Home»International»ماذا تعرف عن صفقة القرن ؟

ماذا تعرف عن صفقة القرن ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
يترقب العالم كله والإسلامي منه على الخصوص، الكشف الرسمي عن كل بنود ما سمي إعلاميا ب »صفقة القرن »، وفي آخر تصريح له، ذكر غاريد كوشنير، عراب الصفقة، بأن الكشف التفصيلي للصفقة سيكون بعد رمضان المعظم.
فما هي صفقة القرن؟ وهل هي جديدة ومن ابتكار الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب؟ أم لها بعد تاريخي قديم، وبالتالي لم يفعل ترامب رفقة مستشاريه الثلاثة المشهورين سوى لملمة أطراف الصفقة وتجميعها في كتاب من فئة حوالي 200 صفحة؟ وما هي الأطراف المعنية والمباشرة لتنفيذ الصفقة؟ ومن هم السياسيون الذي يعدون وحدهم من اطلعوا عليها اطلاعا كاملا قبل الإعلان الرسمي عنها؟ وما هي حيثياتها وأهدافها حسب ما تم تسريبه لحد الآن؟
إن الحديث عن موضوع الصفقة كفكرة يعود لسنة 2004، حيث أعد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال جيورا إيلاند دراسة نشرها في مركز بيجين- السادات ( (be-sa، تحدث فيها، لأول مرة، عن الوطن البديل، وأن على إسرائيل أن تستحوذ على الضفة الغربية حيث تقام المستوطنات بشكل تام، وفي المقابل يتم تعويض الفلسطينيين بأراضي ضخمة شمال سيناء. وقال بأن مصر بتنازلها عن جزء من سيناء تكون شريكا في الحل للقضية الفلسطينية. وقد برر الجنرال اقتراحه بأن القضية الفلسطينية هي مسؤولية كل الدول العربية، كما اعتبر من غير المعقول أن يبقى العرب منتظرين إسرائيل لتقدم لهم الحل على طبق من ذهب.
ويبدو من خلال هذا الكلام أن الصهاينة في كل مخططات (التسوية) يعتبرون أنفسهم ضحية، وأن المسؤولية ملقاة على العرب، وكأن هؤلاء العرب هم المستعمرون الحقيقيون لفلسطين، وبالتالي عليهم أن يجدوا حلا للقضية.
منذ 2004، أي منذ الدراسة التي أعدها الجنرال الصهيوني جيورا، ومباشرة بعد تولي ترامب الرئاسة الأمريكية إثر انتخابات مشبوهة لعب فيها الدب الروسي دورا كبيرا، سيكون أول من تحدث عن صفقة القرن هو ليبرمان وزير الدفاع الإسرائيلي، ثم أخذ يتحدث عنها بعده، تماهيا، بعض زعماء العرب في المنطقة.
كل ما وصلنا عن الصفقة، كان مصدره تصريحات قيلت هنا وهناك، أو من خلال ما نشرته بعض الكتب الحديثة ككتاب « نار وغضب » للكاتب الأمريكي مايكل وولف، أو من خلال ما بثته بعض القنوات الأمريكية كقناة إي. بي. سي. والخبراء والمتابعون يؤكدون أن عدد الذين اطلعوا على الصفقة كاملة وبأدق تفاصيلها لا يخرج عن أربعة وهم ترامب، وصهره اليهودي وتلميذ نتانياهو غاريد كوشنير، الذي اعتبر عراب الصفقة، ومحامي ترامب السابق ومبعوثه للشرق الأوسط غيسون غريمبلات، والسفير الأمريكي في إسرائيل فريدمان، ولكن بقي شخص خامس عربي قيل أنه هو الوحيد الذي تم إطلاعه على الصفقة لكونه يمارس نوعا من الممانعة، ولأنه يملك بقوة القانون الإشراف المباشر على المقدسات الإسلامية والمسيحية في أرض فلسطين، كما يمكن أن يلعب دورا حاسما في إقناع الفلسطينيين لتوفير غطاء فلسطيني لتمرير هذه الصفقة، ولأن بدون هذا الغطاء لا يمكن الحديث عن أي صفقة سواء كانت صفقة القرن أم صفقة الزمن كله، وهو الملك عبد الله.
إن أهم الشركاء في هذه الصفقة هم إسرائيل على اعتبار أنها تستولي ظلما وعدوانا واستعمارا على أكبر جزء من فلسطين وأنها تعاني الويلات من جراء العمليات الاستشهادية المباركة التي تقض مضجعها وتقتلع النوم من جفون أبنائها، رغم أن القضية في منظور الثوراة (العهد القديم) لن تقف عند أي صلح مهما كان، على اعتبار أن الحرب الكبرى مطلوبة دينيا وتسعى إليها المسيحية الصهيونية لتحقيق مشيئة الرب، كما تتعارض كلية مع تحقيق ما يسمى بمشروع إسرائيل الكبرى التي تمتد من الماء إلى الماء حسب سفر التكوين الآية 15- 18- 21.
وبالإضافة إلى إسرائيل تعد السعودية والأردن ومصر والعراق من أهم الأقطاب الذين سيلعبون دورا هاما، ليس في تسوية القضية الفلسطينية وإنما في تصفيتها كما سنرى. حيث ترمي الصفقة إلى ترحيل الفلسطينين إلى ما يسمى بالوطن البديل، من خلال عملية تبادل كبيرة للأراضي، سبقتها مجموعة من التمهيدات والتي في حقيقتها ما هي إلا مراحل من عمر الصفقة، منها:
– قطع الولايات المتحدة الأمريكية تمويل الأونروا المختصة باللاجئين الفلسطينيين، والضغط على جميع المنظمات الدولية لتفعل ذلك. مع العلم أن في الأردن وحده يوجد أزيد من 2 مليون لاجئ فلسطيني، بمعنى أن هذه التمهيدات تقوم على مبدأ التجويع مقابل القبول بالصفقة، أي هي تمهيدات جهنمية ضاغطة لا غير، وإلا فما جدوى قطع المؤونات على لاجئين حقهم في الأكل والشرب والعمل يتم وفقا لقوانين ومواثيق دولية.
– اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل وحذفها من أي مفاوضات.
– نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
– اعتراف أمريكا ومطالبتها لدول الجوار الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت على الضفة الغربية والتي تضم 650 ألف إسرائيلي. في أفق بناء مستوطنات جديدة تضم مليون ونصف مليون إسرائيلي.
– اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالدستور الجديد الإسرائيلي الذي يقول بأن إسرائيل دولة قومية يهودية والشعب اليهودي هو صاحب الأرض.
بعد هذه التمهيدات الخطيرة، كلف محمد بن سلمان بمهمة الترويج للخطة، حيث قام بجولات مراطونية لدول الجوار بعضها علني والبعض الآخر سري، اعتمدت على إقناع أولائك الذين سيكون لهم دور مهم في إنجاح الصفقة تمهيدا لعملية تبادل الأراضي حتى يتم تحويل الفلسطينيين عن طريق إغرائهم بتحويل أرضهم الجديدة (غزة الكبرى) إلى جنة تشبه سنغفورة. فعلى الأردن أن يتنازل عن جزء من أرضه وهي منطقة (الغمر والباكورة) المحاذية للضفة الغربية حتى يتم إلحاق فلسطينيي الضفة بها. مقابل ذلك تعوض السعودية الأردن بجزء من أراضيها المحادية لها أي من جهة الشمال، على أن يتم تعويض السعودية بأخذ جزيرتي تيران وصنافير المصريتين والتي دفعت ثمنها مسبقا للسيسي. وأما مصر فهي مطالبة بالتنازل عن جزء من شمال سيناء وتلحقه بغزة (غزة الكبرى) أو غزة فورة على غرار سنغفورة. وثمن الأرض ستدفعه السعودية بالمليارات.
– ففي منطقة الغمر والباكورة المقتطعة من الأردن والمحاذية للضفة يوضع فيها جزء من الفلسطينيين ويعطى لها حكم ذاتي تحت السيادة الأردنية وسيسمى الأردن بالأردن الكبير. وأما فلسطينيو الضفة فسيرحلون إلى غزة والجزء اللصيق بها من العريش الذي تقدر مساحته ب 750 كلم مربع تنازلا من مصر مقابل مكتسبات خيالية كنذكرها فيما بعد.
إن من أهم المكتسبات التي ستحصل عليها مصر من خلال هذه الصفقة أنها ستكون، حسب الوثيقة، شريكا أساسيا في الحل، وستحصل مقابل الجزء من العريش الذي ستمنحه ليكون جزءا من غزة الكبرى على جزء من صحراء النقب. بالإضافة إلى حصولها على نفق بري يربطها بالأردن يكون تحت سيادتها، وهو نفق مدعم بأنبوب غاز والسكك الحديدية. كما على البنك الدولي أن يقوم بتمويل عمليات تحلية مياه للمصريين لمواجهة الفقر المائي. وسيسمح لها بتعديلات في اتفاقية كامب ديفد حتى يستطيع الجيش المصري السيطرة على جنوب سيناء. كما أن الدول الغربية وخاصة فرنسا سيوافقون على أن تبني مصر مفاعلا نوويا للاستعمالات السلمية. وأما في حالة موافقة مصر على إسهامها الكامل لإنجاح الصفقة فإن الطريق سيكون سالكا وممهدا لحصول رئيسها على جائزة نوبل للسلام.
هذا عن مصر، فماذا عن مكتسبات الفلسطينيين؟ فحسب الوثيقة فإن الفلسطينيين سيحضون ب 750 كلم مربع تطل على البحر الأبيض المتوسط، وسيكون لهم الحق في التنقيب على الغاز الطبيعي، والحصول على ميناء ومطار كبيرين ودوليين، و ستبنى لهم مدينة جديدة بمعايير معاصرة (غزة فورة) تشبه سنغفورة. فضلا عن تمرير أنبوب غاز يصلها من السعودية.
وأما عن إسرائيل، حسب الوثيقة، لم يتحقق لها شيء سوى أن تحتفظ ب 12 في المائة أكثر من المتوطنات وتحتفظ بجميع الأماكن الدينية المقدسة.
وفيما يخص الأردن الذي يبدو لحد الآن ممانعا ومنسجما مع خيارات ومطالب الشعب الأردني، ومتشبثا بعدم بيع القضية، ولكن ظروفه الاقتصادية الداخلية والضغوطات التي تمارسها عليه أمريكا والسعودية قد تدفعه إلى القبول بالصفقة، وفي حالة قبولها سيحضى بمكتسبات عديدة منها: منظومة جديدة للطرق والسكك الحديدة، أنبوب النفط الذي سيربطها بغزة، والحصول على منفذ نحو البحر الأبيض المتوسط.
وأما مكاسب السعودية فيبدو أنها غير معلنة ولكن جميع الاحتمالات تحصرها في مكسبين اثنين المكسب الأول هو إقصاء إيران من ألا يكون لها أي دور في المنطقة، وتحويل الملك من سلالة عبد العزيز إلى سلالة سلمان.
أما على مستوى التمويل لصفقة القرن فلابد من الذكر بأن المبلغ المعتمد لإنجاز الصفقة هو 700 مليار دولار، إذ ستقدم اليابان 100 مليار دولار مقابل أن تقوم أمريكا بحمايتها من الصين، وتقوم كوريا الجنوبية بتقديم 100 مليار دولار مقابل حمايتها من كوريا الشمالية، وأما كندا فستساهم بمبلغ 50 مليار دولار، وأمريكا ب100 مليار دولار، فيما سيساهم الاتحاد الأوربي ب150 مليار دولار وتبقى أكبر حصة في عملية التمويل من نصيب السعودية التي ستساهم ب200 مليار دولار.
أما عن كيفية صرف وتوزيع هذه المبالغ الكبيرة فسيكون على الشكل التالي:
سيتم تقديم 250 مليار دولار للأردن منها 80 مليار دولار لاقامة مدن وبلدات وشبكات ري مياه وكهرباء في المنطقة المذكورة والمحاذية للضفة الغربية لتوطين الفلسطينيين مع عائلاتهم على أن يبقى للموازنة الأردنية 170 مليار دولار تنتشل الأردن من أزمته المالية والتي هي بحدود 45 مليار دولار، مما سيجعل الأردن يحصل على 125 مليار دولار كي يقوم ببناء مصانع وبنية تحتية وكهرباء ويعزز اقتصاده بهذا المبلغ الذي لم يحصل عليه الأردن في تاريخه.
وسيتم تسليم مصر 250 مليار دولار تصرف منها مائة مليار على توطين مليون فلسطيني في العريش وسيبقى لها 150 مليار دولار دعما لها لانتشالها من الأزمات الخانقة منها البطالة والفقر على الخصوص. كما سيتم تقديم 200 مليار دولار للعراق لتوطين مليون ومائتي ألف فلسطيني في العراق خاصة في المناطق الشمالية كمحافظة صلاح الدين ونينوى والأنبار حيث تنتشر الأكثرية السنية في هذه المناطق على أن يحصل العراق على مائتي مليار دولار ويتم صرف 50 مليار دولار على توطين مليون و200 ألف فلسطيني لبناء المساكن والأبنية لهم مع طرقات ومستشفيات ومصانع، فيما تحصل الخزينة العراقية على 150 مليار دولار لأنها في عجز كبير نظرا للفساد الذي هدر أموال العراق منذ الحرب الأميركية عليه عام 2003.
ولكن نلاحظ أن مما لم تذكره الصفقة هو أن إسرائيل لم تقدم أي تنازلات، وأن الصفقة في حقيقتها مجرد عملية سرقة كبيرة للأراضي الهدف منها إنهاء دولة اسمها فلسطين بشكلها التاريخي واختزالها في غزة الكبرى مع إسقاط عودة اللاجئين، مقابل حصول إسرائيل على الشرعية الدولية بالحدود الجديدة المتفق عليها مع العرب، وإسقاط المسؤولية التاريخية عنها على اعتبار أنها دولة احتلال واغتصاب وعدوان. وبالتالي لن يكون هناك أي جدوى من الحديث عن صبرا وشاتيلا ولا الحرم الإبراهيمي ولا جنين ولا أي مجزرة من مجازرها، وكأن هذا الاتفاق سيكون بمثابة ممحاة تمحو كل الماضي بما أصبحت عليه الآن كصديق جديد للعرب وجارة تابت مما سلف والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. كما سيتم إنهاء أي مقاومة فلسطينية واعتبارها إرهابا بإجماع دولي.
ويبقى السؤال مطروحا: هل يستطيع حلف إسرائيل أميركا السعودية تصفية القضية الفلسطينية بتنفيذ المرحلة الأخيرة من صفقة القرن، أم سيواجهون ممانعة قوية من طرف الفصائل المجاهدة في فلسطين والشارع العربي الذي من المفروض أن يكون أشد غضبا من ذي قبل؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *