الذي عرف كيف يتحدى المحن والمعاناة في ذروة الدمار والخراب ويصنع الحدث لا لأنه صمد طويلا أمام المحرقة الصهيونية وتحمل كل أشكال القهر والحصار والتشريد قي مربع لا يزيد عن 12كيلومتر عرضا و40 كيلومتر طولا فقط ، ولكن لانه أثبت أنه من طينة أخرى وتركيبة يصعب فك مكوناتها هذه التركيبة الخلاقة التي تجعله يبدو على تلك الصورة من الشموخ والغباء وعزة النفس تمنعه من السؤال والشكوى ولطم الخدود وبكاء الأطلال خلافا لما نعاينه من مشاهد مقرفة ومقززة في بلدان عربية كثير في زمن السلمن ولم أجد تفسيرا دقيقا لهدا الغنسان الظاهرة إلا غي المناعة التس اكتسبها عبر المحن التي مرت علية طوال 60سنة من الصراع مع العدو الصهيوني من اجل إثبات الذات ، سلاحه في ذلك العلم والتربية والتعليم والإهتمام بالإنسان باعتباره الرأس المال الخقيقي لأي تقدم وتحقيق التفوق، ويكفي لإدراك سر هذا النبوغ والتفوق الفلسطيني أن نعقد مقارنات في صورة مشاهد جمعتها الصدفة بين الإنسان الفلسطيني واخيه في الكثير من الدول العربية.
فقد كنت أتابع النشرة الإخبارية الأخيرة على القناة الثانية في ليلة ممطرة، عرضت خلالها ربورطاجا عن المهام النبيلة التي قام بها وفد طبي مغربي في قطاع غزة وهو فد ضم خيرة الأطر الطبية المغربية في عدة تخصصات من الإسعافات الأولية إلى أدق التخصصات(جراحة العظام والاعصاب والقلب….( واطلعت من خلال هذا الشريط على خبرة الأطباء المغاربة وعلى علو كعبهم في هذا الميدان وكيف كانوا يشتغلون بنشاط وهمة ويسعفون المرضى ويجرون العمليات الجراحية الدقيقة وكيف أسهموا في تكوين الأطباء الفلسطينيين والذين حال الحصار الجائر بينهم وبين متابعة المستجدات على الصعيد الطبين ومن مكر الصدف وفي الوفت الذي غيرت القناة واتجهت إلى القناة الجزائرية صادفت تقديم النشرة الإخبارية حيث عرضت القناة الجزائرية شريطا عن مهمة وفد طبي جزائري في قطاع غزة وظننت للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق باختصاصيين في تخصصات عدة ودقيقة لغنقاد الجرحى والمعطوبين فإذا بي أفاجأ بفرق طبي نفسي جاء إلى قطاع غزة لتصليح النفس الفلسطينية على حد تعبير أحد أعضاء الفريق الطبي الجزائري ، وأقصى ما قام به هذا الوفد إجراء دردشات مع بعض الفلسطينيين وتنشيط الأطفال والقيام بألعاب بهلوانية في ساحة مدرسة على نهج حديدوان البهلواني المعروف، وتساءلت مع نفسي إزاء هذا المشهد الكاريكاتوري أيهما أولى بالطب النفسي الغنسان الفلسطيني الذي أثبت على الدوام أنه أكثر مناعة ومعنوياته مرتفعة إلى درجات قياسية،أم هؤلاء المخبولون في عقلهم الذين جاؤوا إلى قطاع غزة للقيام بسرك بهلواني وتقديم الفرجة في ساحة الجد؟ بالله عليكم أيهما أولى بالدعم النفسي هذا الإنسان الفلسطيني الذي ظل رغم حالة الحصار ومظاهر الدمار وصر الاشلاء في كل مكان وفقدان الأحباب بالعشرات وبتر الايدي والأرجل وفقئ الأعين ومع ذلك كله يجيب على اسئلة الصحفيين بكل ثبات ورباطة جأش قل نظيرها في العلمن ولعل مشاهد دلك الطفل الذي فقئت عيناه وهو يتكلم بإصرار وعفوية ويشكر الصحفي على إتاحته الفرصة للحديث إلى المشاهدين، أو ذلك الأب الذي يحمل بين ذراعيه جثة فلذة كبده وهو يحكي فصول الجريمة الصهيونية دون ان يبدي تأثرا واضحا، أو ذلك الطفل الذي لم يتجاوز عتبة سن التاسعة وهو يصف بدقة متناهية ويعبر بتلك الطلاقة والعفوية التي يفتقدها الكثير من الزعماء السياسيين اشباه المثقفين، بالله عليكم من هو أولى بالدعم النفسي الإنسان الفلسطيني أم هذا الوفد الطبي الذي أتى من الجزائر للنزهة والفرجة والخكومة الجزائرية المصابة بانفصام في الشخصية؟
ومن بين المشاهد أكثر إثارة ما نلحظه من فرق بين مباني قطاع غزة التي تبدو في غاية من الجمال والتناسق العمراني كانك في مدينة أوربية رغم الحصار والحرب، وبين نسيجنا العمراني في الكثير من قرانا ومدننا المغربية والذي يبدو في غاية البداوة والبدائية كأننا خرجنا لتونا من كوارث طبيعية أو حروب مدمرة.
ورغم مظاهر الدمار والخراب الذي أتى على معظم مباني قطاع غزة فإن الإنسان الفلسطيني سواء كان شيخا أو امرأة أو طفلا تعلو محياهم النضارة ويرتدون ملابس أنيقة ونظيفة ويتحدثون بطلاقة وعفويةن عكس ما نلحظه على الكثير من أطفالنا وشيوخنا وشبابنا في الكثير من مدننا وقرانا من بؤس وشحوب وأسمال رغم وثياب رثة وتعبير هجين لا يتعدى بضع كلمات رغم أننا نعيش في زمن السلم،ومن بين المشاهد الدالة على الفرق بين الغنسان الفلسطيني والإنسان العربي عموما أن هذا الإنسان كيف ما كان وضعه الاجتماعي يعبر عن رفضه للاختلال والعدوان والظلم ولا يتحدث عن فقدانه لمتاعه وحلييه ورصيده المالي، بينما نلاحظ في الكثير من البلدان العربية الأخرى عندما تحدث كوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضان كيف يكثر الإنسان العربي من الولولة والشكوى والبكاء على متاع زائل (مشاولي الكواش والسداري والفلوس) ولا تجد من يقول هذا قضاء وفدر وأخطاء بشرية مشتركة بين المواطنين والمسؤولين وأن الأهم هو استعادة التوازن النفسي وأخذ العبرة لتجاوز مثل هذه اللكوارث الطبيعية.
وأخر هذه المشاهد دلالة أنه بمجرد ما توقف العدوان على قطاع غزة وبعد أقل من 48 ساعة ختى هب التلاميذ إلى مقاعد الدراسة للتحصيل العلمي وحتى أولئك التلاميذ الذين دمرت مدارسهم بالكامل افترشوا الرصيف واتخذوا من سور المدرسة سبورة وشرعموا في الدراسة بينما عندنا بمجرد ما تهطل الامطار او الثلوج ينصرف التلاميذ إلى منازلهم ولا يعودون إلا بعد تحسن الأحوال الجوية، أما لو حدثت كوارث طبيعية أو حروب لا قدر لله ،الله وحده يعلم كم سنة سنيقضيها التلاميذ للعودة إلى القصول الدراسية.، هل ادركتم فيمة العلم في صناعة الإنسان؟
Aucun commentaire