Home»International»بلاد العجائب والغرائب

بلاد العجائب والغرائب

0
Shares
PinterestGoogle+


من وحي كلام
من سها في عيونها؛ فنام ورأى عبدا مضيافا يقوده في أدغالها؛

حيث روى ما رأى

وقال: ما رويت سوى ما نسيت وما نسيت سوى ما رويت

من رِواية راويه بلا سند وعمدة القول على قارئه

عبد ربه المستظل بوارف عطائه
النائم الحالم

عندما قيل لي أنت في بلاد العجائب والغرائب، فلا تستغرب ما تراه، وما تسمعه، وما يفعل.. صمت لحين بدا لي الكلام ضربا من التهريج والسفسطة وضياع الحروف بين شفاه، تمتد زمانا إلى العجز الساكن في ردهات الذات المبتلاة بالحوقلة، المسلوبة الإرادة من نبع الحياة، المنبعث من نور النبي عليه الصلاة والسلام، المرسل إلى البيت المعمور، بدعاء أبيه النبي المرتضى عليه سلام الله؛ القادم من الجهة اليمنى، الباحث عن السر الإلهي المدفون بين الجبال، الغائر في باطن الأرض: أن الماء نبع حياة إن امتدت إليه يد طاهرة، مسكونة بالإعمار، مجنونة بالعطاء للذات التي فارقتها من كينونتها المصدر إلى كينونتها الجمعية المرجع، المعبر عنها بالقول الاجتماعي المبتور من أصله الإنساني: الكون كون مادمت فيه أنا وأنت وأنتِ وأنتم وأنتن ذوات في ذات تستغرق الذوات؛ منها أنا ونحن نعود إلى قول وفعل متطابقين في عملة التطهر السوسيولوجي؛ الذي سكن أوطانا منذ زمن بعيد غير وطني المتناثر بين الأوطان! وغير هذا الاسم المكون من كل الأسماء، وعَمَّر ديارا حتى صارت أوطانا في ناطحات سحاب، يعلوها الغمام، فيستحي أن يمر من فوقها تعظيما لمن بناها وعمرها من الأنام! ونطق اللسان بذكره شاكرا مَنِِِِْ علمه الاجتماع في بنية مجتمع مفارق للنبع الصادر عن الإيمان. هنا استوطن نبع الحياة قوما ما هم بقومي، سميتهم مجازا عجما، وما عجمتي منهم غير ظلام دامس في أفق حياة مبتذلة، منتصبة بين الأكل والشرب والتناسل، زاخرة بالروث المخصب للأرض، الملوث للماء والهواء.. المبجلة من رعاة البقر في أدغال السياسة، المخضبة بحناء الانتظار الدائم من راع زارنا ذات يوم، عندما أفسد عنه الرعي ذئب التمس الغنيمة في قطيعه بالدائرة الأولى، المعشوشبة بخمائل الحمد لمن مد نصف المائة واحتفظ بنصفها الثاني إلى حين الثغاء بالمجد له لمدى خمس سنوات عجاف قادمات يأكلن الدهر كله، في غفلة من المائة!.. سميتهم عجما والعجمة في فكري بحيرة راقدة آسنة، تنبعث خمائرها من كراستي التي توطن العلم في عقلي، وتصنع ليدي حرفة أسترزق منها، عندما أغدو مواطنا صالحا مهلوسا بالحروف والأرقام والأشكال والألوان، ساكنا في عباب الخبز المتموج بأمواج الحياة، المسحوق في مطاحن السراب، الملفوف في أوراق الهدايا، المكتوب في بيانه: صالح للتخدير مدى الحياة، بوصفة: أطعمهم قدر الفتنة وانقص قليلا؛ حتى تراهم سكارى وما هم بسكارى، حينئذ ابق على الخبز والماء طعاما لجياع تستهوي الانتظار في خطبة أو وعد بالفعل، وما الفعل منه سوى انتظار!.. حكمة من سميتهم عجما وما عجمتي من عجمتهم سوى غربة ذات في وجود بلا وجود، وفي حد بلا حدود، نوعي من نوعهم غير نوعهم، وشكلي من شكلهم غير شكلهم، وعقلي من عقلهم غير عقلهم!؟ ترى ما الجنون حين أستيقظ من سبات ما فتئ يراود العيون؟! ويخامر العقول؟!.. عندئذ أتعلم أن البناء وطن حين يستوطنه قلم ويد وفعل وحرية ومصطلح سوسيولوجي مركب من نون وحاء ونون، وتفنى همزة ونون وألف ممدودة بالتفسخ في قاموسه الاجتماعي، ويحيى فيه واجب وحق، قول وعمل.. عندئذ أعود إلى النبع الفياض بهمس الفسيلة قبل الموت، وبالعطاء قبل الأخذ.. ماذا تقول أيها الزائر لبلاد العجائب والغرائب؟ أسهوت أم نمت؟.. ألا تدري أن هنا استوطن الجهل والفقر والخوف؟.. ألا تدري أن هنا نبع من استرخى ظله تحت شمس الاستهلاك؟ وساءت صحته بكثرة الهضم والقضم لمنتجات الفناء؟.. ألا تدري أن هنا شبه حيوان ناطق سائب في براري وطن بلا وطن، هائم في مخمصة فعل وما فعل، وإن فعل، ما فعل سوى قولا بلا عمل؟!.. لغة الأدغال والبراري والصحاري، لغة الإبل والأبقار والأغنام والماعز، وما خلق الله من أنعام مدجنة وغير مدجنة، في قاموس من قال: هذا قطيع أول والآخر قطيع ثان وثالث ستحدثه الخريطة الموسومة بالوحدة إلى حين اللاوحدة، ووحدة اللاوحدة!.. ألا تدري أيها الزائر الكريم، لا كرم هنا سوى كرم الجود والعطاء والمنحة؟ منه استقى الوجود وجوده ومنح حدوده: لا قول يعلو فوق قولي، وما القول سوى قولي؛ أنت مني ولا عودة لك إلا إلي، فأنت صوتي، ورقم من أرقامي، مكتوب في لائحتي، أنك تقطن دائرتي ذات الرقم الزائد عن حاجتي. لا أستسيغك إلا لائحة من لوائح جماعتي، التي تنادت هيا إلى الأرقام، التي مافتئت أن تكون إلا أرقاما من بين ملايين الأرقام. فاسعدي أيتها الأرقام، جئناك بعد خيبة أمل في نسخي، فأنا النسخة الأخيرة من طبعة لا فائدة ممن مروا من هنا، فاحذروا التقليد! فالتقليد لا جودة فيه؛ غير أني أجود من نسخي؛ حيث تجددت دمائي وتشبب وجهي المتجعد، وانتصبت قامتي رغم التواء وانحدار ظهري، فلا الزمن بقاهري ولا نوائب الدهر بهازمي، فأنتم مني وأنا لست منكم إلا حين أصحو على طلب جماعتي أن الغد للأرقام.. للعب بالأوراق فوق طاولة المجلس الساكن في المركز والأطراف.. عفوا يا صاحبي ما فقهت منك القول، غير أني فهمت أن بلادكم مبتلاة مثلي بالقول الجميل، الساكن في أبراج أحلامي، المروي فيها أن الغد قريب، وما الصبح ببعيد، وما الفجر غير ركعتين يتبعهما دعاء وامتطاء جواد للرحيل، والتزود بزاد المهاجر لبلاد العجائب والغرائب إلى بلاد الفطاحل والصوائب، من نهلوا من النبع المروي بشهد القول والعمل، بجميل فناء الذات لأجل الذوات، في ربوع أوطان ضاقت بهم إلا السماء، فساحوا فيها أحياء لا أموات.. من تسموا بالعبيد لا بالأرباب، ومسحوا من على أديم الأرض كل معبود من زبد وشمع وسراب، من تنادوا في القوم ما أنتم بأحرار إن صرتم أنعاما

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. SEGHIR ali
    07/07/2006 at 11:34

    Eh oui vous étes vraiment un philosophe Mr abdelaziz لقد ذكرتني بالفعل بسنوات الجامعة خلال السبعينيات ، وما ادراك ما سنوات السبعينيا ، وما ادراك ما نضال السبعينيا بالجامعة ، بالفعل لقد سرحت انا ايضا مع الحكاية -الواقع ، ولا يسعني الا ان اعترف لك الأخ عبد العزيز بقوة الكتابة ، وجماليتها ن وأقف اجلالا امام طريقة التعبير عن واقع بقي في اذهاننا  » يلوح كباقي الوشم ظاهر اليد « 

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *