كِيمَا دِيمَا.. تضامُناً مع غزَّة
لا يمكن لمتتبّعي مظاهر الإرهاب الحقيقي المُمَارس من طرف الآلة العسكرية الصهيونية وهي تعيث فسادا في الأرض عبر التنكيل بالأجساد والبنيات التحتية الفلسطينية أيما تنكيل وتشويه إلاّ أن يقرّ بأنّ التواطؤ الدولي والعربي والفلسطيني.. وحتى الأسري والفردي هو المسؤول عن هذه الفضيحة التي تمارس بشكل يومي و « عْلَى عِينْكْ يَا بْنْ عْدّي ». حيث لا يُمكن أن أدع المناسبة تمرّ دون أن ألفت عناية انتباه جلّكم إلى أنكم تتداوون « بالتي كانت هي الداءُ ». إذ لا يُعقل أن تخرج جحافل مُحْتجّة على إبادة سكان غزّة بحصر ذلك براية أو صورة تُرفع أو شعار يُردّد أو بوق في اليد أو شفاه ناطقة بعبارات المساندة والتضامن اللفظي والشجب والإدانة.. وفي نفس الآن مُنتقدة سياسة الدول والرؤساء والملوك و القادة الناهجين نفس سبل التضامن اللفظي والشجب والإدانة.. إضافة إلى « ضَبْطْ النّفْسْ!! ».
ولا أخفي عنكم تأثري البالغ بجحافل هؤلاء المتضامنين الذين عبّروا عن نبل حقيقي لمشاعر إنسانية راقية تسري بجل العالم سريانها من المحيط إلى الخليج جرَّاء قدسية القضيّة، رغم كونها غير كافية بل عديمة التأثير لدرء ما يجب درأه عن شهداء البارحة واليوم والغد. إذ من بين مّا عرّت عنه هذه البشاعة أنّ الفلسطينيين أنواع، « بْحالْ العْزْلاَتْ.. كُلْهَا وْثَمَنْها.. شِي فِلِسْطينِي سُوبِّيرْ، وْشِي سْلاّكِي، وْشِي وْجْهْ الدْرَادْبْ »، حيث يبدُو لمتابع حركات السُخط والاحتجاج في المغرب مثلا أنّ المغاربة فلسطينيون أكثر من الفلسْطينيين أنفُسهم. « حْنَا بْعْدَا كَنْتّاهْمُو إسرَائيلْ وْالمَاريكَانْ.. وْهُومَا شِي كَيْلْصْقْها لْشِي »، وهذا شيء ليس غريبا عن شعب اعتاد عددٌ غير هيّن منه المتاجرة بمعاناة أخوته. حيث يبدُو ذلك جليا في فلسطينيي الحُكْم وأغلب فلسطينيي الشَّتَات الذين تجدهم في فيلات و »كَاتْ كَاتَاتْ » ورفاهية لن تتوفر لأبناء جاليات أخرى ولو بعد أعوام من العمل ليل نهار، إلاَّ إذا صَاروا فلسطينيين بطبيعة الحال.. و »إلاَ كانُو فْتْحِيينْ.. غَادِي يْقْضِيوْ غَرَضْ بْالزّْرْبَة ». إذ لا يُعقل أن يَكُونَ (مثَلا) دَافعك لإقامَة خيمة فلسطينية بالمغرب لترويج « وْريقَاتْ.. وْكْتِيبَاتْ.. وْكُوفِيَاتْ دْفَلَسْطِين » وتخصيص مدخولها « وْفُوقْهُمْ بُوسَة » لأبناء هذا الشعب بالكامل يجعل السفارة الفلسطينية تطالبك بشيك به ثمن المنتوجات بأكملها قبل التسلُّم ومَا يرافق ذلك من تعقيدات قد لا تجدها في اقتناء « زُحَلْ »..
لكن مَا لا أجد له مبرّرا حقّاً هو « آشْ كَايْدِيرْ العْسْكْرْ دْيَالْ الدُّوَل الإِسْلاَمِيَة؟؟ »، هل تواجد العسكر ليسيّر شؤون الرياضة وينكبها؟ هل أُسّس ليُرَاقب مداخيل الغاز الطبيعي وَينهل منها؟ هل دّرّب فقط ليحرس « عَابْدْ الزِّينْ »؟ أم سُلّح ليحرس خيام ذي الدماغ الأخضر إبّان نومه؟ أم كُسِيَ ليتدّخّل إبَّان الأزمة ليوزع أرغفة الخبز بالتساوي؟ أو رُبّمَا لا لشيء إلاّ لنقل جثث الحُجَّاج الذين سقطوا بالتدافع؟ أو لصبّ القهوة لعدوّ مُشترك؟ أم للتنكيل بالمغضوب عليهم والضالين عن دهاليز النظام؟.. دَعُونَا نُشركُ عَسَكرَنَا في تدبيرنا لمَا يقع في غَزّة أرض العزّة، « لاَّ.. حَاشَا وَاش يْحَارْبو.. آرَاوْهُمْ غِيرْ نْشُفُوهُمْ »، إجعَلُوا قادة العسكر يتكَلَّفون بإصدَار بيانات الشجب والإدَانة و »الزْعْتْرْ »، اعقدُوا قمَّة عسكرية عربية رفيعة المُستوى ليتدارس خلالها كبار الضباط أفضل صيغة لبيان يدعو للتروّي وضبط النفس.. « آسِيدِي غِيرْ يْخْرْجُو للزْنْقَة وْيْتْضَامْنُو بْالغْوَاتْ حْتى هُومَا.. آرا غِيرْ يْبَانُو.. إيلاَ كَانُو مَازَالْ عْسْكْرْ ».
إنّنا وَنحْن نتضامن مع غزة على مستوى القاعدة « بَاشْ مَا قْدْرْنَا اللهْ » شجبا ونحيبا وإدانة نعيدْ مَا قمنا به من تضامن إبَان تواريخ الحروب مع الكيان الصهيوني، إضافة لمَا قمنا به من تضامن شبيه أثناء تعرض أفغانستان للتدمير والعراق للتنكيل والشيشان للإزاحة والبوسنة للإبادة، مثلنا مثل صديقين دخلا السينما لمشاهدة فيلم « وِيسْتِيرْنْ »، وشاهدا كيف نصبَ « الشِّيرِيفْ » فخَّا لهندي من الحُمر عبر نبش حفرة وتغطيتها بأوراق الشجر وأغصانه، فراهن أحدهمَا على وقوع الهنديّ في الفخ، في حين ساير الثاني الخيار الآخر، وَعِنْدَمَا شَاهد الاثنان « شْقِيليبْةْ لاَنَدَيَانْ ».. سَدَّد الثاني مبلغ الرِّهَان للأوّل وهو يقُول: « شْفْتْ هَادْ الفِيلَمْ بْزَّافْ دْيَالْ المْرَّاتْ.. وْدِيمَا كَيْحْصْلْ الزُّغْبِي.. حْسَابْلِي غَادي يْحْضِي رَاسُو هَادْ المْرَّة ».
Aucun commentaire