Home»International»صحوة كولن باول : هل جاءت متأخرة أم انها العودة الى تقرير المصير لعبودية السود الامريكيين

صحوة كولن باول : هل جاءت متأخرة أم انها العودة الى تقرير المصير لعبودية السود الامريكيين

0
Shares
PinterestGoogle+

 مصطلح الصحوة إعتمده الامريكيون في تجربتهم السياسية والعسكرية في الانبار غرب العراق، يشيرون به الى انحياز وانقلاب موقف الشخص الى نقيضه تماما. فالمجموعات المتهمة سابقا « حسب الرؤية الامريكية » بالتعاون مع  » القاعدة » او مع المقاومة اعلنت توبتها عبر عدد من التشكيلات والعشائر وهيكلت نفسها بالتعاون مع الجيش الامريكي وانحازت الى صف عدو وخصم الامس العسكري والسياسي المتمثل بالاحتلال وتوابعه الحكومية. وهكذا الحال قياسا يمكن القول ان انحياز الجنرال كولن باول الى صف المرشح الديمقراطي اوباما وانقلابه بدرجة 180 درجة سيثير الكثير عن الجدل عن هذا الجنرال الجمهوري المنشق عن عصا طاعة حزبه ليؤيد ترشيح خصما ديمقراطيا في لحظة تأريخية حاسمة في تأريخ الجمهوريين وهم يهمون في إخلاء سفينتهم الغارقة في أهوال الاعاصير المالية والطبيعية والسياسية وحتى العسكرية في كل من العراق وافغانستان.
       باول الجمهوري،، وزير خارجية بوش في لحظة شن الحرب على العراق قال انه سيبقى جمهوريا. وهو لا يخفي انه من أصدقاء جون ماكين، ولديه علاقات مع شخصيات كثيرة واسعة منذ ولاية جورج بوش الأب، فهو رئيس هيئة اركان حربه في العدوان الثلاثيني على العراق المسمى  » عاصفة الصحراء » أو  » تحرير الكويت »، وهو قوي الصلة، على الأخص مع وزير الدفاع آنذاك، ونائب الرئيس الحالي ديك تشيني. فهو ضمن نخبة العسكريين والدبلوماسيين الذين استغلهم المحافظون الجدد في العدوان على العراق.
      شغل باول الذي يبلغ من العمر 71 عاما في حياته المهنية الطويلة منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأسبق رونالد ريغان. كما تولى هذا الجندي السابق في فيتنام رئاسة أركان الجيوش الأميركية في 1990 وذاع صيته بشكل خاص إبان عملية « عاصفة الصحراء » بعد اجتياح العراق للكويت عام 1991. وفي 1996 فهو أول أميركي من أصل أفريقي يتولى رئاسة الأركان طرحت لبرهة فكرة ترشحه إلى الرئاسة في مواجهة الديموقراطي بيل كلينتون. لكن حظوظه كانت أقل وهكذا ظل في قائمة الانتظار حتى شغل منصب وزير الخارجية في الولاية الأولى للرئيس بوش الابن بين عامي 2001 و2005. دافع خلالها عن فكرة شن الحرب على العراق في خطابه الشهير على منبر الأمم المتحدة من خلال تقارير كانت مزيفة وبعيدة عن الحقائق. وبعد استقالته من وزارة الخارجية اعترف بأنه إرتكب أكبر خطأ في حياته المهنية كعسكري محارب وكدبلوماسي  قبل أن يدين « الأكاذيب » التي ساقت بلاده إلى الحرب، لكنه ظل ينأى بنفسه عن سياسات الإدارة الجمهورية من دون أن يحرق جسوره تماما مع خلفيته السياسية كأحد قادة الحزب الجمهوري. الجنرال كولن باول عرف عنه كرجل عسكري وسياسي معروف ومن أصول افريقية – جامايكية – له خبرة طويلة في المجال العسكري (35سنة في العسكرية) وصل بها الى أعلى منصب عسكري في الجيش الامريكي كرجل أسود. وفي عام 2001عينه جورج بوش الابن كأول وزير خارجية في ادارته، وعقب الموافقة على ترشيحه أصبح رسميا اول وزير خارجية امريكي من أصول افريقية.
       دافع باول مرة اخرى عن دوره في الاستعدادات لغزو العراق، مؤكدا انه « تصرف بنية خالصة بناء على معلومات استخباراتية » شعر انها « تظهر ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يمتلك اسلحة دمار شامل ». لكنه مثل كل القادة الامريكيين لم يكرر اعلان ندمه ومراجعة مواقفه التي جرت واحدة من أكبر الكوارث لا على المنطقة والعالم بل على الدولة الامريكية نفسها التي تغرق سفنها الواحدة تلو الاخرى في الازمات. وكعسكري لم يعترف بعد  بمجمل أخطائه العسكرية ودوره في العدوان على العراق من خلال سياسة التدمير الشامل التي انتهجتها القوات الامريكية في تدمير كل بنية العراق الاقتصادية والعسكرية منذ عام 1990 والى اليوم.
     لا يمكن تفسير عقلية وذهنية كولن باول في موقفه الجديد وانعطافه الحاد في مساره السياسي هل هي خيبة أمل ناجمة عن سقوط مريع للامبراطورية الامريكية الذي كان يحلم ان يكون احد أبرز بناتها. أم انه شعر انه نفذ الواجبات القذرة التي أوكلت اليه ويتقاسم مع الجنرالات والدبلوماسيين البيض لطخة وسمعة الجرائم الامريكية. واذا كان شعوره دونيا وبهذه الدرجة فان تأييده لاوباما لا يشرف اوباما ولكن قد يلعب دورا في حراجة موقف ماكين كجمهوري لازال يفاخر ويكابر ويدافع ان أخطاء الادارة الجمهورية للبيت الابيض ويسعى الى استمرار الحرب في العراق وارسال المزيد من القوات الى العراق وافغانستان رغم آفاق وتباشير الهزيمة الامريكية العسكرية في هذين البلدين.
       ورغم أنه نفى ان يكون راغبا في العودة الى الحكومة في حال انتخاب اوباما من اجل اصلاح سمعته السياسية. وهي الحقيقة التي لم يفصح عنها لخيانة شجاعته الادبية والسياسية من الاعتراف بذلك. لكنه عبر في ثنايا تصريحاته الاخيره تعاطفه مع أحد أبناء جلدته من السود القادمين الى السلطة وهم قطعا سيكونون أكثر ولاء لسادتهم البيض ولاملاءات مراكز القوى في الولايات المتحدة وفي مقدمتها اللوبي الصهيوني. قال كولن باول:  » ان عليه ان يكون مستعدا للخدمة في الادارة الجديدة اذا طلب منه الرئيس ذلك » وأضاف ايضا من باب الاحتياط من الفشل : « لكنني لست متحمسا على الاطلاق لقبول ذلك ». ويرى في أوباما  » انه أكثر قدرة من منافسه الجمهوري جون ماكين على معالجة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وأكثر منه استعدادا لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم ». ولم يقل كولن باول من الذي أوصل سمعة الولايات المتحدة وموقعها العالمي الى الحضيض الا أمثاله من الخدم المطيعين لإملاءات البيض. انه لم يتخلص من عبوديته عندما نفذ كل شئ من دون رفض وتبعته السمراء كونداليززا رايس وهاهو سياسي أمريكي جديد يكثر الجدل حوله وخاصة عن أصوله الافريقية واسلام عائلته. ان علمانية النظام الامريكي وديمقراطيته تفرز حقيقتهما الجدالات الواسعة حول أحقية السود في الوصول الى السلطة وعاد حديث المنافس الجمهوري ماكين الى ارشيف وملفات دولته بربط اوباما بالارهاب وعلاقته بالاسلام من خلال والده حسين اوباما واصوله الافريقية.

      أضاف باول خلال حوار تلفزيوني يوم الأحد 19 اكتوبر:  » أعتقد أنه شخص أحدث تحولا هائلا، ويمثل جيلا جديدا ظهر على المسرح السياسي الأميركي والعالمي، ولهذا السبب قررت التصويت لصالحِ باراك أوباما ». وبهذا الاعلان جرت المفاجئة ويعاد السؤال هل يريد كولن باول ان يستعيد جلده الذي نزعه في حمامات العنصرية البيضاء خادما مطيعا من فيتنام الى العراق أم انه يجدد الامل الذي يراود كل عبد في التحرر من سلطة المال والقوة والسياسة في عصر العولمة الامريكية. و لهذا وبعد أن تغير العالم كله وسخط من جرائم البيض الامريكيين يحاول منح الفرصة للسود الامريكيين.
     يشيد باول بقدرة أوباما على استقطاب جميع فئات المجتمع الأميركي: « لقد تمكن من تخطي جميع الحواجز العرقية والعنصرية والحواجز بين الأجيال، وهو يرى أن القيم موجودة في جميع القرى والبلدات، وليست مقصورة فقط على المدن الصغيرة ». وهي حقيقة اكتشفتها الشعوب قبل القادة الامريكيين البيض الذين ينتظرون خلاصهم ولو على يد مسيحي أسود ينكر اسلام عائلته واسلامه والتمسك والتشبث بلبوس الديمقراطية الرأسمالية التي تستعبد كل شئ الجنس والمال والبشر تبعا لقانون المصلحة لا غير.
هلل الديمقراطيون واولهم اوباما لتصريحات باول اكتفى الجمهوريون بالصمت حول موقفه. وقال ماكين خلال حوار تلفزيوني معه : « لقد ظللت على الدوام أحترم الجنرال باول وأعجب به، ونحن أصدقاء منذ زمن بعيد، ولكن تأييده لأوباما لم يكن مفاجئا لي؛ غير أنني سعيد أيضا لحصولي على تأييد أربعة من وزراء الخارجية السابقين وهم كيسنجر وبيكر وإيغبيرغر وهيغ،كما يشرفني أنني حصلت على تأييد أكثر من 200 من جنرالات الجيش السابقين ».
   ان موقف كولن باول هذا يصب في مصلحة ماكين قبل مصلحة اوباما لعدة اسباب منها : اولا : انه سيسعر من حدة الحملة الانتخابية ويدفعها باتجاه عنصري وعرقي لدفع الاغلبية البيضاء للتصويت لماكين رغم وضعه المتراجع.
ثانيا: ان كولن باول انتهى كجنرال متقاعد لم يحقق مجدا يذكر للامبراطورية الامريكية وفشله مرتين الاولى في غزو العراق في 1991 وبقاء صدام حسين في السلطة وثانيهما احتلال العراق ربيع 2003 الذي لم يحقق نصرا لا سياسيا ولا عسكريا لبوش المهزوم فان صوتا منسوبا لكولين باول لا يقدم ولا يؤخر سوى كمادة اعلامية في خضم حملة اعلامية انتخابية تنسي الشعب الامريكي فواجع وفضائح الازمة الاقتصادية العالمية التي كانت احدى مسبباتها السياسة الامريكية التي اسهم في رسمها كولن باول نفسه.
    لا بد من التذكير انه وقبل اسبوع فقط لم يقل باول شخصيا في المقابلة التي أجرتها معه شبكة التلفزيون الأمريكية « أي. بي. سي » مساء الخميس الماضي إنه يدعم أوباما كما سرب أحد المقربين منه الى الصحافة؛ ولكن باول كال المديح للمتنافس الديمقراطي أوباما فجأة، وقال إنه يعتقد أن « خطابه عن العنصرية كان خطابا حكيما »، الشيء الذي أعطى انطباعا واضحا وأوليا أنه سيدعم أوباما. وعندما سئل عما إذا كان يدعم أياً من المتنافسين قال بول « أعرفهم جميعا ولا أريد أن اتخذ موقفا « .. وهنا لابد من التساؤل ما الذي تغير بين الخميس والاحد هل هي صحوة أم تنفيذ العبد لأوامر الاسياد عندما قرروا النزول المبكر عن السفينة الجمهورية الغارقة في بحار الأزمات المتلاحقة والصفعات المتلاحقة على وجه ادارة بوش؟
اعترف باول في هذه المقابلة أنه التقى مع أوباما أكثر من مرة وأجرى حديثا مطولا معه وبالتالي فقد كون فكرة إيجابية عنه. وانه تحدث الى كلا المرشحين باراك اوباما، وجون ماكين وراقبهما جيدا، ومن ثم توصل الى ان اوباما يمتلك القدرة على قيادة امريكا في المستقبل. ان سر  » توصله » يبقى بمثابة المعنى في قلب الشاعر. ان موقف كولن باول غير الحاسم يذكرنا بقول أحد الاعراب في المفاضلة بين ابقاء المبايعة مع الامام علي وغريمه المنشق عليه معاوية بن ابي سفيان في ترجمة للانتهازية السياسية في مثل هذه الظروف عندما قال أحدهم  » الصلاة مع علي أثوب والاكل مع معاوية أدسم والبقاء على التل أسلم ». وعلى نفس المنوال قال كولن باول ما نصه في الاسبوع الماضي: [ان كل من اوباما وماكين يصلح لتولي قيادة القوات المسلحة، الا انه اضاف، في المقابلة التليفزيونبة، ان اوباما هو الافضل لمعالجة الازمات الاقتصادية، وتحسين وضع الولايات المتحدة في العالم وماكين أدرى بالشؤون العسكرية والاستراتيجيات الدولية].
    يقال عندنا كلما زاد صراخ البراح امتلئت صينية جمع المال بالدنانير وهكذا تناقلت جميع وكالات الانباء أخبار سخاء الحملة الانتخابية في وقت تعلن أمريكا دولة ومؤسسات انها تقف عند حافة الافلاس فمن سنصدقه في هذا اللغط الاعلامي حول المال وصراعاته السياسية. ان المال يقرر عدد الاصوات للفوز بالبيت الابيض ومن سيخدم هذا المال ابيضا كان ام اسودا فهو عبده غير المتحرر حتى ولو اقسمت الديمقراطيات الغربية على كل اناجيلها بفرص المساواة التي تكفلها الديمقراطيات الغربية للبشر مهما كانت الوان جلودهم.
 
     وهكذا تمكنت حملة المرشح الديمقراطي السناتور باراك اوباما من جمع مبلغ 150 مليون دولار في شهر سبتمبر/ايلول الماضي في خطوة غير مسبوقة في الحملات الانتخابية الرئاسية. وقد مكن هذا التمويل الجديد سيناتور أسود من توسيع رقعة التنافس، وتدعيم افضليته المالية امام منافسه الجمهوري جون ماكين.
    وسجل اوباما رقما قياسيا فى حجم الاموال التى جمعها لحملته اثناء السباق التمهيدي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي. وبتمويل سبتمبر تصل قيمة الاموال التي جمعها اوباما الى الان 605 مليون دولار، وهو رقم لم تشهده الحملات الرئاسية من قبل. ولم توفر حملة اوباما مزيدا من التفاصيل، الا انها يجب ان تسلم تقريرا شهريا الى لجنة الانتخابات الفيدرالية الاثنين.
     ومن المسموح لحملة اوباما ان تجمع هذا الكم من الاموال حيث ان اوباما قد قرر سابقا عدم الحصول على تمويل رسمي لحملته، مما يسمح له بالحصول على أموال لاحدود لها من الافراد والمؤسسات الخاصة.
اما ماكين فقد اختار الاستفادة من النظام الرسمي لتمويل الحملات الانتخابية والذي يحدد ما يحصل عليه بـ84 مليون دولار لشهري سبتمبر واكتوبر/تشرين الاول قبيل موعد الانتخابات.
     كل هذا يجري والعالم يبكي على بنوك ومؤسسات أمريكا المفلسة ويتدافع أغنياء العالم وشيوخ خليجنا البترولي لسد شهية وجشع أمريكا على حساب الجياع الذين سيزدادون فقرا سواء وصل العبد الرأسمالي الابيض ماكين أو المملوك الاسود أوباما الى سدة الحكم في واشنطن

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبدالقادر الفلالي- كندا
    29/10/2008 at 13:25

    يُدَرِّسُون في علم النفس السياسي مادة قائمة بذاتها يصطلح عليها » السلوك الإنتخابي، وسلوك صانع القرار » ويفضون إلى نتيجة تمسح الجوانب النفسية للمترشح ومسحا أعمق لنفسية الناخب، يحددون هوية صاحب القرار. والخلاصة تؤكد أن خلال حرب الخليج الأخيرة 2003وزير خارجية أمريكا آنذاك « كولن باول » لم يعلم ساعة ضرب العراق في حين علمتها شخصية عربية قبله…استاء « باول » للمعاملة المشينة بل وثار غضبه الأمر الذي لم يمد في ولاية ثانية مع العلم أن « باول » تمتع بكاريزما الرجل السياسي، الرجل الدبلوماسي، قائد الحروب، رجل المصداقية

    تؤكد التحاليل أن الشعب الأمريكي في الوقت الراهن ليس مستعدا لتحكمه سيدة ولا رجل أسود.يُغريك الناخب الأبيض في أمريكا بتصرحات ضد بوش وأتباعه لكن حينما يتعلق الأمر بلون البشرة وقضايا الأمن القومي والحلفاء، فانسى كل الآمال

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *