Home»International»كيف يمكن إغلاق معتقل غوانتنامو؟

كيف يمكن إغلاق معتقل غوانتنامو؟

0
Shares
PinterestGoogle+

المشاكل القانونية و السياسية التي يطرحها إغلاق معتقل غوانتانامو

م.بوطريكي
أستاذ القانون الإداري بالكلية المتعددة التخصصات بالناضور

Hassan.boutrigui@gmail.com

هل سيحترم باراك أوباما إلتزامه بإغلاق معتقل غوانتانامو؟ إذا لم يكن هناك شك في الإرادة السياسية للقيام بإغلاق غوانتنامو،فإن هناك جدل حول الطريقة التي سيتم بها هذا الإغلاق، إذ يجب حل العديد من المشاكل القانونية و السياسية قبل قلب الصفحة بصفة نهائية. وكما أشار إلى ذلك العديد من المعلقين فإن هذا لا يمكن أن يتم بين عشية و ضحاها.
تندرج العملية في إطار إستراتيجية عامة تهدف إلى إعادة بناء السلطة الإخلاقية للولايات المتحدة الامريكية تجاه باقي دول العالم. ولهذه الغاية يجب التصرف بسرعة للتخلص من الإرث المقلق لإدارة بوش.

إن الخسائر التي أحدثها غوانتنامو على صورة و مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية تتطلب خطة حازمة و فعالة في أقصر الآجال. فإذا إرادت أمريكا أن تظهر للعالم كزعيم تكمن سلطتها في قوة قيمها أكثر مما تكمن في قوتها العسكرية،فمن الضروري التصرف بسرعة .و بالنظر إلى القيمة الرمزية التي إكتسبها معتقل غوانتنامو خلال السنوات الأخيرة فمن غير المستبعد أن يكون الإعلان عن إغلاقه من الخطوات الأولى الرسمية للإدارة الجديدة.
و يجب التذكير أولا بمعطيات المشكل:فمن بين مئات المعتقلين الذين إستقبلهم معتقل غوانتنامو خلال السنوات الأخيرة،لم يبقى إلا حوالي250 معتقل. تم إدانة ثلاثة منهم: بقي إثنان منهم بعين المكان لقضاء عقوبتهم و الثالث دافيد هيكس من جنسية أسترالية تم إطلاق سراحه حديثا بعد قضاء بضعة شهور في سجن بلده.

وقد أعلن البنتاغون أنه من بين المعتقلين الذين بقوا في معتقل غوانتنامو هناك خمسن معتقل يعتبرون خطرين. ومع ذلك ،فإن الإتهامات لم توجه إلا ضد 17 شخص منهم بشكل رسمي. و هؤلاء ستتم محاكمتهم قريبا من طرف اللجان العسكرية.
في هذه الظروف، فهناك على الأقل 200 شخص لم يتهموا بأي شيء وحسب السلطات الأمريكية لا يشكلون أي خطر. ومن بينهم هناك لا جئون وأشخاص بدون جنسية ورعايا العديد من البلدان من بينهم اليمن والعربية السعودية. فماذا يمكن العمل بهؤلاء الأشخاص.ذلك هو السؤال المركزي؟ فحسب القانون الدولي يمنع على الولايات المتحدة الأمريكية ترحيل هؤلا ء الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية إذا كان هناك خطر لخرق حقوقهم الأساسية. وفي الوقت نفسه ليس هناك بلد مستعد لإستقبالهم .ويتعلق الأمر هنا بمشكل سياسي يجب على الإدارة الأمريكية الجديدة حله عن طريق التفاوض. ومن المتوخى أن يكون هناك جو جديد للتعاون بين الولايات المتحدة و حلفائها و أن يكون من شأنه تشجيع التوصل إلى إتفاق بخصوص هذا الموضوع. و يجب أن تكون الولايات المتحدة مثالا نموذجيا بأن تقرر إستقبال عدد من هؤلاء الأشخاص غير المرغوب فيهم في بلدانهم الأصلية .
ويهم الوجه الآخر للمشكل الأشخاص الذين كانوا موضوع إتهام رسمي و الذين تعتبرهم السلطات كأشخاص خطيرين. ففيما يخص هؤلاء ،فإن الإدارة الأمريكية لم توجه لهم إتهاما محددا.وكما أبانت عنه بعض المحاكمات أمام اللجان العسكرية،فإن هذا يرجع إلى الضعف الجلي لملفات الإتهام أكثر مما يرجع إلى الرغبة في حماية المعلومات الحساسة بالنسبة للأمن القومي. و إذا لم يف اوباما بما صرح به في العديد من المرات ،أي بعدم اللجوء إلى اللجان العسكرية، فإن مسألة المحكمة المختصة لمحاكمة هؤلاء الأشخاص تبقى مطروحة. و الفرضيات ليست محدودة.

فالخيار الأول وهو خيار يلقى بعض الدعم من طرف مساعدي أوباما بل و حتى في بعض الأوساط الأكاديمية: و يكمن هذا الخيار في محاكمة هؤلاء المعتقلين من طرف محاكم متخصصة في الأمن القومي و التي سيتم إحداثها بهذه المناسبة.غير أن مثل هذا الحل لا يبدو مع ذلك هو الحل الأكثر تلائما بالنسبة لاوئك الذين هم مقتنعون بأن إنشاء محاكم إستثانئية ليس بالضرورة هو الحل الأفضل لضمان المساواة أمام القانون في بلد ديموقراطي.
كما يمكن أن يمثل المتهمون أمام المحاكم العادية المدنية أو أمام المحكمة العسكرية التي ستطبق مقتضيات مدونة القانون العسكري .وفي كلتا الحالتين يمكن للمتهمين أن يتمتعوا بضمانات و أن يحاكموا من طرف محاكم بمعنى الكلمة.صحيح أن هذه الضمانات ستمنع إنتاج الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق الإكراه البدني، ولكن أليس هذا هو الثمن الذي يجب أن يدفعه بلد ديموقراطي للحفاظ عن هويته و قيمه التأسيسية؟
إن اللجوء إلى المحكمة العسكرية يمكن أن يكون مشروعا بالنسبة للأشخاص الذين ألقي عليهم القبض خلال الصراع المسلح في أفغانستان طبقا لمقتضيات القانون الدولي الإنساني.

و يمكن لهذا الخيار أن يطرح مشكلا فيما يخص الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم خارج أي نزاع دولي مسلح.و الحل الأمثل هو الذي أثاره كاتب الدولة الأسبق كولين باول منذ سنة خلت،ألاو هو محاكمة هؤلاء الأشخاص من طرف المحاكم العادية المدنية التي أثبتت أنها قادرة على إدارة العدالة في قضايا مماثلة. و يشهد على ذلك العديد من المحاكمات التي تمت في هذا المجال( حالة زكريا الموساوي مثلا). فلماذا إعتبرت المحاكم المدنية التي عملت جيدا في مثل هذه الحالات على أنها عاجزة في حالات أخرى مشابهة.
إن غوانتنامو يمكن إغلاقه بمجرد جرة قلم خاصة عن طريق التوقيع على أمر تنفيذي من طرف الرئيس.غير أن ما لا يمكن أن تقوم به جرة القلم هاته هو محو السنوات الطوال التي كنا نعتقد فيها أنه بإمكاننا محاربة الإرهاب باللجوء إلى مساطر عادلة و لإتهامات مؤسسة لدرجة أن الحل المقترح لم يعمل إلا على مفاقمة المرض الذي كان من المفترض معالجته، بل وكان هناك تشكيك حتى في دولة القانون ذاتها التي تعتبر من ركائز الديموقراطية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *