جـائحة كورونا تعـقد الوضع في هولندا وألمانيا
بقلم لحسن بنمريت عزاوي ـ هولندا
لا زالت جائجة كورونا تحصد المزيد من الأرواح، وتخرب البيوت وتغلق المصانع وتبعد الأحبة والأقارب عن زيارة بعضهم ، وتدخل الخوف والحزن في النفوس. ورغم كل الاحتياطات والتدابير المتخدة عالميا وفي كل الدول تقريبا ،الا أن الجائحة رفضت المغادرة وأصرت على البقاء ولم يبق لنا الا انتظارالفرج من الله عز وجل أولا، ومن ثماراللقاحات المرتقبة ثانيا.حينئذ ستكون هذه الجائحة العاقة والعنيدة مضطرة للانصراف تاركة وراءها الكثير من الضحايا البشرية والتبعات المختلفة الأخرى المتمثلة في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية .
بالنسبة الى هولندا،الأمور تعقدت أكثر، حيث أن عدد الأشخاص الجدد الحاملين للفيروس بلغ يوم الخميس 31 دجنبر 2020 حوالي 9719 مصاب في يوم واحد،وبلغ عدد الأشخاص الموجودين في المستشفيات 2828 منهم 724 شخص في أقسام الانعاش .أما عدد الوفيات بلغ في نفس اليوم 109 حالة وفاة، بينما كان معدل الأسبوع الماضي 87 حالة وفاة يوميا، والأسبوع ما قبله 73 حالة وفاة يوميا .ومن خلال هذه الأرقام يظهر جليا أن منحى الجائحة في تصاعد ويشكل خطرا على المواطنين وضغطا على المستشفيات حسب مصدر المعهد الهولندي للصحة العمومية والبيئة ـ ريـفـم ـ
من جهة أخـرى ، صرح السيد « ديدوريك كومرس » رئيس الجمعية الهولندية لأقسام الانعاش بهولندا الأسبوع الماضي، أنه اذا استمر هذا المنحى التصاعدي للجائحة على هذا النحو، فسنكون مضطرين في هولندا الى الاعلان عن » الكود الأٍسود » وذلك في الأسبوع الأخير من شهر يناير 2021. أي،أن الأطباء سيكونون مضطرين لانقاذ البعض وترك البعض الآخر يلقون مصيرهم .وفي نفس السياق ، أعلن مدراء 19 مشتشفى من اصل 92 مشتشفى تغطي التراب الهولندي في الأسبوع ذاته ، بأن المستشفيات مملوءةعن آخرها ، ولم يعد هناك اي سرير فارغ لأي مريض كان ، وأن الطاقة الاستعابية بلغت ذروتها وعلى المرضى في حالة حرجة أن يتوجهوا الى مستشفيات أخرى .ومن بين الأسباب التي زادت الطين بلة وعقدت الأمورأكثرهي الزيارات والتنقلات والاختلاطات بمناسبة الأعياد الدينية وأعياد راس السنة وكذلك السلالة المتحورة الجديدة الذي ظهرت في بريطانيا و في جنوب افريقيا والذي انتشرت بسرعة في هولندا بعدما أكد اليوم المعهد الملكي بلندن أنها خطيرة جدا وتنتشر بسرعة وخصوصا بين الأطفال.
أما بالنسبة للجارة ألمانيا ، فالوضع يبقى حرجا وخطيرا، حيث أن عدد الوفيات ليوم الخميس 31 دجنبر 2020 بلغ 1129 وفاة و32000 مصاب في يوم واحد . وهذه الأرقام المفزعة والمرعبة وفي يوم واحد، لم تعرفها المانيا منذ ظهور الجائحة .علما أن المانيا تملك نظاما صحيا متقدما،ولها من المستشفيات والكوادرالطبية والالات الحديثة والمتطورة التي كان من المفروض أن تكون نسبيا محصنة لكن شراسة الجائحة كانت اقوى .هذا، فان نسبة العدوى في المانيا، كانت نسبيا منخفضة مقارنة بدول أوروبية كبيرة أخرى .حيث وصلت النسبة الى 1,7 مليون بينما في دول أخرى كانت جد مرتفعة .في فرنسا مثلا 2,6 مليون والمملكة المتحدة 2,4 مليون وايطاليا 2,9 مليون واسبانيا 1,9 Robert Koch Instituutمليون حسب ما أعلن المعهد الألماني المتخصص ـ
فيما يخص اللقاح ، اعتمدت كل من هولندا وألمانيأ لقاح أكسفورد » أسترا زينيكا » بالمملكة المتحدة وتقدمت كل منهما اضافة الى فرنسا بطلب شراء 300 مليون جرعة .الا أن المشاكل التي لحقت هذا اللقاح في الأسابيع الماضية، و تخبط المشرفين عليه على تحديد كمية الجرعة التي يمكن أخذها ،وعدم قدرة علماء بريطانيا باقناع نظرائهم في أوروبا وداخل منظمة الصحة العالمية ببعض الأمور التقنية المتعلقة بنسبة الجرعات التي يمكن حقنها ، جعلت الترخيص لهذا اللقاح تتوقف الى حين. لكن المختصين على لقاح « أسترا زينيكا » استطاعوا في الآونة الخيرة التغلب على كل الصعاب ، وتمت الموافقة من الجهات المعنية على استعماله وتسويقه على أمل أن تتبعها دول أخرى في تبنيه وترخيصه ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية ،التي من المنتظر أن تتم الموافقة فيها خلال شهر ابريل حسب العالم الكبيرالسيد منصف السلاوي ،وطبعا بعد موافقة منظمة الصحة العالمية .
أما اللقاح المتوافق عليه والتي دخلت كميات كبيرة منه الى ألمانيا وهولندا ،هواللقاح الأمريكي الألماني » فايزر بيونتيك » . حيث شرعت المانيا في تلقيح مواطنيها بدءا بالفئات الأكثرعرضة للوباء، أما هولندا فتشرع في ذلك يوم 8 يناير من الشهرالجاري.
الى جانب ما ذكرناه ، فهناك مآسي أخرى تسببت فيها الجائحة في بلجيكا .بحيث تسبب مواطن بلجيكي وهو احد ابناء الحي التابع » لبلدية مور » في كارثة غيرمتوقعة بعد القيام بزيارة لدورللمسنين ،متنقلا بين الغرف بغية تقديم هدايا « بابا نويل » اليهم ،وادخال الفرحة والبهجة على قلوبهم. لكنه مع الأسف، لم يكن يعلم انه مصاب بوباء كوفيد. فكانت النتيجة كارثية حيث انتقلت العدوى الى الكثير من المسنين .توفي منهم الى حدود كتابة هذه السطور 27 شخص ، وهناك أزيد من 100 مسن ،لا زالوا يعانون من الوباء ويرقدون في المستشفيات،ومنهم من يوجد في حالة حرجة .
أخيرا وبسبب التداعيات التي تسببت فيها جائحة كورونا، ليس فقط في ألمانيا وهولندا، بل في أنحاء المعمور، تبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة بعد الدعاء لله سبحانه وتعالى أن يرفع هذا الوباء،هي الاقبال على التلقيح .هذه العملية التي ستنطلق بقوة خلال هذا الشهر في أغلب الدول الأوروبية .
Aucun commentaire