الخارجية الأمريكية وقدماء المفاوضين
الخارجية الأمريكية وقدماء المفاوضين
ل »نيكسون » قولة شهيرة » أعتقد أن أمريكا بإمكانها إدارة ذاتها محليا دونما الحاجة إلى رئيس ، أمريكا بحاجة إلى رئيس للخارجية وليس كاتبا للدولة في الخارجية!! »
أخذت ترتيبات زيارة الرئيس نيكسون إلى الصين أكثر من ثلاث سنوات من التحضير والحذر وضبط الإشارات وتشفير لكل طقوس التفكير الشيوعي. زار خلالها » هنري كيسنجر » -مستشار الأمن القومي- الصين في سرية سنة 1971 وأخرى في الخريف نفس السنة للتنسيق مع رئيس الوزراء « تشوإين لي » من أجل وضع صيغة للإطار الذي ستوضع فيه طبيعة الزيارة: هل هي دعوة صينية أم اقتراح أمريكي!!.
فكانت الزيارة صباح يوم بارد من شهر فبرايرسنة 1972 إلتقى أخيرا » نكسون » الزعيم « ماو »، فبعد تبادل المجاملات والبروتوكولات التي تقتضيها أعراف دبلوماسية الثمانينيات، تبادل القائدان حديثا عن الرئيس الباكستاني » يحيى خان » الذي مهد لهذه الزيارة وساعد لإنجاح اللقاء التاريخي ، ثم حاول « نيكسون » مناقشة بعض المواضيع التي كانت بالنسبة إليه هامة إلا أن « ماو » كان يجيبه بتأملات فلسفية، فبعد مرور ساعة من اللقاء نظر « ماو » إلى ساعته قائلا » لقد تكلمنا كثيرا ». علما خلالها أن الزيارة أحدثت زلزالا في تاريخ الحرب الباردة، الزيارة هذه فتحت أبواب ولوج التكنولوجيا واستراتيجية المعلومة الحيوية، صين صديقة قد تضغط على الفييتنام الشمالية من أجل التفاوض وإنهاء الحرب.
إن تعيين أوباما لجورج ميتشال مبعوثا خاصا للشرق الأوسط أتى بعد نيله إعجاب كل الفرقاء السياسيين في إيرلاندا الشمالية من أجل مساعي السلام والمديح الذي لاقاه لترؤسه مفاوضات التسوية التي انتهت بتوقيع يوم الجمعة السعيد 1998. تجدر الإشارة أن جورج ميتشال بادر بإطلاق مبادرات التهدئة سنة 2001 بالشرق الأوسط وفي التقرير الذي رفعه أنذاك طلب من إسرائيل وقف بناء مزيد من المستوطنات والتوقف عن قصف المتظاهرين غير المسلحين كما طالب الجانب الفلسطيني بوقف الهجمات ضد الإسرائيليين.
السيد « ميتشال » 75 سنة، من أب مهاجر لبناني وأم إيرلندية أمريكية، تم اختياره عضوا بمجلس الشيوخ سنة 1980 ثم رئيسا للأغلبية سنة 1982، شغل منصب رئيس « الوالت ديزني » ثم مديرا لفريق « الجوارب الحمر » لبوسطن وهو كذلك مستشارا بجامعة الملكة » ببلفاست » بإريلاندا الشمالية. تم تشخيص مرض السرطان به في البروستات إلا أن شركة محاماته أكدت أن الأمر يعالج.
التعيين الثاني لقدماء مفاوضي الخارجية هو » ريتشارد هولبروك » مبعوثا خاصا في باكستان وأفغانستان. يُشهد له بوساطاته وأسلوبه التفاوضي الذي أثمر عن تحيقيق السلام بالبوسنة 1995 بعد ثلاث سنوات من الحرب انتهت بالتوقيع على معاهدة « داتن » بأوهايو، بدأ نشاطه الدبلوماسي في عهد »لندون جونسون » خلال حرب الفييتنام ومؤخرا شغل منصب مستشار للسياسة الخارجية لحملة « هيلاري كلنتون » ضد أوباما.
« جورج ميتشال » أطفأ لهيب نيران بين الكاثوليك والبروتستانت في إيرلاندا الشمالية وهو الآن متوجه للشرق الأوسط ليستعين بخلطته السحرية. و »ريتشارد هولبروك » إلى أفغانستان مستثمرا طاقاته الدبلوماسية وكارزماه القوي الدائم الحضور.
الفرصة تاريخية أمام الإدارة الجديدة ولن تتكرر مرة أخرى، الكل معلق أمله على العهد الجديد حتى من الأعداء وعلى السيدة « كلنتون » عدم إفساد هذا الحلم الذي قد يكون نفس الحلم الذي نادى به « مارتن لوثر كيخ ». الفرصة سانحة أمام الفريق الجديد لوضع قطيعة مع 30 سنة من نظرية المؤامرة والعدو المستتر. » عيب عليك يا أوباما، عيب عليك ياأوباما!! » جملة رددتها كثيرا السيدة كلنتون ضد أوباما خلال الحملة الإنتخابية.
عبدالقادر فلالي- كندا
Aucun commentaire